سركيس نعوم


فاجأ بنيامين نتنياهو شعبه والعالم وحلفاءه قبل اسابيع عدة عندما حوَّل حكومته الفئوية، حكومة وحدة وطنية بضم quot;حزب كاديماquot; اليها. طبعاً نالت هذه الخطوة تعليقات كثيرة في اسرائيل والعالم. لكنها لم تأخذ حقها من النقاش في العالم العربي الإسلامي رغم انه قد يكون مستهدفاً بها وذلك لأسباب عدة ابرزها اثنان.
الأول، انشغال العالم المشار اليه بـquot;الربيع العربيquot; وخصوصاً بعدما تحوّل في ليبيا خريفاً جراء اخفاق الحكومة في بدء بناء الدولة الديموقراطية، وتمسّك الفصائل المسلحة المتنوعة بسلاحها فضلاً عن بدء انتشار الدعوات فيها الى قيام نظام اتحادي فيديرالي او كونفيديرالي. وتحوّل الانشغال المذكور اليه تاماً بعد تحوّل quot;الربيع السوريquot; السلمي وهو لما يزل في بدايته حرباً مسلحة مع نظام الرئيس بشار الاسد بسبب مبادرة الاخير الى محاولة انهائه بالقمع غير المحدود، واقتناعاً منه بأن نجاح والده في إنهاء quot;التمرّدquot; في حماه عام 1982 يمكن ان يتكرر رغم ما في هذا الاقتناع من سذاجة، ومن غياب التقويم الصحيح والدقيق للأوضاع داخل سوريا وفي العالمين العربي والإسلامي فضلاً عن العالم الاوسع.
أما السبب الثاني لعدم ايلاء quot;حكومة الوحدة الوطنيةquot; الإسرائيلية الجديدة الاهتمام اللازم على الاقل علانية فكان ولا يزال انشغال الولايات المتحدة بانتخاباتها الرئاسية في الخريف المقبل، وانشغالها ايضاً بالملف النووي الايراني، وعدم متابعتها جهودها السلمية بين الفلسطينيين واسرائيل بسبب إخفاقها في السابق وربما لاحقاً جراء الظروف والتطورات الخطيرة السائدة في المنطقة حالياً، فضلاً عن quot;الترديquot; وإن quot;المعيِّرquot; والمضبوط للعلاقة بين روسيا واميركا.
كيف ينظر متابعون اميركيون عن قرب لاسرائيل والشرق الأوسط، وخصوصاً للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، الى quot;حكومة الوحدةquot; التي نجح نتنياهو في التربّع على رئاستها؟
يعتبر هؤلاء ان نتنياهو فاجأ الجميع داخلاً وخارجاً بحكومته quot;الجديدةquot; ويعتقدون انها quot;ضربة معلمquot;. ذلك انه كان في وسعه حل quot;الكنيستquot; اي البرلمان والفوز في انتخابات عامة جديدة وإن مبكرة. لكنه كان يعرف ان اي تصرّف عسكري منه حيال ايران الإسلامية او بالأحرى، منشآتها النووية كان سيواجه بمعارضة من غالبية القادة العسكريين الإسرائيليين، متقاعدين كانوا أو مستمرين في الخدمة. وتحوّطاً لموقف كهذا من شأنه تعطيل quot;مخططاته الإيرانيةquot; ادخل الى حكومته ثلاثة من هؤلاء القادة المحترمين وصار في إمكانه التحرك بحزم وتصميم في المجالين الإيراني والفلسطيني. وتنفيذه ضربة عسكرية لإيران سيكون سببه الرئيسي إخفاق المحادثات المستمرة بين طهران وحلفائه الدوليين. ولهذا السبب يمكن ان يحظى بدعم هؤلاء كلهم.
لكن نتنياهو يعرف ايضاً ان الذهاب عسكرياً وراء ايران يجب ان يسبقه خرق سلمي جدّي بين حكومته والسلطة الوطنية الفلسطينية. ويبدو انه مصمم على تحقيقه في وقت قريب. وإذا نجح في ذلك فإن الفلسطينيين والعرب إجمالاً سيكونون غير معنيين أو غير اصحاب موقف من ضربه ايران النووية عسكرياً. بل ربما يدعمونه في ذلك علناً أو ضمناً لاعتبارهم إياها خطراً وجودياً مستمراً عليهم. لذلك، يلفت المتابعون الاميركيون انفسهم، لا بد من انتظار نتائج مساعي نتنياهو مع الفلسطينيين، ونتائج الحوار الدولي مع ايران النووية الذي استؤنف قبل اسابيع في اسطنبول وبعد ذلك في بغداد ثم موسكو. وهو لما ينته بعد رغم المعلومات المتناقضة اي المراوحة بين الفشل والنجاح التي تُروَّج عنهquot;.
هل سيختلف تأثير نجاح باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية المقبلة او منافسه الجمهوري ميت رومني على الموقف الاميركي من الأزمات المتصاعدة في العالمين العربي والإسلامي وخصوصاً من قضيتي سوريا وايران واستطراداً فلسطين ndash; اسرائيل؟ يجيب المتابعون الاميركيون إياهم بالقول ان استطلاعات الرأي الاخيرة في اميركا اظهرت ان المسجلين من الناخبين في quot;الرئاسيةquot; يتوزعون على النحو الآتي: 38 في المئة مستقلون ndash; 34 في المئة ديموقراطيون ndash; 26 في المئة جمهوريون. ولذلك فإن المستقلِّين سيحدِّدون الفائز بالبيت الابيض. ويبدو حتى الآن ان غالبية هؤلاء قريبة الى اوباما الذي قد يؤذيه استحالة حل ازمة منطقة اليورو. علماً ان الفرق بين الفائز والخاسر أياً يكونان سيكون صغيراً. ويضيف هؤلاء: في موضوع سوريا وايران فان المواقف بين الاثنين متشابهة. فأوباما خياراته سلبية ضد نظام الاسد ونهائية، وخياره العسكري ضد ايران على الطاولة ورفضه نوويتها العسكرية نهائي. اما الفلسطينيون فقضيتهم ليست من الأولويات.