Jennifer Rubin

إن جمود هذه الإدارة الأميركية حيال الأزمة السورية أمر معيب بالفعل، فقد لا يترافق هذا الوضع مع تداعيات سياسية على المستوى المحلي، ولكنه سيترافق حتماً مع تداعيات رهيبة بالنسبة إلى الشعب السوري.
كتبت صحيفة ldquo;ذي بوستrdquo; (The Post): ldquo;يوم الأحد، حمّل مجلس الأمن النظام السوري مسؤولية سقوط معظم القتلى خلال المجزرة التي أودت بحياة 116 مدنياً في مدينة الحولة، فأصدر بياناً موحداً مدعوماً من أقرب حلفاء سورية، روسيا والصين، لإدانة أعمال القتل التي وقعت يوم الجمعة وقتلت عدداً كبيراً من الناس، منهم 32 طفلاً على الأقل، وهي واحدة من أكثر الحوادث دموية منذ بدء الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد قبل 14 شهراً.
وقد سلطت تلك الحادثة الضوء على فشل بعثة المراقبين التابعين للأمم المتحدة في وقف أعمال العنف التي تزداد بوتيرة ثابتة على ما يبدوrdquo;. من يصدّق حتى الآن أن إصدار إدانة فارغة جديدة يؤثر على بشار الأسد؟
أصدرت إسرائيل من جهتها البيان الآتي: ldquo;يعبّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن اشمئزازه من استمرار المجازر التي ترتكبها قوات الرئيس السوري بشار الأسد ضد المدنيين الأبرياء، والتي امتدت إلى مدينة الحولة في نهاية الأسبوع وقتلت عشرات الأطفال الأبرياء. قال رئيس الوزراء: ldquo;من المعروف أن إيران وrdquo;حزب اللهrdquo; هما جزء لا يتجزأ من الأعمال الوحشية في سورية، ويجب أن يتحرك العالم ضدهماrdquo;quot;. لطالما أدركت إسرائيل أن الشر الموجود في دمشق هو أسوأ من أي وضع آخر يمكن أن يلي سقوط النظام الراهن.
في غضون ذلك، يرتفع مستوى التفاهة في أوساط المسؤولين داخل الإدارة الأميركية بشكل يومي. في الأسبوع الماضي، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: ldquo;يجب أن نوقف وحشية نظام الأسد ضد شعبه، وستتوقف تلك الوحشية حتماً، لأن السوريين يعلمون أنهم يستحقون مستقبلاً أفضلrdquo;. لو وُجدت جوائز خاصة بفئة الخطابات المملة، يصعب إيجاد من يهزم كلينتون في هذا المجال. يجب الاعتراف بأن حكم الأسد القائم على الترهيب سينتهي فعلاً إذا أُجبر الرئيس على الرحيل أو إذا قُتل، لكن يبدو أن كلينتون لا تستطيع الآن اقتراح أي حل فاعل، بل إنها تكتفي بإطلاق التهديدات الفارغة.
أصدر ميت رومني تصريحاً ساخراً مناسباً للرد على ما يحصل: ldquo;إن المجزرة التي ارتكبها نظام الأسد في مدينة الحولة بحق المدنيين، منهم بعض الأطفال الصغار، مروعة فعلاً. بعد سنة ونصف من القتل، فات الأوان كي تبدأ الولايات المتحدة بأداء دور القيادة وإنهاء نظام الأسد. لم يعد الرئيس أوباما يستطيع تجاهل دعوات قادة الكونغرس من الحزبين لاتخاذ خطوات أكثر صرامة. أدت خطة ldquo;السلامrdquo; التي طرحها عنان والتي يدعمها الرئيس أوباما حتى الآن إلى منح نظام الأسد وقتاً إضافياً لتنفيذ اعتداءاته العسكرية. يجب أن تتعاون الولايات المتحدة مع شركائها لتنظيم وتسليح جماعات المعارضة السورية كي تتمكن من الدفاع عن نفسها. بعد سفك الدماء في مدينة الحولة، من الواضح أن هدفنا المقبل يجب أن يتمحور حول نشوء نظام سوري جديد يمكن أن يساهم في إرساء السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، على أن يكون خير ممثل للشعب السوري الشجاعrdquo;.
لكن عاد نائب المستشار الأمني السابق، إليوت أبرامز، ليذكرنا بأن رد أوباما منذ أكثر من سنة على هذا النوع من الأحداث كان مجرد خطاب فارغ المضمون وتدابير بيروقراطية جديدة:
يعود ذلك بنسبة كبيرة إلى واقع أن الرئيس أوباما لم يكشف يوماً عن مهاراته القيادية لكونه يفضّل على ما يبدو مراقبة هذه المجازر على أخذ المجازفة والتحرك. يمكن القول إنه يتفرج على الأحداث من دون تحريك أي ساكن ويصدر الخطابات من وقت لآخر، ولكنه يحرم المعارضة من المساعدة التي تحتاج إليها. إذا استمرت أعمال القتل بهذا المستوى من الوحشية قد يُجبَر على التحرك، ولكنّ ذلك لن يمحو وصمة العار التي ستلازم سجله بسبب المجازر التي تحصل منذ 14 شهراً. لا بأس بإنشاء ldquo;مجلس منع ارتكاب الفظائعrdquo;، لكني كنت لأستبدله فوراً برئيس آخر يكون أكثر تصميماً على منع تلك الفظائع من أصلها.
ها نحن نسمع الآن أن أوباما يظن أن روسيا (التي ترسل الأسلحة إلى الأسد) ستساعدنا على إسقاط الأسد. يدرك المراقبون الأقل خبرة أن هذه الفكرة هي مجرد سخافة (ldquo;تتوقف الخطة على تعاون روسيا، واحدة من أشرس المدافعين عن نظام الأسد، وهي كانت قد أعاقت تحركات الأمم المتحدة التي كانت تهدف إلى زيادة الضغوط على النظام السوريrdquo;).
إن جمود هذه الإدارة الأميركية أمر معيب بالفعل. قد لا يترافق هذا الوضع مع تداعيات سياسية على المستوى المحلي (لأن السياسة الخارجية ليست من أولويات الناخبين)، ولكنه سيترافق حتماً مع تداعيات رهيبة بالنسبة إلى الشعب السوري. في أحد الأيام، قد يقصد رئيس مستقبلي متحف المحرقة في الولايات المتحدة ليشجب ما حدث ويتساءل: كيف سمحنا بحصول هذه الأعمال الشريرة كلها؟ الجواب: كانت الولايات المتحدة تخضع لقيادة رئيس لم يزعج نفسه ببذل جهود إضافية بل اكتفى بإطلاق الخطابات التي تفيد مصالحه الخاصة!