لندن
تستضيف مدينة ميونخ يوم غد السبت لقاء على درجة كبيرة من الاهمية يشارك فيه جو بايدن نائب الرئيس الامريكي وسيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي علاوة على السيدين معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والاخضر الابراهيمي المبعوث العربي والدولي.
هذا اللقاء، وحسب ما تسرب من انباء، سيعكف على وضع خريطة طريق للخروج من الازمة السورية المتفاقمة، ترتكز على حل سلمي يستند الى وثيقة جنيف التي تنص على تشكيل حكومة انتقالية تليها انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد تحقيق وقف لاطلاق النار تراقبه قوات دولية.
السيد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف يتفق كليا مع السيد الابراهيمي على ان الحل السياسي هو المخرج الوحيد من هذه الازمة، وقد فاجأ الكثيرين قبل يومين عندما اعرب عن استعداده الشخصي للانخراط في مفاوضات مع ممثلي النظام السوري لحقن دماء السوريين ووقف اطلاق النار مشترطا الافراج عن 160 الف معتقل وتجديد جوازات المواطنين السوريين او تمديدها لمدة عامين.
هذا الموقف اثار حالة من الجدل في اوساط المعارضة السورية، والخارجية منها على وجه الخصوص، وصدرت بيانات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي تتهم السيد الخطيب بالخيانة والعمالة للنظام الامر الذي دفعه لاصدار توضيح بان تصريحاته تمثل موقفه الشخصي وليس الائتلاف الوطني الذي يتزعمه.
الهيئة السياسية للائتلاف اجتمعت في القاهرة امس واصدرت بيانا شددت فيه على ان حوارا حول الازمة السورية المستمرة منذ 22 شهرا لن يكون الا على رحيل النظام، في نقض واضح لمبادرة الشيخ الخطيب.
متحدث باسم الهيئة السياسية هذه اكد لوكالة الصحافة الفرنسية ان الاجتماع كان هادئا ولم تحدث اي خلافات ولكن هناك انباء تقول بعكس ذلك تماما، وتؤكد ان الشيخ الخطيب لم يكن راضيا على بعض الاتهامات التي جرى توجيهها اليه، وحملة الارهاب الفكري التي استهدفته حسب ما جاء في بيانه على موقعه في 'الفيس بوك'.
وليس ادل على عدم رضاء الشيخ على خذلان دول عربية واجنبية للشعب السوري وثورته ويأسه من نجاح اي حلول عسكرية او تدخل خارجي، رفضه المشاركة في مؤتمر اصدقاء باريس الذي انعقد في العاصمة الفرنسية بحضور خمسين دولة ومنظمة وهيئة دولية، وغياب معظم وزراء الخارجية العرب عن اعماله.
الشيخ الخطيب تعرض لضغوط كبيرة عربية ودولية من اجل اطلاق مبادرته المفاجئة هذه، ونتيجة وصوله، لقناعة بان اتفاقا روسيا امريكيا بات وشيكا حول حل سلمي متوقع يمكن ان يبقي على نظام الرئيس الاسد لفترة انتقالية قد تطول لبضعة اعوام.
فبعد الحماس الدولي الكبير للائتلاف الوطني السوري والاعتراف به كممثل وحيد للشعب السوري مثلما جاء في اجتماع مراكش لاصدقاء سورية قبل شهر تقريبا، تغير الموقف، وفتر الحماس، وطلبت امريكا من حلفائها العرب والاتراك عدم تقديم اي اسلحة حديثة الى الجيش السوري الحر خوفا من وصولها الى ايدي الجماعات الجهادية، وتنظيم النصرة واستخدامها بالتالي ضد اسرائيل.
هذه التطورات لم تكن خافية على الشيخ الخطيب ولهذا ادرك ان الشعب السوري تعرض لخديعة كبرى من الدول الغربية التي دفعته لعسكرة ثورته ثم تخلت عنه في منتصف الطريق، ولهذا اطلق مبادرته للحوار مع النظام لحقن الدماء، وتخفيف معاناة الشعب السوري.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو حول موقف ائتلاف المعارضة السورية، وباقي الفصائل الاخرى، والمجلس الوطني التنظيم الاكبر داخله، من اي حل يبلوره اجتماع ميونخ الرباعي يوم غد وينص على الحوار بين ممثلي النظام والمعارضة للتوصل الى حل سلمي للازمة السورية؟
من الصعب الاجابة عن هذا السؤال طالما ان الاجتماع لم يعقد بعد، ولكن ما يمكن قوله، او استخلاصه من خلال متابعة ردود الفعل على مبادرة الشيخ الخطيب ان بقاءه اي الشيخ الخطيب على رأس الائتلاف الوطني السوري بات موضع شك، وان ايامه في هذا الموقع باتت معدودة، فالرجل ادرك الحقيقة مبكرا، وبات يضع حقن دماء الشعب السوري ومن ثم وجود سورية كبلد فوق كل اعتبار آخر.
التعليقات