بسام البدارين

قد لا يعكس صعود مشايخ التيار الإسلامي إلى منصة العمل المشترك مع نخبة من أعضاء مجلس النواب المناكفين في الأردن أكثر من سعي المعارضة الإسلامية للأفادة من الشعبية الطاغية التي يتمتع بها من يناكف الجميع هذه الأيام تحت عنوان ملف 'إستعادة الثروات المنهوبة' بالتخاصية.
ويعرف الشيخ حمزة منصور مسبقا أن الحديث المفاجىء مع جزء من مجلس نيابي لا يعترف بشرعيته أصلا عن الضغط على الحكومة 'لفسخ' عقد بيع شركة الفوسفات ثم إستعادة ثروة الفوسفات للشعب هو حديث رومانسي في الواقع يصلح لأغراض الإستهلاك الإعلامي فقط.
رغم ذلك يبقى ركوب هذه الموجة سلوكا شعبيا بإمتياز قد لا يخدم قضية 'إستعادة الفوسفات' فعلا بقدر ما يخدم أجندة الأخوان المسلمين السياسية وتحديدا الإنتخابية في المرحلة اللاحقة فالإنطباع العام وسط نخبة القرار والحكم اليوم يفيد بأن التيار الأخواني سيشارك في الإنتخابات المقبلة بكل الأحوال وبصرف النظر عن التفاصيل.
وهذه المشاركة لو تقررت داخل المطبخ الأخواني سواء تكتيكيا أو إستراتيجيا تطلبت المصالحة البراغماتية الجزئية مع عدد محدود جدا من النواب حيث ظهر مساء الإثنين الشيخ حمزة منصور مع ثلاثة نواب على منصة واحدة في مقر حزب جبهة العمل الإسلامي معلنا تشكيل لجنة من المؤسسات المدنية والنواب هدفها وضع إستراتيجية لإستعادة ثروة الفوسفات.
قبل ذلك وطوال أشهر وأسابيع قاد الشيخ منصور نفسه عشرات المسيرات والإعتصامات التي تطالب بحل مجلس النواب ولا تعترف بدستورية وشرعيته على أساس أن الإنتخابات التي قادت إليه مزورة تماما. وقبل ذلك هدد نواب تحت القبة بإحراق مقر حزب الشيخ منصور ونتف لحيته أيضا كما رفض منصور عدة دعوات لجانية في البرلمان للمشاركة في مشاورات تشريعية لإنه لا يعترف بشرعية مؤسسة النواب أصلا.
واليوم يعيد الشيخ منصورورفاقه في المعارضة الإسلامية ترسيم وإنتاج الصورة فالعمل مع مؤسسة النواب غير الدستورية والتي تفتقد للشرعية أصبح ممكنا تحت عنوان شعبي جذاب هو ملف الفوسفات الذي لم يعد مسرحا للتحقيق المستقل النزيه بقدر ما أصبح مساحة سياسية لمعارضة برنامج الخصخصة ومناكفة مؤسسات مهمة في النظام وإستقطاب الشارع الذي تجذبه بطبيعة الحال هتافات من طراز إستعادة الثروات المنهوية.
وفيما كان الشيخ منصور بإسم الحركة الإسلامية يعزف هذا التحول في تأسيس شراكة مباغتة مع الجناح النيابي الذي يصعد من جهته في قضية الفوسفات كان وزير العدل الأسبق شريف الزعبي يتحدث علنا عن عملية بيع لأسهم الحكومة قبض ثمنها حيث دخل للخزينة عند بيع الفوسفات مبلغا يساوي 111 مليون دينار ثمنا للصفقة التي يطالب منصور وبضعة نواب اليوم بالتراجع عنها.
إنها بإختصار جاذبية التحدث للشارع ومعه في ملف الفوسفات وهي نفسها الجاذبية التي إستقطبت الحركة الإسلامية إلى طاولة موحدة مع ما يكروفون مشترك لأول مرة برفقة ثلاثة نواب صوتوا لصالح تحويل 16 مسؤولا سابقا للتحقيق بينهم رئيس لجنة التحقيق المثير للجدل أحمد الشقران.
وذلك لا يعني إلا الإستعداد المبكر والثنائي لمخاطبة إتجاهات الرأي العام الإنتخابية خصوصا بعدما قفز الإسلاميون عن موقفهم المعلن المشكك بشرعية ودستورية مجلس قرروا العمل اليوم مع بعض أعضائه مما يوحي بأن المعلومة التي تسربت على لسان رئيس وزراء سابق تحدث أمام 'القدس العربي' قد تكون صحيحة حيث قال بأن جماعة الأخوان المسلمين قررت المشاركة في الإنتخابات المقبلة فعلا بصرف النظر عن القانون الجديد كما قررت تقاسم مقاعد البرلمان المقبل مع قوى الثقل العشائري بعد إسقاط مبدأ 'المواطنة' من حساباتها.
ذلك قد يحصل على الأرجح في ظل تفاهم لا تلام عليه الحكومة الحالية مع الجبهة التي يترأسها رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات بحيث ترعى مؤسسات الدولة والنظام تقاسما مفترضا للنفوذ بين كتلتين كبيرتين في الواقع اليوم هما الثقل العشائري والتيار الإسلامي، الأمر الذي يعني حسب الخبير الإنتخابي خالد رمضان تحالف تكتيكي يسقط إعتبارات الدولة المدنية ومعايير العدالة والمساواة والأهم المواطنة.