لندن

للحرس القديم من فتح ولا سيما عائلة عرفات، توجد مهمة مركزية عظيمة: التنظيم لابي الامة الفلسطينية موتا محترما. حقيقة ان عرفات نزل عن المنصة وهو مريض بمرض لا يتحدث أحد عنه بصوت عال، بعيدا عن ابناء شعبه في مستشفى في فرنسا، لا يستوي مع الفكرة الوطنية. فما بالك أنه فور وفاته اتهمت زوجته سهى، علنا، قيادة م.ت.ف بقتله وأكثر من ذلك: ابتزت منهم مبالغ طائلة، بدل أتاوة .
لا ريب أنه أكثر احتراما بكثير ان ينظم لابي الامة موتا بطوليا لـ 'شهيد'، ومرغوب فيه على ايدي علماء الموساد او المخابرات. وبالفعل، في كل سنة تقريبا تظهر من جديد قضايا مؤامرة اخرى للاستخبارات الاسرائيلية ضد عرفات. هذه المرة يدور الحديث عن تسميم فتاك، اشعاعي، زرعه عملاء الموساد على قبعة الفرو الشهيرة للرئيس وعلى أغراض اخرى في محيطه القريب.
الحقيقة عن ملابسات وفاة عرفات لا تزال كامنة في الملف الطبي الذي تحتفظ به أرملته سهى وترفض الكشف عنه حتى يومنا هذا. المستشفى الفرنسي ايضا لا يحرر الملف للنشر بسبب معارضة الارملة. سهى عرفات تعرف الحقيقة. وعلى اي حال ليست مريحة لها هذه الحقيقة.
السلطة الفلسطينية، م.ت.ف وفتح أعلنوا على مدى السنين عن تشكيل ما لا يقل عن ثلاث لجان تحقيق لفحص ملابسات وفاة عرفات. غير أن أيا من هذه اللجان لم تنشر اي استنتاجات ولم تبلغ عن تلقي الملف الطبي للرئيس من يد الارملة. بالمقابل فان احمد جبريل، رئيس الجبهة الشعبية وخصم عرفات أفاد بانه سمع بأذنيه من قادة م.ت.ف بان عرفات توفي بالايدز. في اسرائيل ايضا قدرت محافل استخبارية بانه بالفعل توفي بالايدز او بمرض تلوثي آخر أدى الى انهيار الاجهزة في جسده.
في اسرائيل بالذات أحبوا الرواية التي قالت ان اذرعها الاستخبارية الطويلة هي كلية القدرة وهي التي نالت عرفات، وبالتالي اكتفت بالغمزات والابتسامات كثيرة المعنى، وكأنهم عرفوا هنا ما يحصل حقا في جسد الرئيس. وهذا هو المكان للاشارة الى أنه عشية وفاته اعتبرت المؤسسة الامنية في اسرائيل عرفات كذخر اعلامي من الدرجة الاولى: فقد كان مهزوزا، مشوشا، معزولا في المقاطعة وكان اداؤه مخلولا. في هذه المرحلة لم يعد لاسرائيل مصلحة في تصفيته.
والان خرجت محطة 'الجزيرة' بتحقيق عن مادة اشعاعية صفته. التحقيق لا يشرح اين بالضبط كانت على مدى السنوات السبع الاخيرة كل تلك الاغراض من ملابس مصابة بالمادة الاشعاعية منذ نزعت عن صاحبها. ربما في اللحظة التي ينجح فيها المحققون في تفسير المسار الذي قطعته الاغراض الملوثة هذه الى ان وصلت الى المختبر في سويسرا سيحل لغز القصة الاشعاعية.

اليكس فيشمان
يديعوت