rlm; حمدي حسن أبوالعينين
السعوديون هم أقرب العرب إلينا جغرافيا ونفسياrlm;.rlm; ولسنا نعرف في تاريخنا أرضا استقبلت منا الملايين للعمل أو الزيارة أو العمرة أو الحج مثلما فعلت السعوديةrlm; غير أن العلاقات المصرية السعودية عبر العقود الثلاثة الماضية ظلت تعاني مسلسلا من التوتر المريب. لم تتحول الخلافات السياسية بين الدولتين إلي أزمة ولكن الأزمات دائما ما تأتي من أخطاء يرتكبها أفراد هنا أو هناك.rlm;
وأخطاء الأفراد واردة ومقبولة في ظل التفاعل الهائل بين أعداد السعوديين والمصريين. ولكن المريب هو الكيفية التي تتحول بها تلك الأخطاء الفردية إلي أزمة عامة ينتفض لها الرأي العام في الدولتين وتعكر كل حين صفو علاقة مصيرية للكدر. المؤسف في كل الأزمات التي نشأت بأخطاء أفراد أنها تطال الرموز السياسية وتنال من مكانة دولة ذات سيادة ارتضت لنفسها قوانين لابد أن يحترمها كل من يطأ بقدميه أراضيها.
محنة المحامي المصري الأخيرة في مطار الملك عبد العزيز نموذج لطبيعة الأزمات المصرية السعودية خلال العقود الأخيرة. الحقائق ضائعة في ركام من الأقوال المرسلة والأحكام المسبقة والشائعات المغرضة والانفعالات غير المبررة. القنصل المصري في جدة لم ينج من الهجوم المتجاوز لأنه لم يداعب مشاعر المنفعلين ولم يعطهم ما يريدون من الأقوال. قبل أن يصدر أي بيان بشأن القضية كانت وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت قد امتلأت بأكذوبة الحكم الغيابي الذي صدر ضد المحامي المصري. بل إن ذلك الحكم الوهمي أصبح قاعدة التفكير في القضية بتفاصيلها حتي بعد أن بات مؤكدا أنه حكم لم يصدر. لا علاقة لما حدث بكرامة مصر التي يتشدق بها النافخون في نيران الغضب. كرامة مصر في احترام المصريين لقوانين الدول الأخري. الذين ينتقدون عقوبة الجلد ينسون أن السعودية لم تفرض عقوبة الجلد علي المصريين وحدهم. هي عقوبة تعرض ويتعرض لها كل مخالف أيا ما كانت جنسيته. والذي يري في الجلد عقوبة غير آدمية فعليه ألا يطأ بقدميه الأرض التي تطبقها وعليه أن يطالب بإلغاء تلك العقوبة من الشريعة الإسلامية.
لاينبغي ان ننسي أبدا أن أكثر من مليون مصري يعيشون حياة كريمة في السعودية يخشون اليوم من تداعيات الأخطاء التي نرتكبها احتجاجا علي أنظمة دولة ورموزها السياسية. لانريد تكرار الأخطاء التي مازالت تظهر في الصحافة المصرية بالهجوم الغريب علي زوجة أحد حكام الخليج ونفوذها المتزايد في شئون الدولة رغم ماقامت به من جهد في تحديث بلادها. قضية لاناقة لنا فيها ولا جمل. وعلي أرض تلك الدولة عشرات الألوف من الأسر المصرية تعمل وتحيا حياة كريمة ويؤلمها تلك الأقلام وما تكتبه من مفتريات علي سيدة تعمل من أجل شعبها.
كان أولي بالغضب ما جاءنا من الحكومة الأردنية وكان حريا بنا أن نغضب أكثر لما فعله الدكتور وزير التعليم العالي ردا علي ذلك. الحكومة الأردنية قررت فجأة وبعد ستة عشر عاما سحب الاعتراف بالجامعات الخاصة المصرية وطالبت تلك الجامعات عن طريق وزير التعليم العالي المصري بملء استمارة بيانات للنظر في الاعتراف بها. لم تنتبه وزيرة التعليم العالي الأردنية إلي حقيقة أن قانون اتحاد الجامعات العربية ينص علي أن اعتراف السلطات التعليمية في دولة عربية بشهادة يلزم الدول الأخري بالاعتراف بها. وبدلا من أن يرفض وزير التعليم العالي المصري هذا القرار الأردني الذي يعد انتهاكا لسيادة مصر وسلطاتها التعليمية راح يحث الجامعات الخاصة علي تزويد السلطات الأردنية بالمعلومات التي طلبتها.
الذي لم يهتم به الدكتور وزير التعليم العالي هو أنه ربما كان وراء القرار دافع سياسي لايريد للطلاب الاردنيين الاحتكاك بالشباب المصري الذي قام بالثورة. وربما كان بقاؤهم هنا في مصر مجالا للتأثر بفكر الحرية الذي بدأ ينتشر في أوساط الشباب المصري خاصة أن الأوضاع السياسية في الأردن ليست علي ما يرام. أما الدافع الآخر فهو دافع تجاري بحت. ففي الأردن عشرات من الجامعات الخاصة وهي تريد الفوز بهذه الأعداد التي جاءت إلي مصر طلبا للعلم في جامعاتها الخاصة. ومما يزيد موقف وزير التعليم العالي غرابة هو أن أعداد الطلاب الأردنيين في الجامعات الخاصة لايزيد علي ألف طالب وليس ذلك بالعدد الذي نضحي في سبيله بكرامة مؤسسات التعليم في مصر. كما أن الوزير يعلم جيدا أن إحدي الجامعات الخاصة المصرية التي حاولت أن تسبق غيرها وتقدمت بالبيانات تلقت من الجانب الأردني ردا مقتضبا وهو أنها دون المستوي.
إنني أتمني لو أن وزير التعليم العالي أوقف تلك المهزلة واحتفظ لمصر بمكانتها ونفوذها واتخذ الرد المناسب علي ما قامت به سلطات التعليم العالي الأردنية. نحن ننتقد وبشدة التعليم العالي في بلادنا ولكننا نعلم أيضا أن جامعاتنا لاتزال تستند إلي رصيد علمي هائل لايتوفر لأي من مؤسسات التعليم في العالم العربي. وأن نقدنا للتعليم في بلادنا يرتكز علي حقيقة أن لدينا القدرة علي تقديم تعليم بمستويات أفضل إن توافرت الإرادة السياسية. وأحسب أن وزير التعليم العالي نفسه بمكانته العلمية الشامخة هو من غرس مؤسسات التعليم العالي المصرية.
التعليقات