إسماعيل الفخراني

في ليل بهيمrlm;,rlm; وغموض مريبrlm;,rlm; تعرضت الإرادة المصرية لجولة شريرة من الغطرسة الأمريكية تمكنت خلالها من تخليص عملائها وجواسيسها من قبضة العدالة وتسفيرهم في أمان علي متن طائرة عسكرية أمريكية هبطت علي أرض مطار القاهرةrlm;.

وظلت أكثر من عشرين ساعة في تحد للمشاعر المصرية والكرامة الوطنية حتي أقلت كل المتهمين الأجانب, وطارت في زهو وانتصار مخلفة وراءها ما لحق بنا من خزي وعار!
صحيح إن القلب لينزف دما وكمدا جراء ما حدث من اغتيال السيادة والإرادة والكرامة المصرية, وحتي لا نتمادي في حالة البكاء علي اللبن المسكوب أو الحق المسلوب فإن الأجدي أن نفكر في رد موجع نسترد به كرامتنا وعزتنا, ولهذا لن استرسل في سرد التفاصيل التي يعلمها الجميع وسأقتصر في هذا المقال علي الرد البناء بدلا من العويل والبكاء.
أولا: رفض المعونة الامريكية لأنها باب من ابواب الذل والمهانة وسلب الارادة وضياع الكرامة, وان يكون ذلك في اطار مراجعة شاملة لاتفاقية كامب ديفيد. إن كرامة الشعب المصري يمكن أن تصنع الأعاجيب فقد سمعت ورأيت أجيرا يتكسب عشرة جنيهات في اليوم يريد أن يدفعها لمصر ويقبل أن يبيت جائعا ولسان حاله يقول:
لا تسقني ماء الحياة بذلــة.. بل فاسقني بالعز كأس الحنظل ماء الحيـــاة بـــذلـــة كجهنـــم.. وجهنــــــم بالعـــــــز أكـــــــــرم مـــــــنزل
ثانيا: منع ومقاومة ومراقبة كافة المنظمات المريبة الحقوقية والانسانية وغيرها.
ثالثا: إن ما فعلته أمريكا غباء سياسي فاضح وقرصنة دولية لن تجني من ورائها إلا مزيدا من الخسارة وكراهية الشعوب وتشويه صورتها,وكشف حقيقتها الهشة والمزيفة والمتناقضة والديكتاتورية, والكيل بمكياييل عدة لمفاهيم الديمقراطية والحرية وحقوق الشعوب وإرادتها واستقلالها واحترام القضاء إلخ.. إن الذي لا تعلمه أمريكا جيدا هو طبيعة الشعب المصري الذي وإن بدا عليه كثيرا ملامح السماحة والصفح والسلم والطيابة إلا أنه إذا ثار لا تستطيع أي قوة اخماده مهما كانت لأنه يمتلك من الطاقات الكامنة ما تعجز عن إدراكها ومعرفتها تقنيات وعلوم أمريكا بل العالم كله, يملك القدرة علي بذل حياته وروحه ثمنا لكرامته وعزة بلاده, هذا الشعب هو الذي انتصر علي إسرائيل في73 محطما المعجزة العسكرية كما كانوا يدعون ـ هذا الشعب الذي قيل عنه خانع ومستسلم هو الذي خلع الديكتاتور مبارك في ثمانية عشر يوما. إن الحياة تهون عند أهل الشرف والكرامة والإيمان لكنها تهون أكثر عند الضغط وسلب الإرادة واغتيال العزة والكرامة.
رابعا: علي برلمان الثورة, خاصة لجنة العلاقات الخارجية, أن تبين للشعب المصري حدود وحجم العلاقة مع أمريكا وإسرائيل, وكيف وصل الأمر إلي هذا المستوي من التدخل السافر واستباحة أجوائنا ومطاراتنا وقضائنا وغير ذلك؟ وأن ينطلق البرلمان من هذه الأزمة لوضع ضوابط العلاقات الخارجية في إطار الكرامة والعزة والإرادة المصرية, والتعامل بالمثل وليت ذلك يراعي في إطار الدستور والقانون.
خامسا: إن مصر تجر جرا إلي معارك كثيرة, كبيرة وصغيرة, ضخمة, وحقيرة, والهدف من ذلك افساد الثورة وإعادتنا إلي المربع صفر أو ما قبله والرد العملي هو مزيد القوة مع الحكمة وترتيب الأولويات, وأحسب أهم أولوياتنا الآن هي ضرورة وحدة الصف المصري في مواجهة هذه التحديات والمعارك وذلك للاستمرار في بناء قواعد الدولة وبإعداد الدستور واختيار الرئيس. سوف يجرنا أعداء الثورة إلي معركة الدستور وافتعال مشكلات مثل نسبة البرلمان والإخوان في لجنة صياغة الدستور فلنكن عقلاء حكماء ولنعلم أن الكمال المطلق في أي صياغة بشرية غير موجود, فالإنسان يصيب ويخطئ, والدستور ليس قرآنا, ولكنه صناعة وصياغة بشرية من الممكن تغييرها أو تعديلها في أي وقت أو ضرورة, إذن فلنهدأ ولنتجنب استنزاف طاقتنا ولندخرها فيما يفيد حتي لا نحقق أهداف أعداء الثورة.
سادسا: إن هذه القرصنة والغطرسة الأمريكية جعلتنا ندرك ونتأكد يقينا أن ما بيننا وبين الغرب وخاصة أمريكا وإسرائيل هو عداوة عقدية واستراتيجية أكدها التاريخ وأكدها القرآن ولايزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم إن استطاعوا.. لهذا فعلي نفسها جنت براقش بهذه الحماقة والقرصنة, حيث أكدت لنا جميعا ضرورة اختيار رئيس واضح الرؤية لم يتغير موقفه ولم يتلون, ينطلق فكره من ثوابت العقيدة والدين حتي إن تدلت لحيته علي صدره فإنها مصر المسلمة وشعبها المؤمن, وليس بعد كرامتنا وإرادتنا من شيء نخشي عليه وليس هؤلاء ـ الأمريكان والصهاينة ـ أو غيرهم من أهل العهود والمودة بل هم من أهل الغدر والخيانة والتآمر علي مصر, فلن نرضي الدنية في وطننا وديننا وكرامتنا, ونعمل لهم خاطر باختيار رئيس تفصيل توافقي علي مقاسهم, لا ولتشرب أمريكا نتائج سياسة القرصنة.
سابعا: لقد أخطأ المجلس العسكري خطأ فادحا حين وافق علي هذه القرصنة الأمريكية تحت أي ظرف من الظروف ومع ذلك فإنني أتوجس خيفة من أي مواجهات أو مظاهرات تنال من جيشنا ومجلسه.. لماذا؟ لأن هذا قد يكون هدفا لأعداء الثورة, خاصة أمريكا وإسرائيل لكسر هيبة جيشنا واضعافه والذي لن يصب إلا في مصلحة إسرائيل, فلنحذر كل الحذر من هذاالمخطط, وبيننا وبين المجلس مائة يوم تقريبا وبعدها يسلم السلطة إلي الرئيس المنتخب وشكرا علي أدائك أيا كان صوابا كان أم خطأ.
ثامنا: تنحي المستشار محمد شكري عن محكمة التمويل الأجنبي دليل علي كرامة ونزاهة القضاء المصري وليس كما يثار أو سيثار من محاولات النيل من القضاء, ولاشك أن في كل مجتمع أو كيان نفوسا ضعيفة, لكن دليل قوة القضاء يتمثل في رفض هذه النفوس وابعادها وهذا دليل علي صحة القضاء ونزاهته ورب ضارة نافعة ولعل هذه المشكلة تكون دافعا للمجلس الأعلي للقضاء لإعادة وقراءة وبحث قضايا ومحاكمات مبارك وأعوانه والوقوف علي حقيقتها وعلي ما يثار حولها من شبهة التباطؤ والتواطؤ, وأحسب أن مجلس القضاء جدير بذلك, وحريص علي استقلال القضاء وأن يظل كما كان دوما ملاذنا الآمن والعادل والمستقل والنزيه.
تاسعا: القراصنة الأمريكان والصهاينة لم يكتفوا بـتخليص عملائهم من قيد العدالة بل عمدوا إلي صناعة فتنة بين صفوف المجتمع المصري حيث اشيع أنهم أرسلوا برسالة شكر إلي كل من الإخوان والمجلس العسكري علي تسهيل مهمتهم! الأمر الذي كذبه بشدة الإخوان المسلمون, وهذه الشائعة تفرض علينا التدبر والحذر ورفض مثل هذه الافتراءات التي لا تتوقف والتي تهدف إلي تشويه وتفتيت الإرادة الشعبية وخياراتها البرلمانية وصولا إلي هدم مصر واسقاط الثورة, ولهذا فإن الحذرمن هده الأكاذيب والشائعات فريضة شرعية ووطنية.
عاشرا: بقي أن أذكر بدور مفروض يسبق كل هذا وهو أن نحب مصر لأن أعداءها كثر وأن ننصرف إلي نهضتها ورقيها وتقدمها بالعمل والحكمة والإيمان وألا ننجر إلي مستنقعات جانبية تصرفنا عن طريق الثورة ومسار النهضة.
بالأفعال والأعمال لا بالكلام والأقوال يكون الرد الحقيقي علي هذه القرصنة وعلي غيرها لتبقي مصر دوما مرفوعة الهامة.. لا ولن يضرها, إن شاء الله ـ كيد الكائدين أو حقد الحاقدين أو قرصنة الأمريكيين.