محمد السعدنى

في أواخر يوليو من العام الماضي ولم يكن قد مضي علي خلع الرئيس السابق حسني مبارك سوي نحو ستة أشهرrlm;,rlm; قام أصحاب الرايات السوداء بغزوة مكثفة علي قسم ثان العريشrlm;..rlm;


كانت الغزوة في وضح النهار واهتزت لها مصر كلها وتحولت مدينة العريش الي ساحة قتال من طرف واحد ولم يتعرض أحد للغزاة, ولم يتم تفعيل الخطط التي سمعنا عنها للقضاء المبرم علي هؤلاء الغزاة الذين يتحدث معظمهم باللهجة الشامية الي أن فوجئنا بهم في تظاهرات المليونيات في قلب ميدان التحرير ترتفع راياتهم السوداء بلا أدني درجة من الاعتبار لهيبة الدولة.
والحقيقة أنه منذ بداية أحداث الثورة ونجاح عناصر محددة ومعروفة من اقتحام السجون, ومع تزايد أعمال العنف في سيناء من جانب مجموعات من الاسلاميين المتشددين, والحديث لا ينتهي عن انفصال شبه تام لسيناء عن الدولة المصرية وعن أن السيطرة الأمنية علي هذه البقعة الحساسة من الأرض المصرية قد أصبح معدوما.. وبعدها أصبح هذا الحال هو الحال نفسه في معظم الأرجاء وفي قلب المدن وتحولت مصر الي ما تشبه الغابة الكبيرة ومرتعا لأعمال البلطجة الي درجة سرقة ابراج الكهرباء العملاقة بالكامل والواصلة بين اسوان وحلايب وشلاتين بطول320 كيلومترا.
لقد تزايدت ظاهرة انعدام سيطرة الدولة علي الأمن منذ أن نجح بعض المتشددين من الغاء قرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتعيين محافظ قبطي لمحافظة قنا بعد أسابيع قليلة من نجاح الثورة في الاطاحة بالنظام السابق.. وبدا أن قطع الطرق والسكك الحديدية وايقاف العمل بالمصانع والهيئات الحكومية, والاعتصامات غير المبررة والتظاهرات في ميدان التحرير والميادين الكبري بالمحافظات, هو الأسلوب الأمثل لوضع الدولة تحت الضغط الشديد ومنعها من بسط سيطرتها علي كثير من المواقع الحساسة الي أن وصلنا الي حافة الدولة الفاشلة.
وزاد الأمر تعقيدا هذه الكميات الضخمة من مختلف أنواع الأسلحة التي تم تهريبها منذ الأيام الأولي للثورة وحتي الآن دون قدرة حقيقية علي ضبطها سوي النذر القليل الذي لا يمثل سوي10% من الكميات التي دخلت بالفعل الي داخل البلاد ووقعت في أيدي متطرفين اسلاميين سواء في جميع المحافظات أو في سيناء, أضف الي ذلك هذه الفئة من عتاة الاجرام وتجار المخدرات والبلطجية.. وأصبحت البلاد بطولها وعرضها رهينة في أيدي هؤلاء ولاأحد بقادر علي المواجهة الحقيقية بحجة أن أي مواجهة سوف تسفر بالضرورة عن اسالة الدماء.
وفي أغسطس من العام الماضي كتبت أقول أن سيناريو الإمارة الإسلامية التي يراد إقامتها في سيناء هو نموذج مصغر لما سوف تتحول إليه الأمور علي المستوي القومي في حال توحشت قوي التطرف الديني بأكثر مما هي عليه..


والآن أعود فأقول أن الدولة المصرية في كل أرجائها وليس في سيناء فقط مهددة بالتمزق وأن تقع تحت سيطرة عصابات مسلحة اذا لم تنجح عناصر الدولة العميقة ممثلة في مؤسسة الرئاسة والحكومة والقوات المسلحة وقوي الأمن الداخلي من التكاتف لصد هذه الفوضي المدمرة, حيث لامكان الآن لحسابات المكسب والخسارة التي يحسبها البعض عن الفترة السابقة.
وأحسب أن الرئيس محمد مرسي القادم من قلب جماعة الاخوان المسلمين المؤمنة بالدولة المدنية وبالعمل السياسي الحزبي كغطاء شرعي للوصول الي السلطة, أحسبه بقادر علي أن يعيد للقوات المسلحة ولقوات الشرطة هيبتهما وثقتهما في النفس وفي وقوف الدولة بكافة مؤسساتها وراء جهودهما للحد من مظاهر الفوضي.. وأحسب أن الرئيس محمد مرسي قادر علي تحقيق تعهداته بتعقب هؤلاء المجرمين الذين أهانوا مصر وشعبها في تلك الجريمة البشعة التي وقعت قبل اسبوع علي الحدود المصرية الاسرائيلية.. وأحسب أن الدولة المصرية بعد أن اكتملت أركانها أو أوشكت علي الاكتمال, قادرة علي الخروج من حالة الدولة الفاشلة الي حالة الدولة القوية.
وأحسب أن الحالة الرخوة للدولة المصرية في ظل الشرعية الثورية, لابد أن تتحول الي حالة صلبة في ظل الشرعية الدستورية التي تحدث عنها الرئيس مرسي عقب أحداث سيناء.. وأن مصر لابد أن تعود من جديد فوق الجميع.


ولأن الرئيس محمد مرسي الآن لا يمثل جماعة الاخوان المسلمين بقدر ما يمثل مصر الجديدة, أطالبه أن يصدر قرارا سياسيا فوريا بتدمير جميع الانفاق علي حدود رفح المصرية ورفح الفلسطينية وغزة, وأن يزيل كل المنازل من علي هذا الخط الحدودي من الجانب المصري وأن يجعل مسافة لا تقل عن ثلاثة كيلومترات منطقة آمنة وفاصلة بين مدينة رفح المصرية وبين الحدود حتي وان تطلب الأمر هدم كل المدينة واعادة بنائها من جديد.. ونعلم أن رفح ليست مدينة بالمعني المفهوم للمدن وانما هي مجرد بيوت بدوية يمكن تعويضها بسهولة للمواطنين.. كما نعلم أن ما من دولة محترمة تسمح بوجود مثل هذه الانفاق مهما قيل عن غاياتها الانسانية.. ونعلم أن الجانب الفلسطيني من رفح الواقع تحت حكم حركة حماس لن يكون جادا في اي لحظة في القضاء علي هذه الانفاق.. اذن فليكن العمل من الجانب المصري فقط دون انتظار لتجاوب حماس أو غيرها.
أما عن حالة الفوضي الداخلية التي لا يمكن أن تستمر هكذا, فمن الواضح أننا لم ندفع بعد ثمن الحرية التي حصلنا عليها بعد ثورة25 يناير.. هذا الثمن لابد أن يكون غاليا وعلي حساب الفوضويين الذين جاثوا في البلاد فسادا فأشاعوا الرعب في قلوب أبناء الوطن, وأوقفوا حركة الانتاج وأغلقوا المصانع والذين بسببهم وبسبب أدعياء الثورة وراكبيها تراجع الاقتصاد الي أدني مستوياته وباتت مصر مهددة بالافلاس والمجاعة الحقيقية.


وأحسب أن الرئيس مرسي سوف يلجأ الي أقصي أنواع الشدة في التعامل مع هؤلاء الخونة الذين لا يريدون لمصر استقرارا ولا أن تحصد ثمار ثورتها المجيدة.. أحسبه سوف يفعل القانون ويعطي أعضاء النيابة العامة كل القوة للتعامل مع هؤلاء المرتزقة الذين يريدون العودة بنا مئات السنين للوراء.. وأحسبه سوف يشد علي أيدي ضباط الشرطة وجنودها للضرب بكل الشدة علي كل يد تعبث بالأمن الداخلي.
ياسيادة الرئيس محمد مرسي.. نعلم جميعا أن الأيدي المرتعشة لا يمكن أن يرتجي من ورائها شئ ذو بال خاصة في مجال تحقيق الأمن.. هل من المعقول أن توجه نيابة حوادث وسط القاهرة تهمة القتل غير العمدي لضابط الشرطة الذي تمكن بشجاعته من وقف هذا الهجوم التتاري علي مجمع نايل سيتي والفندق الملحق به ؟!
كيف نطلب من رجال الشرطة التعامل بحزم ووفق القانون مع المجرمين والبلطجية بينما أياديهم ترتعش خوفا من أن يتم تقديمهم للمحاكمة اذا هم قاموا بواجبهم في حماية الشعب؟.
gt;gt; وكلمة أخيرة الي اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية.. أرجو أن تستمر علي القوة نفسها التي شعرنا بها من خلال تصريحاتك عن أنه في الفترة القادمة ستكون هناك مواجهة جادة وقوية مع الخارجين عن القانون واستهداف البؤر الإجرامية, وأنه لن يسمح بقطع الطرق والسكك الحديدية وسيتم ملاحقة هؤلاء جميعهم وسوف تتخذ ضدهم إجراءات صارمة, وأرجو أن تتحقق كلماتكم سوف نضبطهم داخل بيوتهم.