الرياض


ما تشهده بعض المحافظات العراقية هذه الأيام، من احتجاجات واسعة على سياسات حكومة نوري المالكي، لا يمكن أن يتم فصلها عن واقع المشهد السياسي الذي عاشته بغداد بعد سقوط نظام صدام حسين، وتحديدا حينما تسلم حزب الدعوة الذي يرأسه نوري المالكي مقاليد الحكم هناك. وعلى الرغم من السنوات التسع التي مضت منذ زوال النظام السابق إلا أنها لم تكفل للحزب الحاكم هناك التخلص من عقدة الطائفية، سواء في توزيع الحقائب الوزارية أو إحداث التنمية الشاملة في جميع المحافظات العراقية.


غير أن أكثر ما يدعو إلى السخرية التصريحات التي أطلقها متحدث الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست أمس، الذي حاول، وكما هي عادة طهران، تصوير ما يجري من احتجاجات في العراق على أنها quot;مؤامراتquot; تحاك ضد حليفها العربي من قبل المتربصين بالمنطقة، والسؤال الذي يوجه للساسة الإيرانيين؛ هو: منذ متى كانت إيران الفارسية حريصة على استقرار المنطقة العربية؟ إن التصريحات الإيرانية الأخيرة تعكس بجلاء quot;النفس الطائفيquot; الذي تتعامل به طهران مع حليفها المالكي، فطهران التي كانت من أهم الداعمين لمشروع إسقاط نظام صدام بدعوى أحقية الشعب هناك بالعيش بكرامة والتخلص من الطاغية، تصطف هذه الأيام خلف quot;طاغية جديدquot; ضد مطالب شعبية ليست الأولى، ولكنها الأكثر حدة، بعد أن وجدت المحافظات العراقية نفسها أمام تهميش طائفي حرمها من التنمية والتوزيع العادل للثروة.
لا يمكن التنبؤ أو الجزم بما يمكن أن يصل إليه المشهد في العراق، وتحديدا بعد دخول مقتدى الصدر على خط الأزمة، حين أعلن صراحة عن وقوفه إلى جانب المتظاهرين في الأنبار ذات الغالبية السنية، واستعداده للقاء عبدالملك السعدي الذي يعتبر مرجعا سنيا هاما في المحافظة، في تحالف قد يفتح الباب أمام زيادة الضغوط التي تمارس على حكومة نوري المالكي من أجل الرحيل، وخصوصا بعد إعلان الصدر تأييده للمتظاهرين إذا كان هدفهم نبذ quot;الدكتاتوريةquot; وquot;الطائفيةquot; في اعتراف هام من أحد المراجع الشيعية البارزة بانتهاج المالكي لهذه السياسات.


بغداد، التي ظلت طيلة السنوات الماضية تعاني من الفراغ العربي، بعد ارتماء بعض ساساتها أصحاب النفوذ في أحضان طهران، تستحق قيادة تقدر الدور الهام العروبي الذي لعبه العراق في الماضي، بما لا يغفل تحقيق العدل والمساواة بين جميع أبناء البلد الواحد دون تمييز طائفي أو مذهبي أو عشائري.