تركي الدخيل

كلما أسيء إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وجدنا فينا من تحمد غضبته، ولا يُحمد تصرفه!

لا يمكن أن تدافع عن النظام بهتك النظام، ولا عن الأخلاق بقلة الأدب، ولا عن القيم بالكذب، وهكذا..

الدفاع عن نبي الرحمة، حتى مع من أساء، يكون بالرحمة، ومقابلة المسيء بعدم تكرار الإساءة، تأكيد على عظمة القيم التي تدافع عنها.

كيف قدم بنو جلدتنا، صورتنا أمام ملايين الشرق والغرب، باعتبارنا متعطشين للدم، يجري القتل والتفجير في جيناتنا الثقافية ومكوناتنا الدينية!

هل يمكن لعاقل أن يتخيل أن صورة الإسلام باتت مرتبطة بأنصار إزهاق الأرواح، وفصل الأعناق عن الأجساد، ومن يرون في التفجير نصرة للدين، وفي قتل المئات رفعة للحق!

الردود العملية العاقلة هي الأبلغ والأقوى والأكثر انتشاراً وتأثيراً. وفي الوقت الذي اختار أصناف من أراذل البشر الإساءة إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم اختار السعوديون ممثلين بقائدهم أبو متعب توسعة الحرم النبوي الشريف، توسعة هي الأضخم تاريخياً. يقدحون في نبينا، ونزيد المتعلقين به. يحاولون تشويه صورته، ونساعد الأعداد المضاعفة، لتصلي في مسجده، وتسلم عليه، وعلى صاحبيه، فتستحضر سيرته العطرة.

جاء الملك عبدالله إلى المدينة حاملاً لها الخير، بقي بجوار قبر المصطفى وأعلن عن أضخم توسعة للحرم النبوي في التاريخ. يتسع المسجد بعد التوسعة الحالية إلى 2.8 مليون مصل علما بأنه يتسع الآن ل550 ألفا. ستكون مساحته بعد التوسعة 98.5 ألف متر مربع، أي بزيادة قدرها 82 ألف متر مربع (مساحة المسجد الحالية 16.5 ألف متر مربع)، وهو ما يعني أن التوسعة الحالية ستشكل خمسة أضعاف مساحة المسجد.

سيضم المسجد بعض المرافق الخدمية، مثل مواقف للسيارات على دورين تحت الأرض تتسع ل 4200 سيارة، إضافة إلى مبنى للخدمات يتسع ل 5750 مكانا للوضوء و700 نافورة لمياه الشرب و1900 دورة مياه و11 سلما كهربائيا تصل مرافق المسجد ببعضها!

هذا هو جوهر المشروع العملي للدفاع عن النبي. والمفارقة اللافتة هي صمت الحزبيين عن هذا الدفاع العملي عن مقام النبوة، في الوقت الذي يطبّلون فيه لا للأفعال، بل للكلمات الرنّانة لمن يشترك معه في الانتماء لتنظيمهم.

إنها غشاوة الحزبية التي تعمي وتصم. الذين يعتقدون أن الدفاع عن النبي يكون بالصراخ والانتماء للتيارات الأصولية أو إحراق السفارات أو التهييج ضد التيارات الأخرى هم أناس يريدون استثمار الحدث سياسياً لصالحهم أكثر من إرادتهم للدفاع عن النبي وعن مقام النبوة الشريف.

بآخر السطر، هذه التوسعة درس أخلاقي في التفريق بين ردود الأفعال، والأفعال ابتداء. كانوا يقولون حين تحب أحداً عبر عن ذلك بالعمل أكثر من القول، هكذا فعل أبو متعب بمبادرته الكبيرة لقد قال للعالم إننا نحب النبي عليه السلام لا بكثير كلام بل بكبير عمل.