يوسف الكويليت
اليمن بحال فقدان الأمن أو استتبابه، هو من يقيس نبض المؤثرات السلبية والإيجابية على أبناء الجزيرة العربية كلها، وسوابق هذه الظروف أن اليمن الجنوبي الذي انتهج الطريق الماركسي كان الداعم الأساسي لما سمي بثورة ظفار في عمان، وأثناء الانقلاب على الملكية دخل عبدالناصر فيما يشبه الحرب مع المملكة، واستغلت إيران وضع الحوثيين ودفعهم إلى خلق قلاقل على حدود المملكة انتهت بهزيمتهم، وحالياً رأت القاعدة أن اليمن، بأوضاعه المستجدة، فرصة لانتشارهم واستيلائهم على بعض المدن، وهي خطوة كانت أحلامهم تريد أن يصبح الجنوب اليمني منطلق دولتهم، إلا أن ذهاب الحكومة السابقة، وتشكيل حكومة أخرى، بدأت عملياً مطاردة فلول القاعدة عسكرياً وصارت القبائل تدرك خطورتها بتلاحمها مع السلطة الجديدة، أثمرت نتائج جيدة ومحسوبة..
الوضع الأمني في اليمن يسير بالاتجاه المستقر، لأن الشعب الذي عايش الانقلابات والحروب بأشكالها المختلفة، هو من ثار على مخلفات هذه السياسات، وبروح لم تطغ عليها الشعارات القديمة التي انتهت مع عصر التهييج، بل شهدنا شعباً يريد الانتصار لحريته وفق منطلقات وطنية لم تطغ عليها الروح المذهبية والقبلية، ولم تستطع قوى أجنبية تسيير اتجاهات الشعب إلى التبعية، بل أذهل الجميع بشعب يقاوم الفقر والأمية، وأعباء السنين الماضية، بالتماسك والتوحد أمام أقسى الظروف والمصاعب..
مواجهة القاعدة في اليمن ليست مسؤولية خاصة يتحمل أعباءها اقتصاد متمرد ووضع صعب، بل المسؤولية تقع أولاً على الجوار الخليجي عموماً، لأن الآثار الأمنية التي سبق أن أثرت بهذه الدول، قد تتكرر مع القاعدة لو حصلت على فرصة أن تستشري وتتقوى بمن لهم رغبة حقيقية بتطويق دول الخليج العربي باهتزاز أمني، حتى ان إيران لا تخفي هذه الأهداف بوضع العراق قاعدة دعم، واليمن وسيلة حرب بدعم الحوثيين والقاعدة معاً، وهذا الأمر لا يمكن إغفاله، أو وضعه على لائحة الاهتمامات الثانوية إذا أدركنا أن الأمن لا يقبل المناصفة أو القسمة على أعداد أحادية أو عشرية..
اليمن يحتاج إلى وقفة صحيحة وسريعة حتى لا يصبح قاعدة لكل دولة أو منظمة تستهدف وحدته الشعبية وضرب الدول الخليجية، والدعوة هنا ليست عاطفية بل مصيرية لأن أمن الجزيرة العربية والخليج العربي، مهمة مشتركة لا تتجزأ أو تنحصر ببلد دون آخر..
المنطقة العربية تمر بحالة تحولات مجهولة المصير، ونحن جزء منها في كل الأحوال، وهناك خرائط تعد لما بعد هذه المرحلة، ونحن محاطون بثلاث قوى إقليمية، حتى لو اختلفت أهدافها وسياساتها، فهي تلتقي على تأزيم أوضاعنا، واليمن يدخل ذات اللعبة من حيث جعله قنطرة عبور لأزمات في داخل مجلس التعاون، والضرورة تحتم أن نقرأ الواقع والمستقبل بعيون مفتوحة على جميع الاحتمالات، وقطعاً عملية استقرار اليمن هدف أساسي وبمقاييس المصالح المشتركة لذلك فإن الوقفة معه ليست خياراً بل التزام وواجب أخلاقي حتى لا يقع ضحية لعبة الأمم التي تدار من خلف جميع دول المنطقة!!
التعليقات