أحمد الجارالله

إلى متى هذا الاستسلام الذي جعل مجموعة من النواب تتخطى كل حدود الممارسة الديمقراطية الصحيحة, وتعمد إلى هدم حصون الدولة الواحد تلو الآخر من دون اي رادع? الى متى سيتفرج من بيدهم زمام القرار على ارتكابات تلك الجماعة التي ما إن فرغت من عرقلة عمل الحكومة وقوضتها حتى عمدت الى محاولة ابتزاز القضاء سعيا منها لجعله اداة قمع بيدها? ألم يحن الوقت بعد لردع هذه الميليشيا وافشال انقلابها الممنهج على الدولة والحكم?
أليس ما اثاره, أمس, بعض نواب تلك الأغلبية حول القضاء يثير الرعب في النفوس مما يبيتونه للكويت? الا يلام رجل قانون مثل النائب عبيد الوسمي ومن معه من النواب على ما قالوه في ما يتعلق بالقضاء بعد الحكم الصادر ببراءة الضباط الخمسة في حادثة quot;ديوان الحربشquot;? فإذا كان الوسمي معنيا بالقضية يمكن القول إن تصريحاته كانت ردة فعل, لكن ان تتفق مجموعة من النواب على موقف واحد يشكك بالقضاء, بل يرفض احكامه, فذاك لا معنى له غير التمرد على الدولة. نعم, إن احدى صور التمرد على الدولة رفض الاحكام القضائية.
كل هذا يطرح علامة استفهام كبيرة حول اي قضاء يريد هؤلاء, هل يريدون قضاء مسيسا خاضعا لارادتهم واملاءاتهم ام القضاء النزيه العادل الذي يعطي كل ذي حق حقه?
من المسلم به أن القضاء الكويتي, لا يخضع للابتزاز, ولا يرهبه الضجيج السياسي الذي تثيره بعض التيارات, ولا تثنيه تجمعات البعض امام قصر العدل عن أداء واجبه بحرية مطلقة, فقضاته ينظرون إلى ما بين ايديهم من ادلة ووثائق واثباتات وليس الى من يحتشدون, أيا كانت مناصبهم السياسية, للتسامر بحجة الاعتصام, وهذا الامر لا يحتاج الى اثبات اكثر من الاحكام التي كانت في مصلحة بعض نواب الغالبية الحالية, الا اذا كان قصد هؤلاء من كل ذلك الضجيج جعل القضاء اعمى ينقاد بعصا خبراء الابتزاز السياسي, ويتخلى عن دوره كضمير للشعب.
لا شك ان الكويت تعيش مرحلة التقليد الاعمى, والنقل الحرفي لما يمارسه بعض نواب مجلس الشعب المصري, وبخاصة ممن يتشابهون باللون السياسي, وإذا كان بعض اولئك تنطح وطالب بإعدام الرئيس المصري السابق حسني مبارك من دون محاكمة او ادلة, واستند في ذلك الى انه يمثل الاكثرية البرلمانية, فقد نشهد بعض نواب الغالبية عندنا يطالبون غدا بإعدام هذا وذاك من الناس لأنه خالفهم الرأي ومن دون الخضوع للقضاء, سيما وان بعضهم اطلق الكثير من التصريحات وهدد فيها اذا خضع من اخذوا حقهم بيدهم للقضاء والقصاص على ما ارتكبوه لن يسكتوا عن هذا الامر, وكأنهم يدفعون البلد الى الوقوع فريسة شريعة الغاب.
الحملة التي تشنها الاغلبية على القضاء باتت اهدافها مكشوفة وهي محاولة الضغط عليه في قضية جريمة quot;الاربعاء الاسودquot; التي يعرف بعض النواب ان حصانتهم لن تفيدهم في الهروب من مواجهة اقتحامهم مجلس الامة وتخريبه, وهي القضية التي ينتظر كل الشعب البت فيها ليسقط آخر الاقنعة عن وجوه quot;شبيحةquot; الكويت.
نعم, القضاء الكويتي ضمير الشعب, واحكامه تصدر باسم صاحب السمو الامير, وهذا الضمير لم يحد يوما عن الحق وهو سيبقى كذلك لأن مهمته الاولى حماية المجتمع من شرور البعض, ومن لديه اي حق يكون هو الملجأ له لنيل حقه والدفاع عنه, ولا يغتصب حقا ليمنحه الى من لا حق له, فلماذا لا يترك من يفترض بهم انهم مشرعون ورجال قانون لهذه الجهات حق الدفاع عنهم? ولماذا يريدون أن يفصلوا ثوبها على مقاس مصالحهم?, هل لأنهم يعرفون مسبقا انهم خرقوا القانون ويرغبون في الافلات من العقاب?