عماد الدين أديب

إذا أردت أن تتهرب من المسؤولية الأدبية أو الأخلاقية أو المادية لأي خطأ أو جريمة عليك أن تختار بين 3 أمور: إما أن تكذب بمعنى النفي الدائم، أو أن تحول الموضوع إلى لجنة تقصي حقائق لا تصل إلى نتيجة، أو أن تقول: laquo;تعالوا نعرف الأشياءraquo; بمعنى ما هي الجريمة؟ وما هو تعريف القاتل أو القتيل؟! وما فعله نظام الحكم في سوريا أنه فعل الأشياء الثلاثة دفعة واحدة: نفى وأنكر، وادعى تشكيل لجنة تحقيق، وأدخل الجميع في متاهة التفسيرات!

نفى النظام أن هناك مجازر تتم ضد المدنيين السلميين العزل، وادعى أنه كان في حال الدفاع الشرعي عن النفس والوطن والمصالح العامة ضد laquo;العصابات المسلحةraquo; التي تريد تدمير الشرعية لصالح قوى أجنبية تتآمر على سوريا laquo;المقاومةraquo; وlaquo;الممانعةraquo;!

وأعلن نظام الحكم في سوريا أنه يشكل لجانا من أجل التحقيق في أي اتهامات أو تجاوزات، وأيضا يشكل لجانا من أجل الإصلاح السياسي ومقاومة الفساد في كل قطاعات الدولة، ومن أجل عمل إصلاحات دستورية جذرية.

أما الإجراء الثالث، وهو مربط الفرس عندي اليوم، فهو إدخال الجامعة العربية، وكوفي أنان، والمجتمع السوري في متاهة العبارة المفضلة لدى الرئيس السوري بشار الأسد: laquo;قبل أن نتناقش تعالوا نحرر المفاهيمraquo;!

فإذا قلنا مثلا: لماذا لا يتم تحرير الجولان حتى الآن؟ يقال لك: تعال نحرر مفهوم laquo;التحريرraquo;! هل هو القدرة على التحرير المادي للأرض دون تحرير السيادة؟ وإذا قلنا: نريد laquo;الإصلاح السياسيraquo;، يرد عليك: ماذا تقصد laquo;بالإصلاحraquo;؟ هل هو النسق الغربي الذي أثبت فشله، أم على النسق الشرقي الأوروبي الذي ما زال تحت التجربة؟ إذن ليس أمامنا إلا النموذج الوطني القومي البعثي!

كل هذا laquo;الهراءraquo; استنفد شعبا عظيما مثل الشعب السوري، وعطل عقول نخبة رائعة مثل النخبة السورية، وأضاع جهودا ومساهمات رأسمالية تجارية نشطة للغاية مثل شريحة الرأسمالية السورية المهاجرة في كافة بقاع الأرض من الخليج إلى أوروبا، ومن الصين إلى أميركا اللاتينية.

ويقال: إنه في إحدى جلسات الفريق الفني للمراقبين الذين أوفدتهم الجامعة العربية عندما كان يتم الشكوى من المواطنين العزل حول دور laquo;الشبيحةraquo; الذين يقومون بالمجازر ضد المدنيين، بدأ مسؤول رسمي بعثي في طرح السؤال التالي على المراقبين:

laquo;ماذا تقصدون بالشبيحة؟raquo;، هل هم عصابات تمثل طرفا ثالثا مدسوسا، أم هم قوى إرهابية تحاول الإساءة للنظام السوري؟ أم هم قوى وطنية استنفرها التآمر على الحكم الوطني في البلاد فقررت أن تنزل إلى الشارع للدفاع عن هذا الوطن العظيم، وهذا النظام الوطني؟!

بالله عليكم.. هل هناك رد مهذب على هذه الأسئلة!