صالح القلاب

لم تعد هناك ضرورة لحشد المزيد من الأدلة والبراهين لإثبات تورط إيران، سواء مباشرة أو بالواسطة، في القتال إلى جانب جيش النظام السوري ضد الجيش الحر والمعارضة السورية، فالإثبات الذي من المفترض أنه قطع الشك باليقين هو وجود حزب الله عسكرياً في عدد من القرى السورية التابعة لمحافظة حمص، التي توصف بأنها عاصمة quot;الثورةquot;، وهذا يؤكد صحة المثل القائل: quot;إنه من الغباء أن تبحث عن أثر الذئب والذئب يقف أمامك مكشراً عن أنيابهquot;.
ولعل ما يدل على استهتار زعيم هذا الحزب حسن نصر الله بعقول الناس وعقول كل المعنيين بألا تصبح سورية ساحة للصراع الإقليمي والدولي، وخاصة الجانب العسكري منه، أنه برَّر إرسال مقاتلي حزبه للقتال ضد الجيش الحر وفي عمق الأراضي السورية بالادعاء بأنه يريد توفير الحماية لأهل ثماني قرى شيعية في حمص، الذين هم من السوريين بالطبع، وهذا في حقيقة الأمر عذر أقبح من ذنب، فالمفترض أن الدولة هي التي تحمي هؤلاء على اعتبار أنهم من مواطنيها وأنها المسؤولة عن حمايتهم حتى من المعارضة السورية مادام أنها ورغم كل ما يجري وما يحصل لاتزال تدَّعي أنها هي السلطة الشرعية.
والغريب أن نظام بشار الأسد قد صمت، صمت أهل القبور، على تعدي قوات حزب الله، التي هي قوات أجنبية رغم أواصر القربى الطائفية التي تجمعها مع النظام، على السيادة السورية، وذلك في الوقت الذي لا يكل فيه من الادعاء بأنه مضطر لاستخدام طيرانه ومقاتلاته من طراز 29 وصواريخه الثقيلة، لأن سورية تتعرض لـquot;عدوانquot; تنظيمات إرهابية مسلحة تتلقى الدعم بالأسلحة وبالأموال من أنظمة quot;معاديةquot; عربية وغير عربية! وكل هذا وهو يعرف وكذلك أجهزته الأمنية أن الذين ثاروا عليه ويقاتلونه، والذين يقتلهم جيشه يومياً، والذين يُدمِّر مدنهم وقراهم ويمزق أجساد أطفالهم هم من السوريين حتى النخاع الشوكي كما يقال.
إنه اصطفاف طائفي بغيض وفي وضح النهار وعلى عينك يا تاجر، وكان أولى بالشيخ حسن نصر الله أن ينحاز إلى نظام بشار الأسد على أساسٍ سياسي، لو أنه غير غارق في المذهبية حتى ذروة عمامته quot;السوداءquot;، وذلك لأن انحيازه هذا بدافع مذهبي سيثير صراعاً مذهبياً هو في حقيقة الأمر لايزال quot;يُعسْعسquot; تحت الرَّماد على خلفية ذلك الغزو الإجرامي الذي قام به حزب الله ضد بيروت الغربية وبدوافع طائفية مثبتة ومعروفة.
والمؤكد أن حسن نصر الله يعرف أن إرسال ميليشيات حزبه، الذي فقد آخر تعاطف عربي، إلى سورية ليقاتل جنباً إلى جنب مع الشبيحة الطائفيين والمذهبيين سيثير غضباً مضاداً في العالم الإسلامي كله، وسيعزز عوامل الفتنة في العديد من الدول العربية ذات quot;الثنائيةquot; المذهبية... فهل أكبر من هذه الجريمة جريمة...؟!
ولذلك وعندما تكون هناك مشاركة إيرانية طائفية ومذهبية أيضاً في قتال هذا النظام الطائفي، وليس نظام الطائفة العلوية الكريمة، ضد شعب من المفترض أنه شعبه فإنه يجب عدم استغراب أن يكون هناك متطوعون للقتال في صفوف المعارضة من العديد من الدول العربية والإسلامية، لأن تحويل هذا الصراع إلى صراع مذهبي من الطبيعي جداً أن يجعل هناك متطوعين وعلى أساس طائفي مضاد للقتال مع تنظيمات المعارضة السورية المسلحة.