جاسر عبد العزيز الجاسر

في البدء لا بد من الإشادة بأي خطوة تُساعد على توطيد العلاقات بين الدول العربية، وبالذات تلك التي تعزز العلاقة مع العراق الذي يكاد الوجود العربي ينحسر عنه بعد تفشي نوع من الكراهية ضد العرب في بعض أطيافه في ظل الحكام الجدد، ولهذا فلا بد من الإشادة والتنويه بما أُنجز بين المملكة العربية السعودية والعراق بعد توقيع اتفاقية تبادُّل المحكومين بعقوبات سالبة للحرية بين البلدين.

الاتفاقية التي وقّعت في الرياض من قِبل وزيري العدل في البلدين الدكتور محمد عبد الكريم العيسى وحسن الشمري جرى الحديث عنها منذ وقت طويل، وأخذت زمنًا أتاح للمختصين في البلدين مراجعة بنودها لتأتي متوافقة مع الجوانب القانونية والحقوقية والإنسانية، وقد اعتبرها الكثير من الحقوقيين وخصوصاً العاملين في مجالات حقوق الإنسان في كلا البلدين، اتفاقية مقبولة تُحقق الغرض وإن خلتْ من معالجة وضع المحكوم عليهم بالإعدام، هذه الفئة التي تحتاج إلى اهتمام وإلى تكثيف الاهتمام بوضعهم، وهو ما أشارت إليه المصادر السعودية والعراقية التي أوضحت بأن ملف المحكوم عليهم بالإعدام قابل للتفاوض، وإن لم يحسم حتى الآن إلا أن ما أُنجز وما تحقق سيفتح المجال لمعالجة هذا الملف في المستقبل.. والمستقبل القريب. خصوصاً أن قنوات الاتصال بين الجهات العدلية في البلدين من خلال وزارتي العدل ستكون بينهم اتصالات متواصلة لتنفيذ بنود الاتفاقية التي تُشكِّل تطوراً جيداً يُسجِّل تأطيراً حسناً للعلاقة بين البلدين العربيين والجارين اللذين يرتبطان بوشائج وعلاقات قوية ضاربة في العمق وإن اهتزت هذه العلاقة بسبب تنامي تيارات طائفية وانتهازية روَّجت للكراهية وصوَّبت سهامها نحو الدول العربية، وبالذات تجاه المملكة العربية السعودية محمِّلة إياها مسؤولية أعمال وتصرُّفات جهات متطرفة، إلا أن اتضاح الرؤية للعقلاء من العراقيين وانحسار التيار الشعوبي الكاره للعرب وتبيان الحقيقة التي أكدت بأن المملكة العربية السعودية من أكثر دول الجوار دعماً للاستقرار في العراق، وأنها الدولة الأكثر ضبطاً لحدودها والتي أصبحت الآن من أكثر الحدود تأميناً ومراقبة بعد استكمال بناء الجدار الأمني الذي يغطي كل الحدود مع العراق والمُزود بأجهزة مراقبة إلكترونية وأبراج مراقبة ودوريات لا تتوفر إلا في الدول الأكثر تقدُّماً في هذا المجال.