جاسر عبد العزيز الجاسر
من حق المصريين أن يحزنوا على الحالة التي آلت إليها الأوضاع في بلادهم التي انقسمت إلى فريقين، كلٌ منهما يدَّعي أنه يعمل من أجل خير مصر، وبدأ فريق ثالث يسعى أن يكون مقبولاً من الاثنين، وأن يكون محايداً، وإن كان من الصعب أن تبقى محايداً في القضايا التي تُهدد الوطن.
الرئيس المصري المُنتخب محمد مرسي، أصدرَ عدة قرارات من أهمها: فرض حالة الطوارئ لمدة شهر على محافظات القناة الثلاث، الإسماعيلية وبورسعيد والسويس، وفرض منع التجول على هذه المحافظات من الساعة التاسعة مساءً، حتى الساعة السادسة صباحاً، وهو ما اعتبرته المعارضة وأهالي محافظات القنال عقاباً جماعياً لمحافظات لها تاريخ مُشرف في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وقبله الاستعمار البريطاني.
في ظل هذا التجاذب وتباين وجهات النظر، وتواصل سقوط الضحايا من قتلى وجرحى يبرز تيارٌ ثالث، وإن كان في بدايته، إلا أنه بدأ يكتسب ثقة المواطنين المصريين، غير المرتبطين بالتيار الإسلامي المؤيد للحكومة، وبالتيار الليبرالي الآخر الذي تقوده جبهة الإنقاذ الوطني، فبعدَ موافقة الدكتور أمين نور زعيم حزب laquo;غد الثورةraquo;، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، زعيم حزب laquo;مصر القويةraquo; على الانضمام إلى جلسات الحوار التي دعا إليها الرئيس محمد مرسي، بدأت تظهر في الأفق ملامح حلٍ توافقي يُتوقع أن يجذب إليه أطرافاً سياسية مهمة من كلا التيارين المتخاصميْن.
وقد أسفرت الجلسة الأولى من الحوار الوطني الثاني، استجابة إلى دعوة الرئيس محمد مرسي التي استمرت أربع ساعات من المناقشات، أولها فتح الباب لتوسيع دائرة الحوار لتفعيل التواصل مع جميع القوى السياسية والشخصيات العامة والاتفاق حول وضع أجندة للحوار.
الدكتور أيمن نور الذي ينشط ليكون وسيطاً مقبولاً بين السلطة والمعارضة، كشفَ أن المشاركين في جلسـة الحـوار الوطني اتفقوا على تشكيل أربع لجـان فرعيـة، أولها لجنة الحوار مـع الحركات والتنظيمات الشبابية، ولجنة للمصالحة والعدالة الانتقالية، ولجنة للضمانات الانتخابية، ولجنة للإصلاحات الاقتصادية والحقوق الاجتماعية.
أهم ما كشفَ عنه الدكتور أيمن نور، هو الالتزام الكامل بما ستتوصل إليه جلسات الحوار الوطني من خلال أن يكون لكل جلسة محضر اجتماع ومضبط يُوقع عليهما الحضور.
وهذه نقطة مهمة، حيث اشتكى المعارضون الذين تخلفوا عن حضور جلسة الحوار الوطني من عدم التزام الرئيس والسلطة بما يُقره المشاركون في مؤتمرات الحوار الوطني.
أما النقطة المشجعة الأخرى فهي: تجديد تعهد الرئيس بتقديم الاقتراحات بشأن التعديلات الدستورية في أول جلسة للبرلمان، وقد تمَّ تشكيل لجنة من عشرة شخصيات من أساتذة القانون الدستوري، وخمسة من القيادات السياسية لتحديد التعديلات المقترحة.
نقطة ثالثة ستُرضي المعارضة، هي: التعهد باتخاذ كافة الإجراءات القانونية، لوقف نزيف الدم والتوصية بانتداب قضاة تحقيق بشأن ضحايا الأحداث الأخيرة لإجراء تحقيقات ناجزة وعاجلة. المتابعون والمراقبون لما يجري في مصر يرون في جلسة الحوار الوطني الثاني، ضوءاً في نهاية النفق، ويأملون أن يتكثّف ويزداد إضاءة لإنارة الطريق أمام المصريين، لاستعادة الهدوء والاستقرار لمصر حتى تُعاود الانطلاق على طريق التنمية.
التعليقات