علي حماده

لنتفق اولا: ميقاتي ليس بطلا. ولا هو رئيس حكومة استقال احتراما لارادة الناس، ولا حتى أراد - كما يقول - ان يفسح في المجال امام تأليف حكومة انقاذية تضم كل القوى السياسية. ميقاتي ليمونة عصرها quot;حزب اللهquot; والنظام في سوريا حتى آخر قطرة، وما عاد بقاؤه في رئاسة الحكومة مجديا. ميقاتي رجل الحسابات الخاطئة، بدءا من مسارعته الى قبول ترؤس حكومة quot;حزب اللهquot; وبشار في لبنان واطاحة التوازنات اللبنانية الدقيقة. ولسوء طالعه ان الثورة السورية اشتعلت بوجه مرجعيته في سوريا، فقلبت الواقع في لبنان، وحوّلته رديفاً منح تغطيته لتمدد مشروع quot;حزب اللهquot; في كل ثنايا الدولة اللبنانية، من دون رادع أو وازع.


ثمة من يقول انه كان حريا بميقاتي الاستقالة يوم اغتيال اللواء وسام الحسن. اما نحن فنقول انه في الاصل ما كان له ان يركب في مركب quot;حزب اللهquot; وبشار في انقلاب كانون الثاني ٢٠١١. وفي المحصلة النهائية نقول ان ميقاتي ليس بطلا بل هو السياسي الانتهازي الذي دارت عليه الايام. وهو بالتأكيد احد عناصر الاحتقان المذهبي المخيف الذي ضرب البلاد، ويكاد يدفع بها الى الهاوية.


طبعا ليس ميقاتي السبب الاساسي. quot;حزب اللهquot; هو أساس المشكلة بمشروعه للهيمنة على لبنان، والسيطرة على كل مقدراته، ونسف تركيبته، وكسر توازناته، والحاقه بمحور القتلة الممتد من طهران الى حارة حريك مرورا ببغداد وبعض دمشق. وعليه، فإن الكرة اليوم في ملعب هذا الفريق المدمر بخياراته للكيان، والوطن، والعيش المشترك، واستمراره في النهج عينه يقرب لبنان يوما بعد يوم من الانفجار المذهبي الشامل. وحدها العودة الى العقل بالاقتناع ان كل سلاح الدنيا وجبروت العالم، كل صواريخ الارض لن تمكن quot;حزب اللهquot; من السطو على بلد بكامله. فلا شعار المقاومة، ولا الخطاب القومجي الممجوج منذ دهور يكفيان لاقناع الناس بقبول محاولات استتباعهم في دويلة فاشيستية الطبيعة ، جعلت من قتل اللبنانيين مفخرة وقدسية، وصوّرت قتل السوريين على انه quot;واجب جهاديquot;. لقد آن الاوان لكي ينزل هؤلاء من السماء قليلا ليروا أن على الارض الملايين من الذين لا يمكن كسر ارادتهم، ولا استتباعهم، ولا استعبادهم، ولا منع الحرية عنهم بسهولة.


نقول إن الكرة في ملعب quot;حزب اللهquot;، فإما ان ينحو نحو تسوية سياسية معقولة،عبر القبول بالعودة المرحلية الى quot;اتفاق الدوحةquot;، بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة تمثل حقا بيئتها الاصلية، او تشكيل حكومة تكنوقراط محايدة برئاسة شخصية محايدة ومقبولة اولا في بيئتها ثم في البيئة اللبنانية الاوسع. او ان يذهب الحزب الى فراغ، والى تصعيد سياسي يتبعه تسخين أهلي في الشارع. عندها لن يكون للعقل مكان، وتفلت الامور من يد الجميع. وحدها التسوية السياسية وفق quot;اتفاق الدوحةquot; في رأينا، تمنع انزلاق لبنان الى اتون المواجهة الكبرى الآتية في المنطقة في القريب، ولا سيما أن القرار الكبير بالحسم مع بشار الاسد اتخذ. فلنجنب لبنان ويلات المواجهة التي نعرف ان quot;حزب اللهquot; بكل قوته كان وسيبقى لاعبا صغيرا فيها.