دويلة، دويلتان، ثلاث
حازم صاغيّة
يشوب الكلامَ الدائر عن laquo;دويلة سلفيّةraquo; في النصف الشماليّ من لبنان كثيرٌ من التبسيط والمبالغة. هذا ناهيك عن النسيان الوظيفيّ الذي يلفّ دويلات كثيرة سبق أن نشأت في طرابلس السبعينات والثمانينات بدعم السلطة السوريّة أو سلطة المقاومة الفلسطينيّة حينذاك، فكانت مطلوبة وتفي بالغرض.
لكنْ اليوم، ورغم التضخيم، لا يستطيع أيّ كان أن يجزم بأنّ دويلة كهذه لن تنشأ في طرابلس، وبأنّها، في ما لو نشأت، لن تستجيب لرغبة واسعة في موازنة laquo;دويلة حزب اللهraquo; في النصف الجنوبيّ من لبنان.
ولا بأس بملاحظة المسار المحزن الذي قد تولد فيه laquo;دويلةraquo; كهذه، وملاحظة الشبه بينه وبين المسار، المحزن أيضاً، الذي سبق أن ولدت فيه laquo;الدويلةraquo; الأولى.
فالأخيرة نهضت على قضيّة الاحتلال الاسرائيليّ، حتّى إذا زال الاحتلال استمرّ السلاح مرفوعاً، مرّةً بحجّة نوايا الاحتلال المبطّنة ومرّة بحجّة مزارع شبعا، من دون أن يغيب تحرير فلسطين واستعادة القدس عن الوعود التي نطلقها quot;من قفا أيديناquot;
و laquo;الدويلةraquo; المحتملة في الشمال يمكنها أيضاً أن تتذرّع بقضيّة تطاول النظام السوريّ الذي عانى على يده الأمرّين أهلُ طرابلس والشمال، والإسلاميّون منهم خصوصاً. وإذا قال أهل الدويلة الأصليّة إنّهم مستمرّون لدعم laquo;أهلنا في فلسطينraquo;، أمكن أهل الدويلة المحتملة أن يقولوا إنّهم سيوجدون لدعم laquo;أهلنا في سوريّةraquo;. وإذا لحظ الأوّلون أنّ في الاعتراض على دويلتهم عداءً للطائفة الشيعيّة ومسّاً بها، لحظ الأخيرون أنّ في الاعتراض على دويلتهم المحتملة عداءً للطائفة السنّيّة ومسّاً بها. وإذا رأى الأوّلون أنّ لبنان ينبغي ألاّ يُستثنى من حركة النضال ضدّ إسرائيل، رأى الأخيرون، بالمنطق نفسه، أنّ لبنان ينبغي ألاّ يُستثنى من حركة النضال ضدّ النظام السوريّ. وهذا علماً بأنّ حدوديّة الدويلتين، القائمة والمحتملة، ترشّحهما لهذا الدور بقدر ما ترشّحهما للقضاء المبرم على ما تبقّى من لبنان.
وهكذا دواليك، واحدة بواحدة، فإمّا أن يكون الاثنان على صواب أو أن يكونا معاً على خطأ.
والمدهش في هذا التناظر أنّ ولادة الدويلة الأولى عُبّدت بحديث الغبن والحرمان، فاستُنتج عمليّاً أنّ علاج الغبن والحرمان هو دواء المقاومة الصالح لكلّ داء، بينما اليوم يشار إلى غبن طرابلس وحرمانها وتجاهل الدولة لها على أنه تفسير استباقيّ لاحتمال تجاهل طرابلس للدولة، جرياً على ما فعله الإخوة الأعداء في نصف لبنان الجنوبيّ.
ولا يقف التناظر هنا، إذ الدويلة الأولى نتجت من نتف ريش الاعتدال الشيعيّ ريشةً بعد ريشة، من طيّ صفحة العائلات السياسيّة التقليديّة، إلى الخطف الغامض للسيّد موسى الصدر في ليبيا، وانتصار المتطرّفين في laquo;أملraquo; على المعتدلين، انتهاء بهيمنة laquo;حزب اللهraquo;. وبالمعنى نفسه، دشّن اغتيال الرئيس رفيق الحريري، المعادل السنّيّ لخطف الصدر عند الشيعة، مسار الانتقال إلى متطرّفين هم الأقدر على إنشاء الدويلة السنّيّة. وما لم يفعله الاغتيال فعله رفض التحقيق فيه، ثمّ احتلال بيروت في 2008، وأخيراً منع سعد الحريري بقوّة laquo;القمصان السودraquo; من تشكيل حكومة.
دويلتان إذاً؟ من يدري، فقد يستشعر المسيحيّون، والحال هذه، بحاجة إلى دويلة laquo;تحميهمraquo; من الدويلتين المسلمتين، ثمّ يستشعر الدروز حاجةً إلى دويلة laquo;تحميهمraquo; من دويلة المسيحيّين. هكذا نغدو مجدّداً أمام أمراء الحرب الذين يتنازعون، بالقتل والموت، ولكنْ أيضاً بـ laquo;القضاياraquo; الكبرى المزعومة، على مركز واهٍ أضعف من أن يوصف بالضعف!
وفي هذه الغضون يستمرّ هجاء الفيدراليّة ومؤامرة التقسيم. أمّا عن الحياد اللعين فحدّث ولا حرج.
(الحياة)
غازي العريضي
دروس من أحداث طرابلس
ما جرى في عاصمة الشمال طرابلس، وهي العاصمة الثانية في لبنان مقلق وخطير جداً. لم تندلع الأحداث فجأة، ولم تأتِ من فراغ. طرابلس خصوصاً مدينة مظلومة، محرومة، فقيرة، فيها ثروات مالية كبيرة لكنها لا تستثمر في أي مجال تنموي. والدولة لم تفعل شيئاً للمدينة (رغم وجود رؤساء حكومات، ووزراء، ورؤساء مؤسسات مهمة ينتمون إلى المدينة)أضِف إلى ذلك تداعيات اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وشعور أبناء المدينة والمنطقة عامة لا سيما أبناء الطائفة السنية الكريمة بالاستهداف الدائم والاتهام الدائم لهم، ومحاولة تصويرهم كأنهم لا يريدون الدولة والقانون، أو هم متطرفون، علماً أنهم هم أنفسهم الذين شكلوا الحماية للجيش اللبناني والغطاء والدعم الكبيرين له لحسم حرب مخيم نهر البارد. لكن الحرب هذه وغيرها خلفت عدداً كبيراً من الموقوفين الذين يسمونهم بـquot;الموقوفين الإسلاميينquot; الذين يحشرون في زوايا سجون مرعبة معيبة بواقعها المزري، ولا يحاكمون منذ سنوات وثمة مظلومية كبيرة بحقهم! هؤلاء لديهم أبناء وأحفاد وأخوة وأخوات وزوجات وأمهات وآباء وأقرباء، وبالتالي وراءهم الآلاف الآلاف أيضاً الذين يمتعضون ويتذمرون ويرفضون ظلم أبنائهم ولا يرون اهتماماً من الدولة. وهذا كافٍ بحد ذاته لتحريضهم وتحريكهم في أي اتجاه ضد الدولة غير العادلة وغير الراعية لأبنائها وحقوقهم. ثم جاء الحدث السوري وبدأ التحريض ضد طرابلس والشمال. صوّر الناس هناك وكأنهم إرهابيون يدعمون إرهابيين في سوريا! وكأن الحدث السوري يتم تحريكه من الشمال. وراحت الاتهامات تساق شمالاً ويميناً. وعمليات التحريض والاتهام والتخوين تنهال على الناس. وفي كل مرة يثبت أنها معلومات خاطئة مضللة باعتراف الأجهزة الأمنية والمجلس الأعلى للدفاع، ومع ذلك استمر الفريق الذي يحرّض ويتهم مصراً على الدور ذاته. وخلق هذا الأمر المزيد من التشنج. علماً أن هناك تهريباً تجارياً للسلاح كما أكد مجلس الدفاع الأعلى في مناطق لبنانية مختلفة. والمهربون لا هوية طائفية أو مذهبية لهم، ولا انتماء راسخاً لديهم. عندما يهرّبون،انتماؤهم هو quot;لمهنةquot; التهريب المتوارثة منذ عقود من الزمن على الحدود اللبنانية - السورية. كذلك فإن أحداثاً أمنية خطيرة شهدتها مناطق بعيدة عن الشمال، على الحدود مع سوريا، وطابعها الديموغرافي أو المذهبي مخالف تماماً لطابع منطقة الشمال عموماً. ولم يسلط الضوء عليها كفاية. وكأن كل ذلك لا يكفي حتى جاءت حادثة اعتقال مجموعة من quot;المتهمينquot; أو quot;المطلوبينquot; وعلى رأسهم المواطن شادي المولوي الذي استدرج من قبل جهاز الأمن العام اللبناني إلى مكتب وزير المالية والنائب محمد الصفدي في قلب مدينة طرابلس. وتم توقيفه هناك.
كان من الطبيعي وفي بلد مثل لبنان، وفي ظل الظروف الآنفة الذكر أن تكون ردّة فعل على هذا الأسلوب وهذا الاستهداف ثم على الحملة السريعة التي بدأت تستهدف فريقاً سياسياً معيناً في مدينة الشمال، والشمال عموماً. وكان قد سبق ذلك تصريحات ومواقف عبّرت عنها قيادات سورية، والسفير السوري في لبنان، وشخصيات لبنانية محسوبة على سوريا، تطالب كلها بتسليم موقوفين في لبنان فارين من الجيش السوري، وباعتقال مؤيدي الثورة السورية، وبوقف مساعدة النازحين. فجاءت هذه العملية وما سبقها وما تلاها، وكأن عملية تنفيذ هذه المطالب قد بدأت وبالقوة!
ثم كانت المفاجأة بالإعلان الرسمي أن توقيف المجموعة المذكورة تم بناء على معلومات من أجهزة أمنية غربية وبالتنسيق التام معها! لماذا المفاجأة؟ هل لأن الأجهزة الأمنية الغربية لا تقدم معلومات؟ لا تمرّر معلومات، قد تكون صحيحة وقد تكون مضللة هادفة لأمر يخدم سياسات حكوماتها؟ لا. كل هذا وارد. المفاجأة، لأن الذين هللوا للعملية الأخيرة والتنسيق مع الأجهزة الغربية هم أنفسهم الذين يتهمون هذه الأجهزة بإرسال الإرهابيين إلى لبنان وإلى الشمال تحديداً. وهم الذين يحركونهم. وهم الذين يريدون إقامة مناطق عازلة. وممرات آمنة في الشمال دعماً للثورة السورية. وهم الذين يتآمرون ضد أمن لبنان وسوريا. ولذلك كان السؤال: كيف يمكن التنسيق مع هذه الأجهزة؟ كيف ترسل هذه الأجهزة إرهابيين للتخريب ثم تطلب اعتقالهم؟ منطق لا يركب هنا! أجهزة تتهم بمحاولات التخريب ثم تأتي الإشادة بها في سياق التعاون لمنع التهريب. تهريب الإرهابيين والسلاح! غريب، كيف تتحول هذه الأجهزة الغربية إلى أجهزة صديقة وكيف يصبح مقبولاً التعاون معها معلوماتياً وتقنياً وأمنياً ومن دولة إلى دولة كما قال البعض الذي وقبل ساعات كان يقول كلاماً آخر. وكان ولا يزال يطلق الاتهامات ضد الغرب وأجهزته ومن يتعاطى معه من اللبنانيين!
في كل الحالات، تطورت الأوضاع إلى مشهد سيئ وإلى خطر كبير. وبدأنا نسمع عن حلول أمنية، وتهديدات، واحتمالات انتقال هذه التوترات إلى أماكن أخرى في لبنان. وكأن ثمة شيئاً يحضّر على هذا الصعيد.
ليست المرة الأولى التي ترمي فيها أجهزة أمنية أجنبية معلومات معينة، وتدفع أجهزة أمنية لبنانية في اتجاه تبنيها ليقع اللبنانيون في المحظور. ولذلك ينبغي التفكير في كل خطوة وقرار قبل الإقدام عليه. والحكمة تقضي بالاستفادة من التجارب ودروس وعبر الماضي. وعدم الاستعجال والإندفاع غير المدروس. آخذينفي الاعتبار طبيعة الحدث وظروفه وما يحيط به. وتركيب المنطقة وتركيبة الجيش والحساسيات المذهبية والطائفية في لبنان!
لقد دخل الجيش والقوى الأمنية إلى طرابلس بعد جهد كبير رغم الإجماع الذي توفر له وخصوصاً بعد موقف الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة والمرجعيات الدينية السنية الأساسية. الداعي إلى الانتشار الأمني الشرعي في كل المدينة ووضع حدٍ لما يجري. ومع ذلك، يقول كثيرون إن النار تحت الرماد! لماذا؟ لأن المؤكد في القراءة السياسية أن استهداف طرابلس والشمال لا يزال قائماً. ولأن ثمة محاولات لهجوم quot;مضادquot; يقوم به البعض لتأديب المعارضة - وبالتحديد القيادة السُنية الأساسية فيها. ولاعتبار أن الخطر على لبنان وأمنه واستقراره يأتي من البيئة الشمالية والبيئة السياسية المعارضة، وأن سلاح هذه الفئة، إذا وجد، هو المشكلة! هذا ما يقوله كثيرون في لبنان وما يحذّرون منه. ولكن، خطر هذه الذهنية، وهذا التفكير وهذه السياسة سينقلب على أصحابها. تلك هي التجارب التي يجب أن يتعلم منها الجميع وقد عشناها في لبنان في مراحل عديدة.
الدولة دولة واحدة، والجيش جيش واحد، والأمن واحد، والاستقرار واحد، والمصلحة واحدة والقلق واحد. والموقف يجب أن يكون واحداً، مبنياً على معيار واحد. وممارسة واحدة وتسيير للمؤسسات على أساسه، لا فئوية ولا مذهبية ولا انحرافا في هذا الاتجاه أو ذاك. هكذا يمكن حماية ما تبقى من دور للمؤسسات في البلد. مع التأكيد على ضرورة الإقلاع عن خطاب التحدي والاستفزاز ونبش القبور وبث السموم، والاحقاد في النفوس من قبل بعض متعاطي السياسة في لبنان. أما إذا كان ثمة من يستعد لتحويل لبنان إلى ساحة وملعب لتصفية حسابات على إيقاع ما يجري في سوريا وعلى قاعدة التهديدات المتتالية بأن النار السورية سوف تأكل آخرين في دولهم. وعلى قاعدة أن من يقف ضد النظام السوري ، يخسر مع سوريا ويخسر في لبنان، وكأن لبنان موقع لهذا أو ذاك، في عودة إلى اللعبة القديمة المعروفة، فإن في ذلك استهدافاً للبنان كل لبنان ولكل اللبنانيين، ويخطئ من يعتقد أنه سيكون بمنأى عن هذا التفكير الكارثي المدمّر!
(الاتحاد الاماراتية)
تحذير من تشكيل ممر لبناني آمن للمسلحين في حمص
دبلوماسيون غربيون: أحداث طرابلس laquo;بداية ثورة سلفيةraquo;
مارلين خليفة
رأت أوساط دبلوماسية غربية مراقبة للوضع اللبناني، في الحوادث التي شهدتها مدينة طرابلس على مدى أسبوع، laquo;بداية ثورة سلفيةraquo; تنطلق من laquo;عاصمة الشمال اللبنانيraquo; وتتوسع تدريجياً لتمتد نيرانها الى عكار، وبحسب الترجيحات الغربية فإن اللبنانيين ما زالوا يشهدون الفصول الاولى من laquo;سيناريوraquo; لا ترغب أي دولة في تبنيه.
واذا كانت الدول الغربية لا تزال تصرّ على دعمها لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي من حيث حفاظها على استقرار لبنان عبر سياسة laquo;النأي بالنفسraquo; التي انتهجتها سياسياً، وخاصة في الموضوع السوري، فإن هذه الدول تأخذ على ميقاتي أنه لم يعمد فعلياً لإبعاد العدوى السورية عن طرابلس عبر حماية الحدود وإحكام السيطرة عليها من قبل القوى الأمنية اللبنانية لمنع تسرب السلاح الى المعارضة السورية.
واذ ترى دوائر دبلوماسية غربية في بيروت أن الحوادث الطرابلسية هي laquo;صفعة موجعةraquo; لميقاتي من قبل laquo;قوى ١٤ آذارraquo;، فإنها تلحظ أيضاً أن الصفعة مزدوجة لـlaquo;حزب اللهraquo; وحلفائه من laquo;قوى ٨ آذارraquo;، laquo;لأن هذه القوى فشلت في الوقوف سداً منيعاً امام المخطط المرسوم لسوريا والتي يبدو أن طرابلس وعكار هما جزء من مكوناتهraquo;.
وفي القراءة الدبلوماسية الغربية أن laquo;الثورة السلفيةraquo; المستمرة حالياً، في طرابلس، laquo;ليست الا لتأمين ممر آمن لإمداد المقاتلين السوريين في laquo;الجيش السوري الحرraquo; في محافظة حمص بالسلاح وبما يلزم لإتمام ثورتهم ضد النظام السوريraquo;. وترى هذه الأوساط ان اقصى امتداد لهذه laquo;الثورة السلفيةraquo; سيكون الى منطقة عكار شمالاً.
ولا تتخوف الدوائر الدبلوماسية الغربية ذاتها من مدّ سلفي يطال كل الاراضي اللبنانية أو من أي إخلال بموازين القوى السياسية لمصلحة السلفيين لانهم، بحسب الاوساط نفسها، لا يتعدون الـ١٥ في المئة من الحالة الطرابلسية وهذه النسبة laquo;سمتها انها ميليشياويةraquo; ولا أفق سياسياً لها، وبالتالي laquo;فإن الوريث الوحيد لنهاية النظام السوري سيكون رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ذا الباع السياسي والعلاقات الدولية والمحبوب من قبل سنّة لبنان، لأنه من نسيجهم المعتدل أصلاًraquo;.
وبرأي هذه الأوساط إن أهل السنة في لبنان، وخاصة أبناء المدن، laquo;لا يحبون حمل السلاح وهم ليسوا مقاتلين بطبعهم ما سيحصر هذه laquo;الثورة السلفيةraquo; في نطاق جغرافي واجتماعي محدد في المدينة (طرابلس) تنتهي مفاعيلها بانتهاء هدف توظيفها لمصلحة مدّ الثورة السورية بالسلاح عبر ممر آمن هو طرابلس.
لا تتبنى الدول الغربية أي مسؤولية في نقل السلاح إلى سوريا عبر طرابلس، لكنها تتحدث عن laquo;حسابات غربية وأميركيةraquo; أيضاً تركز على الداخل السوري ولا ترى في مدينة طرابلس إلا laquo;ممراًraquo; لتحقيق أهدافها الكبرى. أما في الحسابات الداخلية، فترصد الأوساط الدبلوماسية الغربية رغبة laquo;حريريةraquo; في إسقاط حكومة ميقاتي قبل الانتخابات النيابية المقبلة، مشيرة إلى أن طرابلس laquo;هي نقطة ضعف ميقاتي أولاً.. وليس الحريريraquo;.
رصد لموقف laquo;حزب اللهraquo;
وتتساءل الأوساط الدبلوماسية عن رؤية laquo;حزب اللهraquo; لما يجري على الساحة الطرابلسية؟ وتسأل عن موقفه من سيناريوهات عدة قد تحصل: ماذا سيكون موقف الحزب في حال تعرّض العلويين في جبل محسن للقتل؟ هل سيتحرّك الحزب لنصرتهم أم لا؟ وكيف ينظر الحزب إلى القوة السلفية المتصاعدة في الشمال وماذا إذا أسقطت هذه القوى حكومة نجيب ميقاتي وشكل سعد الحريري حكومة جديدة؟
وتتابع الأوساط أسئلتها عن موقف laquo;حزب اللهraquo; وردة فعله تجاه مواقف وليد جنبلاط حيال ما يجري في طرابلس، متسائلة عما سيكون موقف الحزب في حال قرر جنبلاط laquo;تطيير الحكومةraquo;، وهو الذي تباهى أمام مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان أثناء زيارته الأخيرة لبيروت بأن قرار إبقاء الحكومة اللبنانية او نسفها هو في يده فحسبraquo;.
وتلفت هذه الاوساط الى ان laquo;قوى ١٤ آذارraquo; تنفذ عبر وليد جنبلاط التكتيك ذاته الذي استخدمته laquo;قوى ٨ آذارraquo; مع حكومة سعد الحريري الأخيرة laquo;بحيث أبقت سيف إسقاطها مصلتا عليها الى حين انقلبت عليها فجأةraquo;، بالتزامن مع دخول سعد الحريري الى البيت الأبيض للاجتماع بالرئيس الأميركي باراك أوباما، متوقعة تكرار laquo;سيناريوraquo; مماثل لحكومة ميقاتي التي لا تزال تحظى بالدعم الغربي، لكن مع وجود انتقادات لعدم تحول النأي بالنفس من موقف سياسي الى ممارسة عملية تمنع تسيب الحدود وانفلاتها.
وتتساءل الأوساط الدبلوماسية الغربية حول كيفية تجاهل المسؤولين اللبنانيين لخطر laquo;السلفيين المتصاعدraquo;، مشيرة الى أن الأزمة السورية ستطول ولا بديل لغاية اليوم سوى الحالة السلفية المتصاعدة، معترفة بأن laquo;الغرب يتصل برئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون ويطلب منه وضع حماية الأقليات في سوريا في مقدمة اهتمامات المعارضةraquo;، لكن برهان غليون ليس بنظر الغرب laquo;أكثر من شخصية تقدّم للرأي العام الغربي بديلاً عن صورة الفراغ الحقيقي لدى المعارضة السوريةraquo;.
وتشير هذه الأوساط الى وجوب أن يفكر اللبنانيون جدياً بكيفية مجابهة خطر التطرف، وتتساءل عن حقيقة موقف laquo;حزب اللهraquo; اذا قويت laquo;الثورة السلفيةraquo; في طرابلس مهدّدة العلويين الموجودين في جبل محسن؟ علماً بأن بعض الدبلوماسيين الغربيين زاروا هذه المنطقة وهم يرسمون صورة دقيقة عن الأوضاع فيها، كما زاروا منطقة laquo;باب التبانةraquo; ورصدوا السلاح المنتشر بكثرة وحسّ التدين القوي laquo;حتى لدى شخصيات مسلمة درست في بلدان غربية لأعوام طويلة وإذا بها تعود الى طرابلس وسرعان ما تتماهى مع الحالة السلفية الصاعدة، بدليل ما يرتديه بعض هؤلاء فضلاً عن اللحى الطويلةraquo;.
(السفير اللبنانية)
التعليقات