جهاد الخازن
ربما كنت سجلت هدفاً في شباك المعارضة الكويتية من دون قصد، فقد كتبت محتجاً على مواقف بعضها، واختار معارضون الرد بأسلوب يثبت صدق ما ذهبت اليه.
كنت سجلت أنني أكتب شيئاً فتتجاوزه المعارضة لتتحدث عن أشياء أخرى، وتحدّيت المعارضة أن تُنكر أن الكويت تنعم بأفضل وضع بين الدول العربية، وأن الحكم هو الذي حرر الكويت بعد إحتلالها لا تظاهرات مليونية للمعارضة، أو laquo;جيش كويتي حرraquo; دحر صدّام حسين.
قراء كويتيون كثيرون أيدوا ما ذهبت اليه، وقد شكرت كل واحد منهم في رسالة خاصة، غير أن المعارضين وأنصارهم تجاوزوا مرة أخرى موضوع المقال لأنه صحيح قطعاً، واختار بعضهم إساءة الأدب أو الشتم والتجريح.
هذه حيلة العاجز، وأستطيع الشتم فأنا خريج مدارس بيروت ومقاهيها، إلا أنني لا أحتاج الى ذلك، فعندي حجة وليس لدى المعارضين الكويتيين رد عليها.
بل أزعم أنني أستطيع أن أزيد على مقالي الأخير فموقع الكتروني يبدو أنه يؤيد المعارضة نشر مقالي كاملاً، وتعليقات المعارضين عليه. وهؤلاء لم يكتفوا بتجنب الموضوع عجزاً عن الرد عليه، وإنما إختاروا نصف كلامي.
أنا قلت حرفياً عن المعارضة: laquo;والآن إختاروا أن يعارضوا من الشارع لأن نصفهم أولاد شوارع، مع تقديري معارضين كثيرين أجدهم من خيرة الناس، وخلافي معهم مجرد خلاف في الرأي. فلا أخلط بين المعارضين الوطنيين ورجال الشوارع الغوغائيين...raquo;. وهكذا فقد قسمت المعارضين الكويتيين الى قسمين: وطني وغوغائي.
وكان أن الغوغائيين دانوا أنفسهم، فهم اختاروا أن يعتبروا كلامي موجهاً اليهم، أي أنهم يصنفون أنفسهم غوغائيين، بدل أن يعتبروا أنفسهم من المعارضة الوطنية الشريفة التي أحترمها وأقدرها.
كيف يمكن لناس على هذا القدر من الجهل والتطرف أن يعتقدوا أنهم مؤهلون لدور في حكم الكويت؟
طبعاً المعارضون الذين دانوا أنفسهم من أفواههم، كما دانت اسرائيل نفسها من فمها، تحدثوا عن دفع وقبض وإتصالات مع هذا وذاك وعلاقات خاصة.
ويسعدني أن أصدمهم مرة أخرى، فقد تركت الكويت بعد إنتهاء إنتخابات مجلس الشعب، ولم أتصل بأي مسؤول كويتي سابق أو حالي منذ ذلك الوقت، وفواتير الهواتف تثبت ذلك وأضعها بتصرف المعارضين إذا شاؤوا، فقد قررت أن أكتب رأيي على مسؤوليتي من دون أن أشرك معي أحداً. وإتصالي الوحيد مع الكويت كان بالإيميل لإختيار كاتب انكليزي يقدم دراسة عن تعامل الإعلام الغربي مع الثورات العربية، إلا أن هذا موضوع خارج نطاق الجدل الحالي، ثم بالهاتف عن جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري.
ستظل الكويت موضع إهتمامي، ولكن أعد القارىء بأن أتجاوز المعارضة فالموضوع إستُهلِك، ومستقبل المنطقة أهم من ماضي معارضة لا مستقبل لها.
ربما كانت خصوصية عربية أن تكون المعارضة في بعض بلداننا أسوأ كثيراً من النظام، ولن أسجل هنا أي أنظمة أفضِّل على أي معارضات، أو شعوب، حتى لا أفتح عليّ باباً آخر عن صداقة الحكّام.
ما تشترك فيه كل موالاة عربية ومعارضة هو رفض الرأي الآخر، فأنا لا أختلف مع قارئ أو قارئة لمجرد أن رأيي غير رأيه أو رأيها، وإنما يرون أن رأيي مبني على مصلحة شخصية ليس أقلها التجارة مع المسؤولين وشركات وصفقات بالملايين.
أسأل لو كانت عندي ملايين هل كنت أعمل كل يوم وأنغص عيشي بنفسي في متابعة الأخبار العربية وهي بين سيّء وأسوأ منه؟
المسؤولون مصادر أخبار ينقلها الكاتب الى قرائه. ولعلها خصوصية عربية أخرى أن القارئ العربي لا يريد أن يسمع رأي المسؤول فهو قانع برأيه ويريد من الكاتب أن يؤيد هذا الرأي أو يستقيل من العمل، وربما من الحياة الدنيا كلها.
نحن ديموقراطيون من أخمص القدمين... حتى أخمص القدمين... أما الرأس فالكهرباء قُطِعَت عنه في خمسينات القرن الماضي.
التعليقات