اتسع المصطلح ليضم quot; التشبيح الإعلامي، من خلال التهديد والوعيد للمتظاهرين ومن وراءهم، وكذلك طاول المصطلح (الجنس اللطيف) ليشير إلى التشبيح الأنثوي. فما أن يدعو النظام للكرنفالات المؤيدة له، حتى يجد بعض الصبايا متنفساً للاستعراض، وإغواء المتفرجين بالمشاركة مما يضفي على المشهد تلوناً (وطنياً) يستغله شبّيحة الإعلام في أرقام المسيرات والمهرجانات المليونية الموالية.
إيلاف: يلفت فيصل القاسم الانتباه الى ظاهرة انتشار أعمال البلطجة بنسب كبيرة أثناء بعض الثورات العربية وبعدها؟. وينقل القاسم الى نظر القارئ بعض صور ذلك من مثل اقتحام المحلات التجارية، وترويع الناس في الشوارع، وقطع الطرق.
ويرجع القاسم في بعض اسباب ذلك الى أن السلطات في أكثر من بلد quot;اعتمدت على القتلة والمجرمين وقطاع الطرق واللصوص لمساعدتها في قمع المظاهرات وإرهاب المتظاهرين ، وبناء على ذلك، لم يعد هناك أدنى شك بأن كل مظاهر البلطجة التي سادت، ومازالت سائدة في البلدان الثائرة جاءت بأوامر وترتيب مفضوح من قبل الأنظمة المحاصرة بالثورات تحديداًquot; .
لكن لم كل ذلك ؟ .. يجيب القاسم على السؤال بالقول: quot; لعل الهدف الأهم من وراء تشجيع البلطجة رسمياً ابتزاز الشعوب الثائرة وجعلها تترحم على أيام الطواغيت التي كانت، على الأقل، تنعم فيها بالأمن والأمان، ودفعها بالتالي إلى العودة إلى بيت الطاعة والتوقف عن الثورة، على اعتبار أن الثورات، حسبما تريد أن توحي السلطات، لا تجلب سوى الفوضى والخراب والإرهاب quot;.
لكن هذه السياسة قد اينعت ثمارًا ، بحسب القاسم لأنه quot; عندما قامت نسبة كبيرة من الشعب بالتصويت في الانتخابات لممثل النظام الساقط بعدما عانت الكثير أثناء الفترة الانتقالية من فوضى وانعدام الأمن والصعوبات المعيشية المدبرة والمنظمةquot; .
وتعرج الكاتبة براء الموسى على مصطلح (الشّبّيحة) الذي نال حظه من الانتشار الإعلامي والتداول على كامل الأراضي السورية مع بزوغ فجر الانتفاضة في 15 آذار (مارس) 2011 ليطبع بالنكهة السورية مفردةً، هي من حيث المعنى، المكافئ الموضوعي لمصطلح (البلطجية) المصري. وهو ذاك الذي استخدمه التوانسة قبل أن يتوطَّد مصرياً ويمتد إلى اليمن بتحويرٍ بسيطٍ في صيغة الجمع (بلاطجة)، لتسمية أزلام السلطات في تلك الأنظمة من المأجورين المدنيين.
تقول الموسى في مقال لها في صحيفة الحياة: quot; ربما تعتري بعض الغيرة أشقاءنا المصريين وهم يراقبون مارد الشعب السوري بقدراته السوبرمانية، والتي فاقت كل تصوّرٍ في الشجاعة والإقدام والعطاء، يخطف الأضواء الإعلامية عن التفرِّد بمنجزات ميدان التحرير التي كسبوا فيها الجولة الكبرى الأولى. وبالتأكيد هم لم يسمعوا سابقاً بمصطلح (الشّبّيحة) التي هي خصيصة سورية متفردة، ولربما لا تشبه البلطجية من حيث الجذورquot; .
وتشير الموسى الى اتساع المصطلح ليضم quot; التشبيح الإعلامي، من خلال التهديد والوعيد للمتظاهرين ومن وراءهم، وكذلك طاول المصطلح (الجنس اللطيف) ليشير إلى التشبيح الأنثوي. فما أن يدعو النظام للكرنفالات المؤيدة له، حتى يجد بعض الصبايا متنفساً للاستعراض، وإغواء المتفرجين بالمشاركة مما يضفي على المشهد تلوناً (وطنياً) يستغله شبّيحة الإعلام في أرقام المسيرات والمهرجانات المليونية الموالية.
لكن الكاتب المصري سرحان سليمان يرجع ظاهرة البلطجة ايضًا في بعض عوامل ازدهارها الى أن quot;القمع السياسي وعدم الحرية الفكرية انتجا سياسيين أصحاب رأي غير مألوف على المصريين وحركات سياسية غريبة في افكارها تقترب من ممارسة العنف اكثر من كونها تمارس السياسة quot;.
ويرى سليمان أن quot; النظام السابق هو من انتهج اسلوب البلطجة ، و أسس لها عبر فرض القهر والفقر بالقوة، ونهب الأموال والأراضي دون حق، والرشوة واستغلال النفوذ، وعدم الولاء للوطن، وعدم مراعاة الدين ولا العرف، لم يترك شيئًا إلا واستخدم البلطجة فى إدارته، وكان آخرها انتخابات مجلس الشعب التى قام بتزويرها علنًا بأساليب البلطجة، بل تعدى كل المعقول بإثارة الفتن والتعصب ونشر الرزيلة وقضى على كل ما هو أخلاقي إعلاميًا وثقافيًا، بالبلطجة استولى على ممتلكات الدولة التى هي فى الأساس ملكية عامة للشعب quot; .
وحول ظاهرة ( البلطجة ) في مصر يشير ابراهيم سعدي الى أن العلاقة بين السياسة و البلطجة لم تبرز إعلاميًا إلا إبان الثورة المصرية، إلا أن العلاقة بينهما كانت في الحقيقة سابقة على ما صار يسمى بالربيع العربي.
يبين سعدي quot; قبل هذا التغيير التاريخي المباغت و العاصف الذي هب على العالم العربي، كان النشاط السياسي لرجال البلطجية يحتدم كثيراً في الفترات الإنتخابية. فقد كان المرشحون يلجأون إلى خدماتهم الخارجة عن القانون لإرهاب منافسيهم أو لتهديد الناخبين. بل كان البلطجيون يلعبون أحيانًا دور الوسيط بين المرشحين والناخبين، فكانوا يحملون أكياسًا ممتلئة بالمال ليمارسوا الدعاية الإنتخابية المأجورة. وكانوا يفعلون ذلك لصالح كبار شخصيات الحزب الحاكم آنذاكquot;.
ويدعو فيصل القاسم في مقال له في صحيفة الشرق القطرية لأن تكون متيقظاً دائماً لمثل هذه السياسات الرسمية المفضوحة، خاصة أن وسائل الإعلام الحكومية أثناء الثورات تعمل على تصوير الحرية التي يطالب بها الشعب على أنها مجرد أعمال بلطجة وخطف وسرقات واعتداءات على الممتلكات العامة، بينما في الحقيقة تكون العصابات الحاكمة وراءهاquot; .
يتابع القاسم quot; فعندما تنتشر الفوضى والسرقات والخطف وترويع المدنيين وقت الثورات فاعلم أن عصابات الدولة مسؤولة عن ذلك كي تعيد الشعب إلى زريبة الطاغية. وعندما تكثر أعمال البلطجة فاعلم أن وراءها رعاية رسمية لابتزاز الشعب مقابل إعادة الأمن إليه. لهذا تتوقف الشرطة عن حفظ الأمن والنظام لتقمع الثوار، وبذلك تصطاد عصفورين بحجر واحد، أولاً تترك البلاد عرضة للفوضى كي تتحسر الشعوب على الأمن، وتطلب العودة إلى الوضع السابق، وثانياً تشارك الحكومات في مقارعة خصومها الثائرينquot; .
وينبهنا القاسم لأن نلاحظ quot; الدول تعطي الأوامر للشرطة في وقت الثورات كي تختفي، ولا تحقق الأمن كي يعتقد الشعب أن الثورة تجلب الفوضى، وبالتالي يكفر بها؟ مع العلم أن الثورات لا تنشر الفوضى أبداً. الذي ينشر الفوضى هو الذي يريد إفشال الثورات. بعبارة أخرى (دمّر، خرّب، انشر الرعب، هجّر الناس، واجعل السلاح بمتناول الجميع، وسيأتي الشعب راكعاً لتنقذه) quot; .
ويرى القاسم أن هذه حكاية تنطبق على كل الشعوب الثائرة، quot;فما أن ثارت حتى أقدم المتحكمون برقابها على إجراءات أكثر مأسويّة وبطشاً وتنكيلاً، فلهج لسان الشعوب فوراً بالبيت الشهير( رُبّ يوم بكيت فيه، فلما صرت في غيره بكيت عليه) quot;. ويحذر القاسم الجمهور من أن يقع في هذا الفخ (القذر) مؤكدًا انها quot; لعبة الطواغيت المكشوفة، فاحبطوها إذا أردتم لثوراتكم أن تنجح وتحقق مرادهاquot; ,
وفي صحيفة الوفد المصرية كتب طلعت المغربي أن برلمان 2010 هو القشة التي قصمت ظهر البعير، فاندلعت ثورة يناير، التى أعقبها انفلات أمني واسع مع هروب السجناء الذين نشطوا مؤخراً في ارتكاب جرائم قطع الطريق والخطف والسرقة بالإكراه على نحو غير مسبوق.
وتشير احصائية يذكرها المغربي الى أنquot; أعداد البلطجية في مصر تتراوح من 450 ألف بلطجي حسب تقديرات رسمية، إلى 30 ألفاً كما يعتقد بعض الخبراء، إلى 11 ألف بلطجي quot; .
وكان تقرير لشبكة رصد الإخبارية تضمن الاشارة الى أن quot;استخدام البلطجة السياسية في فرض الرأي على الرأي الآخر هي السمة التى تعيشها مصر الآنquot;.
وينبّه خالد فخيدة في مقال له في جريدة الرأي الاردنية الى quot;وجود اصابع خفية في المشاجرات ، وربما كان هناك احتمال توجيه اصحاب السوابق لاثارة الرعب في نفوس الاردنيين ، وأن هناك من يدفع المال لمتعطلين وايضًا اصحاب سوابق للخروج في الاعتصامات والمسيرات التي كان هدفها المساس بهيبة الدولة بالتطاول على رمز الاردنيين والاساءة الى الاجهزة الامنية ومؤسسات الدولة قاطبة للوصول الى تلك الفوضى الخلاقةquot;.
التعليقات