الرئيس الاسد حسم أمره quot;بتبني الخيار الجزائريquot;، اي القتال بشراسة ضد الثورة المسلحة التي تريد اسقاطه، وهو الخيار الذي ادى الى سقوط اكثر من 200 الف قتيل، في حرب اهلية استمرت ثماني سنوات انتهت بانتصار النظام.


إيلاف: يرى عبد الباري عطوان ان اغتيال اربعة ضباط كبار في انفجار استهدف مبنى الامن القومي في دمشق الاربعاء الماضي في عملية ما زالت غامضة، وجّه ضربة قوية للنظام السوري دون ادنى شك.لكن هنالك خسارة معنوية اكبر ndash; بحسب عطوان - تمثلت في سقوط المعابر الحدودية السورية في ايدي قوات الجيش السوري الحر، وبعض وحدات تابعة لتنظيمات اسلامية متشددة، مثل تنظيم القاعدة، فهذا التطور سيؤدي حتما الى حالة من الفوضى في البلاد، وتعدد الجبهات والجهات المقاتلة والمتقاتلةquot;.
وأودى تفجير مبنى الامن القومي بحياة عدد من النخب الامنية بينهم وزير الدفاع داوود عبد الله راجحة ونائبه آصف شوكت صهر الرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس خلية ادارة الازمة في سوريا حسن توركماني .
ويحمل التفجير دلالات الامنية والسياسية بما يمثله من اختراق أمني كبير.
العملية النوعية
لكن عملية الأربعاء الماضي من وجهة نظر صالح القلاب التي ضمنها في مقاله في صحيفة الجريدة الكويتية هيquot;الأصعب والأخطر على بشار الأسد الذي اُخْتُرِق في أكثر دوائر نظامه دقة وأهمية وخطورة، وليس في أنه فقد كل هذا العدد من رموز الصف الأول من مساعديه، بل في أن هذه العملية النوعية، التي لا سابق لها في المنطقة كلها، ما هي إلا مذبحة البرامكة في بغداد ومذبحة المماليك في القاهرة؛ فقد أفقدت نظامه الاستخباري هيبته وحررت الشعب السوري من حالة الرعب التي بقي يعيشها أكثر من أربعين عاماً quot; .
ويخمن القلاب ان quot;الناس سيبقون يتجادلون حول الجهة التي نفذت هذه العملية، التي تدل على الاحتراف وعلى مدى اختراق مَن قاموا بها لأخطر حلقات نظام بشار الأسد الاستخبارية، وسيحاول هذا النظام في باقي ما تبقى له من الوقت إلقاء المسؤولية على أعداء الخارج وعلى بعض الدول المجاورة، وعلى ldquo;العدو الصهيوني والإمبريالية العالميةquot; .
ويرى القلاب ان النظام سيقوم من قبيل رد الاعتبار والحفاظ على ماء الوجه quot;بحملة اغتيالات ستشمل رموز المعارضة السورية وقادة الجيش الحر، وستشمل أيضاً بعض الدول العربية المساندة لثورة الشعب السوري بالأموال وبالأسلحة وبالمواقف السياسيةquot;.

نشرت صحيفة 'الفايننشال تايمز' البريطانية أنباء عن اتصالات اردنية ـ امريكية ـ اسرائيلية لبحث موضوع الترسانة الكيمياوية ، وكيفية الاستحواذ عليها، وجاء هذا الحديث بعد يومين من تصريحات ادلى بها العاهل الاردني لمحطة سي ان ان اكد فيها وجود تنظيم القاعدة في سورية، وحذر من امكانية وقوع اسلحة سورية كيماوية في قبضته.

عطوان : عملية للاستيلاء على هذه الاسلحة غير مضمونة النجاح، كما ان النظام الذي يتابع هذه المناورات والاتصالات في هذا الاطار ليس على درجة من الغباء بحيث يتركها في العراء، وفي عناوين معروفة، ولا نستبعد ان يكون اخفاها في اماكن عدة، او سرّب بعضها الى 'حزب الله' ليستخدمها في الساعة الحاسمة، وهذا ما يفسر تكرار حديث السيد حسن نصر الله زعيم الحزب عن مفاجآت كبيرة في اي حرب قادمة ضد اسرائيل.
حملة اغتيالات
ويعتقد القلاب ان النظام انتهى من حيث حسابات الأمر الواقع، لكنه وإلى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة quot;سيلجأ بمساندة إيران وحزب الله وربما الاستخبارات الروسية أيضاً إلى حملة اغتيالات سيبدأ بها قريباً، وهو سيتَّبِعُ في هذا المجال استراتيجية فِرَق الحشاشين وقلعة ألْموت، أي قلعة النسر، التي اتَّبعها حسن الصباح، حيث كان يُرسل فرقه من أصفهان لتزرع الرعب وبخاصة في العراق وبلاد الشام، وحيث كانت قد نفذت عملية إرهابية ضد صلاح الدين الأيوبي لإلغائه الخلافة الفاطمية التي كانت تشكل امتداداً للدعوة الإسماعيلية، والتي كان لايزال ينظر إليها على أنها إحدى فروع الدعوة الشيعيةquot;.
من جانبه يشير عطوان في مقاله في صحيفة القدس العربي الى أن quot;المنطقة تتغير ويعاد رسم خريطتها من جديدquot; . لكن عطوان لا يعتقد ان quot;اميركا التي انهزمت في العراق وافغانستان ستكون المنتصر هذه المرة، وان كانت الوقائع على الارض السورية تشير الى عكس ذلك. سورية ليست ليبيا وليست افغانستان، سورية شهدت قيام اول امبراطورية اسلامية عربية في التاريخquot;.
الخيار الجزائري
ويرجح عطوان ان الرئيس الاسد حسم أمره quot;بتبني الخيار الجزائريquot;، اي القتال بشراسة ضد الثورة المسلحة التي تريد اسقاطه، وهو الخيار الذي ادى الى سقوط اكثر من 200 الف قتيل، في حرب اهلية استمرت ثماني سنوات انتهت بانتصار النظام.
لكن عطوان يقارن بين حالين مختلفين ، فيقول quot; الظروف التي اندلعت فيها الحرب الجزائرية مختلفة كليا عن نظيرتها الحالية في سورية، وابرز اوجه الخلاف ان النظام الجزائري كان مدعوما من الغرب ،بطريقة او بأخرى، لمواجهة معارضة اسلامية متشددة، بينما يحدث العكس تماما في سورية، فالغرب يعادي النظام ومعه عرب الخليج وتركيا، ومصمم على اسقاطه، ويدعم هذا المعسكر المعارضة بشكل شرس، ماديا وعسكريا واعلامياquot;.
تنظيم القاعدة في سوريا
ويشير عطوان الى اخطر ما في الموضوع ، بالنسبة للكثير من الاطراف لاسيما واشنطن ، فاذا quot;صحت التقارير الاستخبارية الاردنية التي تقول بأن هناك ستة آلاف عنصر تابع لتنظيم القاعدة موجودون حاليا في سورية، فإن علينا ان نتوقع ان يكون هؤلاء كتائب المقاومة الجديدة التي ستزلزل اسرائيل، سواء في حال انكمش النظام السوري او سقطquot;.
ويحسب عطوان فان quot;اسرائيل ستكون الخاسر الأكبر من جراء ما يحدث في سورية من تطورات، فالمقاتلون على الارض السورية، سواء في النظام او المعارضة، او المنظمات الاسلامية المتشددة قد يختلفون مذهبيا او عقائديا او في الاهداف، ولكن هدفا واحدا سيوحدهم جميعا، وهو ان اسرائيل هي العدو الاول، وستبقى كذلكquot;.
ويزيد عطوان القول quot;التغيير الذي يحدث في سورية حاليا، وايا كانت نتائجه، لن يتوقف عند الحدود السورية، وهي دون حارس على اي حال حاليا، وانما سيمتد الى دول الجوار، وسيحرق اصابع وربما اجساد الكثيرين، انه تسونامي كاسحquot;.