أوباما خائف من التهاب أسواق النفط في عام الانتخابات

واشنطن

جانب من الاجتماع الأخير لوفد ايران مع دول 5+1 في تركياطهران بدأت تهيئة الجماهير للقبول بالتسوية للخروج من عزلتها الدولية وأزمتها الاقتصادية
الأنظار تتجه الى اجتماع بغداد رغم الشكوك الأميركية والإسرائيلية بسلمية البرنامج النووي
جيمس رايزن*
بعد شتاء دق فيه ناقوس الخطر ازاء امكانية نشوب نزاع عسكري حول البرنامج النووي الايراني كان يبدو وشيكا يعتقد مسؤولون أميركيون ومحللون غير أميركيين الآن أن احتمالات اندلاع حرب في المستقبل القريب انخفضت بدرجة كبيرة.
ويشار هنا الى سلسلة عوامل هي في الوقت الحالي ضد قيام هذا الصراع فالتهديد بتشديد العقوبات الاقتصادية دفع الايرانيين تكتيكات أكثر مرونة في تعاملهم مع الولايات المتحدة ودول أخرى, في حين خففت عملية احياء المفاوضات المباشرة من الحديث التحريضي في الجوانب كافة.
وبدأت تظهر على السطح الفجوة الآخذة في الاتساع في اسرائيل بين القادة السياسيين ومسؤولي الجيش والمخابرات حول الحكمة من مهاجمة ايران. كما يظهر البيت الأبيض عزمه على منع أي مواجهة يمكن أن تخل باستقرار أسواق النفط العالمية في عام الانتخابات الأميركية.قال مسؤول في ادارة الرئيس الأميركي بارك أوباما هذا الأسبوع quot; اعتقد أنه تم خفض درجة الحرارة quot;.
في الوقت نفسه, ما من أحد ضد امكانية تلاشي هذا التفاؤل الراهن.
قال دنيس روس الذي يتولى الشأن الايراني في ادارة أوباما: quot; في حين أنه ليس هناك اتفاق بين الولايات المتحدة واسرائيل حول الوقت, هناك اتفاق على منح بعض الوقت في سبيل منح فرصة للديبلوماسيةquot;.
وأضاف: quot;لذلك أعتقد الآن أنه يتم التركيز على المفاوضات.وهذا لا يعني الذهاب بعيداً عبر التهديد باستخدام القوة, ولكن الأمر يكمن خلف الديبلوماسية quot;.
كانت المحادثات قبل أسبوعين في اسطنبول بين ايران والولايات المتحدة ودول العالم الأخرى بمثابة نقطة تحول في التفكير الأميركي الحالي حول ايران. في الأيام التي سبقت المحادثات, كان هناك تفاؤل ضئيل في واشنطن, لكن المفاوضين الايرانيين بدوا أكثر مرونة وانفتاحا لحل الأزمة مما كان متوقعا, حتى ولو أنه لم يتم التوصل الى اتفاق بخلاف الاتفاق على المحادثات مرة أخرى, في بغداد الشهر المقبل. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن التهديد الذي يلوح في الأفق بتشديد العقوبات الاقتصادية التي ستصبح نافذة المفعول في 1 يوليو أقنعت الايرانيين أكثر بجدية المفاوضات, والتي بدورها قد خفضت التهديد بالحرب.
quot;هناك جملة من العوامل المقبلة على الخط, بما في ذلك المحادثات والعقوبات, حتى الآن أعتقد أن الناس يدركون أن اعطاء الوقت الكافي للعب خارجا quot; هذا ما ذكره مسؤول في ادارة أوباما, كما قال أحد المسؤولين ممن يتحدثون دون اسناد خلال مناقشة مسائل حساسة:
quot; نحن الآن في فترة الجمع فيها بين الديبلوماسية والضغط يتيح لنا نافذةquot;.
وفي ظهور له على شاشة تلفزيون قبل ايام قال السيناتور جون كيري, رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: quot;أنا على ثقة بأن هناك سبيلاً للمضي قدماquot;.
سعى قادة ايرانيون كبار الى تصوير جولة مفاوضات اسطنبول بأنها ناجحة, ما قد يكون مؤشرا, قال مسؤولون أميركيون ومحللون غير أميركيين عنه أن الحكومة الايرانية تعد جماهيرها للتوصل الى صفقة مع الغرب بحيث يمكن تصوير هذه الصفقة على أنها مكسب لايران.
قال وزير الخارجية الايراني على أكبر صالحي عقب المحادثات quot;أرى أننا في بداية النهاية لما أسميه ملف ايران المصطنع quot; وأضاف: quot; أرى المزيد من التقدم في جلسة بغداد quot;.
ونقلت ايرنا (وكالة الأنباء الايرانية) الخاضعة لسيطرة الدولة, الأسبوع الماضي أن رجل دين ايرانياً رائداً (أية الله كاظم صديقي) قد أدلى ببيانات ايجابية حول المفاوضات. أن رجل الدين قال في خطبة الجمعة الماضي أمام آلاف المصلين في طهران أنه اذا أظهرت الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تتفاوض مع ايران quot; سلوكا منطقيا في المحادثات النووية, فان النتائج ستكون جيدة للجميع.quot;
وقال أية الله صديقي - وفقا لايرنا- ان اجتماع اسطنبول أظهر quot; قوة وكرامة الأمة الايرانية, وجاء نتيجة للمقاومة الشعبية ولاتباع توجيهات المرشد الأعلى.quot;
في الوقت نفسه, هزت حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بينامين نتانياهو المحافظة سلسلة من التعليقات العامة لمسؤولين حاليين وسابقين في الجيش والاستخبارات تشكك في الحكمة من مهاجمة ايران.
وجاءت أحدث التعليقات على لسان يوفال ديسكين, المدير السابق لجهاز الأمن الداخلي في اسرائيل (الشين بيت) يوفال ديسكين الذي قال ان السيد نتنانياهو ووزير الدفاع ايهود باراك غير موثوق بهما في تحديد السياسة الاسرائيلية تجاه ايران. وقال ان الأحكام الصادرة عن كلا الرجلين طغت عليها quot;مشاعر متطرفةquot;. وأكد ديسكين, الذي كان مديرا للشين بيتquot; حتى العام الماضي, أن هجوما ضد ايران قد يؤدي الى تسريع برنامجها النووي.
قبل أيام, اقترح رئيس أركان الجيش الاسرائيلي في مقابلة مع صحيفة quot;هآرتسquot; أن التهديد النووي الايراني ليس وشيكا تماما كما قد يصوره السيد نتانياهو. كما قال الجنرال بيني غانتز في تعليقاته, أنه يتفق مع تقييم المخابرات الأميركية أن ايران لم تقرر ما اذا كنت تريد تصنيع قنبلة نووية حتى الآن. ايران تسير خطوة خطوة الى مكان حيث تكون قادرة على أن تقرر ما اذا كان ينبغي تصنيع قنبلة نووية. الايرانيون لم يقرروا بعد ما اذا كان ينبغي أن يتقدموا خطوة أخرى quot;. واقترح أن الأزمة قد لا تكون في هذه السنة. ولكنه أكد أنه quot;من الواضح أنه كلما تقدم الايرانيون أكثر, كلما كان الوضع أسوأ.quot;
الشهر الماضي, قال مدير الموساد السابق ميئير داغان أنه لا يؤيد توجيه ضربة وقائية اسرائيلية ضد البرنامج النووي الايراني في أي وقت قريب. وفي مقابلة معه ببرنامج quot;60 دقيقةquot; على شبكة سي بي اس, قال ان الحكومة الايرانية quot; منطقية جداًquot;, وان المسؤولين الايرانيين quot;يأخذون في الحسبان كل الآثار المترتبة على أعمالهم quot;.
السيد نتانياهو يتعامل مع هذه الانتقادات التي توجه له في الوقت الذي يواجه فيه, لأسباب سياسية داخلية, احتمال اجراء انتخابات هذا العام, بدلاً من العام المقبل.
ان الانقسام داخل المؤسسة الاسرائيلية أمر مهم لأن اسرائيل ما فتئت تهدد بشن ضربة أحادية الجانب ضد المنشآت النووية الايرانية اذا كانت الولايات المتحدة غير مستعدة للقيام بذلك. وقد تخشى واشنطن اذا قامت اسرائيل بذلك, جر الولايات المتحدة الى قتال يمكن أن يسفر عن حرب قد تشمل المنطقة برمتها.
ويبدو أن جو الأزمة كان أكثر وضوحاً في مارس الماضي, عندما زار نتانياهو واشنطن. السيد أوباما, وخوفا من استعداء الناخبين اليهود الأميركيين خلال عام الانتخابات, حاول اقامة توازن ما من خلال اظهار دعمة لاسرائيل ولكن مع عدم تأييده لعمل عسكري في أي وقت قريب. وقال انه يساند اسرائيل, مقترحا أن الولايات المتحدة ستتخذ اجراءات عسكرية صارمة أكثر من أي وقت مضى لمنع ايران من الحصول على قنبلة نووية.
وأوضح أوباما انه غير مستعد لمواصلة سياسة quot;الاحتواءquot;
بشأن السلاح النووي الايراني مع السعي الى الحيلولة دون مواصلة سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط.
التخلي عن الاحتواء كخيار سياسي كان نتيجة مناقشات مكثفة داخل الادارة الاميركية, وحركت واشنطن قليلاً للاقتراب من الموقف الاسرائيلي, واعتبر البيت الأبيض ذلك مكافأة كان مستعدا لتقديمها لنتانياهو خلال زيارته. ولكن السيد أوباما أوضح أنه يعتقد أن الوقت مناسب الآن لمنح فرصة للديبلوماسية.
في حين حذر بعض المحللين من أن أزمة ايران يمكن أن تسخن مرة
أخرى ما لم يكن هناك قدر كبير من التقدم في محادثات بغداد. اجتماعات اسطنبول صممت بساطة لتحديد ما اذا كانت ايران جادة في بداية جولة جديدة من المفاوضات, ولكن في جلسات بغداد, من المتوقع أن تطالب الولايات المتحدة والدول الأخرى ايران في البدء بمناقشة تفاصيل اتفاق محتمل. وسوف يتطلب ذلك من ايران اظهار استعدادها للتنازل عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم, وربما بالاتفاق على وقف جهودها الرامية الى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة وهو مستوى أعلى مما يحتاجه انتاج الطاقة النووية المدنية.
وقد أعلنت ايران أن جهودها للتخصيب بنسبة 20 في المئة للاستخدام في مفاعل للأبحاث, ولكن الولايات المتحدة واسرائيل تشكك في أنها فعلا خطوة موقتة ضمن جهود ترمي الى التوصل الى التخصيب بنسبة 90 في المئة, بما يمكنها من صنع الأسلحة. اذا لم تشارك ايران في مناقشة موضوعية لتفاصيل برنامجها النووي في بغداد, فقد تعود أجواء الأزمة
يقول بول ر. بيلار المحلل السابق في السي أي ايه : quot;أعتقد أن هذا قد يكون هدوءا مؤقتا. أتوقع أنه حتى بعد بغداد, سوف نشهد مجرد تفاهمات أولية, وسوف نسمع مرة أخرى من يقول أننا نعطي الكثير. والآن الأجواء يمكن أن تكون فترة هدوء بين اجتماعات ديبلوماسية quot;.