راجح الخوري

عقدت حتى الآن 31 قمة سياسية عربية لم تقدم شيئاً ملموساً ساعد في جعل الكتلة العربية قوة فاعلة ومؤثرة على المستويين الاقليمي والدولي، وفي المقابل عقدت ثلاث قمم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فقط، آخرها تلك افتتحت امس في الرياض
لست ادري لماذا هذا الفيض من القمم السياسية في مقابل هذا الاقلال من قمم التنمية، وخصوصاً بين مجموعة الدول العربية التي تبدو في حاجة اكثر من غيرها لإيلاء موضوع التنمية اولوية واهمية بالغتين، لكن من الضروري طرح السؤال على النحو الآتي:
لو كانت التنمية موضع اهتمام فعلي في المنطقة العربية، ولو كانت المسألتان الاقتصادية والاجتماعية موضع عناية الانظمة والحكومات العربية، هل كان العالم العربي حيث هو الآن؟ وهل كانت الفوارق الداخلية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي داخل الدولة العربية الواحدة وبين الدول الاعضاء في الجامعة العربية على ما هي؟
لعل افضل جواب عن هذه الاسئلة ما ورد في كلمة الامير سعود الفيصل التي افتتح بها اجتماعات وزراء الخارجية اذ قال: quot;شهد عالمنا العربي خلال العامين الماضيين عدداً من المتغيرات والتحديات، وعلى رغم انها اتخذت اشكالاً سياسية في ظاهرها، إلا ان مسبباتها الحقيقية لا يمكن ان تخطئها العين بأي حال، إذ لا يمكن اغفال جوانبها التنموية او تجاهل الطموحات التي تتطلع اليها شعوبنا العربية وآمالها نحو حاضر مشرق ومستقبل مزدهرquot;.
واضح تماماً ان هذا الكلام ينبع من النظرية التي طالما ربطت الاقتصاد بالسياسة على قاعدة انه لا يمكن الفصل بين الامرين، لأن التنمية والاقتصاد من المسائل الاساسية الواقعة على كاهل السياسة لجهة ما تفعله الحكومات في هذا السياق. ومن خلال الاهتمام المتزايد في السعودية بمسائل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهو ما تؤكده مثلاً بنود الموازنة الاخيرة، التي تركز في شكل اساسي على الانماء المناطقي وعلى التعليم، وكذلك من خلال تفعيل دور المرأة في مجلس الشورى ورفع نسبة مشاركتها الى 20% وهو رقم يتجاوز أي نسبة في الدول الغربية، يمكن الافتراض ان تولي السعودية الرئاسة الدورية للقمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية العربية، يمكن ان يعطيها دفعاً الى الامام من منطلق ان التنمية هي اساس الاستقرار الضروري للتطور والتقدم على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
قمة الرياض التنموية تكتسب اهمية اضافية لأنها تعقد على مفترقات حساسة جداً. ذلك ان الخريطة السياسية في عدد من الدول العربية تتغير الآن، وليس من الواضح ما سترسمه من سياسات تتصل بمسائل التنمية الملحة، ثم انها تعقد على حافة ازمة اقتصادية تضرب اميركا واوروبا وهو ما يزيد الفرص المتاحة امامها لإيلاء التنمية ما تستحق من الاهتمام العربي.