كتب: Richard Williamson

لقد واجهت جميع الإدارات الأميركية الحديثة صعوبة في التعامل مع التحديات التي يفرضها نظام بيونغ يانغ الذي يصعب توقع تصرفاته. لكنّ قلة من الإدارات تلقت لطمة موجعة كتلك التي تلقتها الإدارة الراهنة في 14 أبريل عندما اختبرت كوريا الشمالية صاروخاً بعيد المدى.
في الأسابيع الأخيرة، اختبرت كوريا الشمالية صاروخاً بعيد المدى يمكن أن يحمل في أحد الأيام رأساً حربياً نووياً وأن يهدد السواحل الأميركية. ها هي تستعد الآن لاختبار جهاز تفجير نووي للمرة الثالثة. يبدو أننا ندخل حقبة خطيرة بشكل استثنائي، فقد تصبح الولايات المتحدة ldquo;على بُعد خطوات من الحربrdquo; بحسب رأي وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا.
يصعب أن نحدد نوع الحسابات الصحيحة أو الخاطئة التي سيقوم بها زعيم كوريا الشمالية الشاب الجديد وأعوانه في المرحلة المقبلة. لكن تبرز أسباب أخرى تدعو إلى القلق عدا عمّا يُطبَخ داخل أروقة السلطة في بيونغ يانغ.
كشفت تطورات الأسابيع والأشهر الأخيرة عن خلل عميق في أروقة السلطة في واشنطن حيث تتم صياغة السياسة الأميركية الخارجية والدفاعية. في ظل تفكك عناصر السياسة الخارجية التي يتبعها الرئيس أوباما، سارعت حملته الانتخابية إلى مهاجمة ميت رومني واعتباره مصدر إلهاء. لكن بسبب تطور الأحداث في الخارج، ربما يقترب البلد من مرحلةٍ تصبح فيها قلة خبرة الرئيس وقلة كفاءته راسختين في أذهان الناس. باختصار، نحن نقترب من مرحلة تشبه إلى حد بعيد المرحلة التي ارتكب فيها جيمي كارتر إخفاقات هائلة. في ظل هذا العالم الشائك، آخر ما تحتاج إليه الولايات المتحدة هو قائد من هذا النوع.
تعكس تجربة كوريا الشمالية سياسة خارجية عشوائية لا ترتبط بأي استراتيجية واضحة. لقد واجهت جميع الإدارات الأميركية الحديثة صعوبة في التعامل مع التحديات التي يفرضها نظام بيونغ يانغ الذي يصعب توقع تصرفاته. لكن قلة من الإدارات تلقت لطمة موجعة كتلك التي تلقتها الإدارة الراهنة في 14 أبريل عندما اختبرت كوريا الشمالية صاروخاً بعيد المدى.
ربما فشل إطلاق ذلك الصاروخ الكوري الشمالي في بلوغ هدفه الذي يقضي بوضع قمر اصطناعي في مداره، ولكنه نجح حتماً في تحقيق هدفه السياسي: مباغتة الولايات المتحدة. فقد قررت إدارة أوباما قبل بضعة أسابيع فقط منح ثقتها إلى الزعيم الجديد وتوصلت إلى اتفاق مع كوريا الشمالية تتعهد فيه بتقديم المساعدات الغذائية مقابل وقف الاختبارات الصاروخية وبعض نشاطات التخصيب. لكن فور عقد ذلك الاتفاق، سارعت كوريا الشمالية إلى انتهاكه. من خلال مد اليد إلى بيونغ يانغ التي عادت وانقلبت على اتفاق التعاون، أثبتت إدارة أوباما بكل بساطة مدى ضعفها وسذاجتها.
من المعروف أن الضعف والسذاجة يحفزان على تنفيذ الأعمال العدائية، ما يذكّرنا بأحداث سورية اليوم. يتابع الدكتاتور بشار الأسد ارتكاب المجازر التي قتلت حتى الآن حوالى 9 آلاف شخص وشوّهت الكثيرين بسبب شظايا القذائف، ولا ننسى أعمال التعذيب المستمرة بحق الشعب. هذا الوضع قائم منذ أكثر من سنة. تتضح في هذا الإطار عقيدة أوباما الثلاثية: تهديدات فارغة، وارتباك، وشلل.
حين بدأت المجازر، قللت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من حجم النزعة الوحشية التي يتعامل بها النظام السوري وشددت على أن الكثيرين في واشنطن يعتبرون الأسد رجلاً ldquo;إصلاحياًrdquo;. لكن مع استمرار أعمال الذبح من دون رادع، أعلنت أن ldquo;الرأي العام العالمي لن يقف مكتوف اليدين أمام هذا الوضعrdquo;. لكن في الحالتين معاً، اكتفى ldquo;الرأي العام العالميrdquo; بالتفرج على الوضع اقتداءً بإدارة أوباما.
تشكل إيران الركن الثالث من مثلث الفشل في السياسة الخارجية الأميركية. من المعروف أن النظام في طهران يسابق الوقت لتطوير برنامج أسلحة نووية. خلال أكثر من ثلاث سنوات، جربت إدارة أوباما استراتيجيات كثيرة ولكنها لم تكن فاعلة، مثل سياسة التواصل وفرض العقوبات في مرحلة متأخرة ثم العودة إلى التحاور الآن، من دون أن تحرز أي تقدم ملموس نحو تحقيق هدفها المعلن بوقف مشروع تصنيع القنبلة في إيران. كل ما أنجزته هو منح آيات الله الوقت الكافي لتخصيب اليورانيوم، وتحصين المخابئ، والاقتراب من الحصول على إمكانات لتصنيع أسلحة نووية أكثر من أي وقت مضى.
بسبب غياب أي تحركات صارمة من جانب الرئيس أوباما وعدم تحقيق أي نتائج ملموسة، أصبح إعلانه أن تسلح إيران نووياً ldquo;أمر غير مقبولrdquo; فارغ المضمون لأن المسار الراهن يعزز احتمال تسلح إيران نووياً. حين يحدث ذلك، سرعان ما ستصبح الأمور التي لا يقبلها باراك أوباما مقبولة بكل بساطة.
وصلت قيادة جيمي كارتر للشؤون الخارجية إلى نهايتها عند وقوع كارثتين متلازمتين تمثلتا بالغزو السوفياتي لأفغانستان وأزمة احتجاز الرهائن الأميركيين من جانب إيران. نأمل ألا تكون الأشهر الأخيرة من ولاية باراك أوباما مناسبة تمهد لوقوع كوارث مشابهة. لا شك أن سجله يحتم إرساء قيادة جديدة وقوية في البيت الأبيض. تشير الأحداث اليومية إلى أن الفريق الذي يدير السياسة الآن بعيد كل البعد عن عمق البصيرة والكفاءة. لن يكون انتخاب ميت رومني لمنصب الرئاسة خياراً مبكراً فقد حان وقت التغيير