محمد صالح المسفر
الحديث مع الدكتور صائب عريقات عن الشأن الفلسطيني لا يمل فهو يعلم حق العلم الموضوع الذي يتحدث فيه، وهو مراوغ من الدرجة الاولى في احاديثه العامة. انه مسؤول، لا يستطيع ان يقول كل ما يعرف وخاصة عن بعض القادة العرب وما يفعلون بقضايا الشعب الفلسطيني، فكل حياته حقول الغام سياسية ليست لها خارطة يستطيع المشي على ضوئها دون ان تتفجر فيه وفي ملفاته .سالت الدكتور عريقات في الصالون الثقافي للسيد سعد الرميحي ماذا جنيتم من اتفاق اوسلو؟ راح يتحدث حول الموضوع دون ان يروي عطشي من نهر معرفته فيما جنت عليهم تلك الاتفاقية البغيضة. لم يتسن لنا مناقشة هذا الموضوع باسهاب مع واحد من اهم واعظم واعلم المفاوضين الفلسطينيين واكثرهم مهارة وحنكة لان كل من حضر ذلك الصالون اراد ان يجد ضالته عن الشأن الفلسطيني من مرجع فلسطيني امين .
اردت ان اقول لكبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور عريقات ان الاسباب التي قادتكم الى اوسلو هي خوف الشهيد ياسر عرفات رحمه الله ان يفقد سلطته بعد احداث احتلال الكويت عام 1990، وراح فريق مفاوض الى واشنطن يرأسه الدكتورحيدر عبد الشافي وكاد ان يُسدل الستار على ياسر عرفات وانهاء دوره، لكنه تدارك الموقف وراح من وراء الستار يعاونه فريقه ابو مازن وابو علاء وغيرهما من الاباء والابناء الى اوسلو في سرية يجرون حوارات ومفاوضات مع الاسرائيليين بعيدا عن اعين الخلق، وحوارات اخرى كانت تجري في مدريد امام العالم اطرافها دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية الاخرى والدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي والمجموعة الاوروبية واسرائيل .
اردت ان اقول ان اتفاق اوسلو نكبة ثالثة للشعب الفلسطيني بعد نكبة 1948، ونكبة 1967 لان منظمة التحرير الفلسطينية تحولت من حركة كفاح مسلح الى حركة تنشد البقاء كسلطة مسيطرة على البعض باي كيفية كانت. في ظل اتفاق اوسلو كما نعلم تحولت المنظمة من حركة تحرر وطني الى حركة تؤدي 'وظيفة' لاسرائيل تتمثل في استمرار اسرائيل في سيطرتها على الاراضي، بينما تكون مسؤولية السلطة الفلسطينية عن الفلسطينيين المقيمين في الضفة وقطاع غزة، ولم تقبل اسرائيل بنقل السيادة الى الفلسطينيين، وستبقى معظم الضفة الغربية تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي .
الدكتور عريقات يستشهد باقوال الكثير من الاسرائيليين والغربيين لاقناع سامعيه بما يريد اقناعهم به، وهنا انضم اليه في الاستشهاد بأقوال بعض الاسرائيليين في شأن اتفاق اوسلو. يقول السيد داني روبنشتاين ـ صحافي اسرائيلي ـ 'ان اتفاق اوسلو لم يقدم ولو تلميحا حلا للمشاكل الاساسية القائمة بين اسرائيل والفلسطينيين' ونذكر بان اتفاق القاهرة عام 1994 قد اكد دون لبس ان تبقى السيادة الاقتصادية والعسكرية في المناطق التي تحت سلطة عرفات لاسرائيل.
'يقول نائب محافظ القدس الاسبق ميرون بنفنستي معلقا على توقيع اتفاق القاهرة آنف الذكر' ان هذا الاتفاق يمنح الادارة العسكرية الاسرائيلية صلاحيات لدرجة يصعب على المرء ان يصدق عينيه وهو يقرأ 'سلطة حصرية في التشريع، والتقاضي، وتنفيذ السياسات' وايضا 'المسؤولية عن ممارسات هذه السلطات بما ينسجم مع القانون الدولي' الذي تؤوّله امريكا واسرائيل كيفما شاءتا. كذلك يحتفظ القضاء الاسرائيلي بسلطة حق النقض ضد اي تشريع فلسطيني قد يعرض المصالح الاسرائيلية للخطر .
يقول الدكتور صائب عريقات اننا قد جنينا فوائد كثيرة من اتفاق اوسلو اهمها ان اسرائيل اعترفت بان منظمة التحرير الفلسيطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهذا اعتراف كبير لان اسرائيل كانت لا تعترف بشيء اسمه الشعب الفلسطيني، قلت لاستاذنا الدكتور صائب في مقابل هذا اعطيتم اسرائيل اعترافا بالحق التاريخي في فلسطين وهذا ما كانت اسرائيل تحلم به، اذن انتم منظمة التحرير اعطيتم لاسرائيل دون وجه حق ذلك الاعتراف، الامر الثاني لقد توسعت اسرائيل في عملية الاستيطان في الضفة الغربية ومدينة القدس وهي في طريقها الى تهويد المدينة المقدسة كاملة، قاطعني استاذي الكبير بالقول كم مساحة البناء الذي شيدته اسرائيل حتى الان في الضفة الغربية والقدس انه لا يتجاوز 1.1' قلت وماذا عن الطرق والارتدادات لكل هذه المباني والخدمات، قلت انه رقم تضليلي 1.1 ' غير مقبول لكنه والحق لم يسمعني لانه انشغل بسؤال اخر من احد الحضور.
اردت ان اقول انتم في السلطة تتحدثون عن الديمقراطية كثيرا، لكنكم ناصبتم العداء لحركة حماس التي فازت في الانتخابات ولم تمكنوها من ادارة السلطة منذ اليوم الاول وما كان يفعله دحلان ورجاله والسلطة الامنية في غزة ابان تكليف حماس بتشكيل الحكومة كانت عملية افشال، واردت ان اذكره بما قاله 'ابو علاء' ساعة اعلان النتيجة وعلى شاشات التلفزة العالمية وهو يلوح بيده احتجاجا على النتيجة 'خلينا نشوف شو بيقدروا يساووا' وعندما قال دحلان 'سارقصهم خمسة بلدي' وغير ذلك.
اخر القول: انه حديث لم ينته ولكني اعترف انه سحرني برقته وتواضعه وغزارة علمه وتجربته فتحية له ولامثاله من الشرفاء.
- آخر تحديث :
التعليقات