رام الله: عبد الرؤوف أرناؤوط

على الرغم من الاستعدادات الإسرائيلية لأي هجمات إلكترونية، إلا أنها عجزت خلال اليومين الأخيرين عن صد هجوم quot;السايبرquot; الذي وصفته تقارير إسرائيلية بأنه quot;الأشدquot; من نوعه، باستهدافه حتى مساء الأحد، ما بين 300 و600 موقع إلكتروني، بينها مواقع رئيس الحكومة ووزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي ووزارة التربية والتعليم ووزارة حماية البيئة والصناعات العسكرية ومكتب الإحصاء المركزي وجمعية محاربة السرطان، ولحق بموقعي وزارة التربية والتعليم والصناعات العسكرية أكبر الأضرار نسبيا، وفقا للتقارير الإسرائيلية، فيما أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية أنها تصدت لعدة هجمات سايبر ضد مواقعها الإلكترونية.
وكانت منظمة quot;أنونيموسquot; قد أعلنت عن اختراق الموقع الإلكتروني لجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية، الموساد. ورغم أن إسرائيل لم تعترف بذلك، لكن صحيفة quot;هآرتسquot; قالت إن هذا الموقع quot;عاد ليعمل كالمعتادquot;. ووضع الهاكرز في هذه المواقع رسائل مؤيدة وداعمة للفلسطينيين وأغاني مثل quot;هاكر، هاكر تل أبيبquot;، على غرار quot;اضرب، اضرب تل أبيبquot;.
ونقلت quot;هآرتسquot; عن آفي فايسمان، مدير عام شركة quot;سي سيكيورتيquot; المسؤولة عن تفعيل الهيئة الإسرائيلية لحماية المعلومات، قوله إن quot;الهجوم كان أقوى من أي هجوم واجهناه في الماضي. ورغم ذلك فإنه كان مفاجئا بنوعيته، ونتوقع أن يكون الهجوم المقبل أشد قوة بكثير من حيث النوعية والكميةquot;.


أقوى بـ 10 أضاف


وقدّر فايسمان أن هجوم السايبر الحالي كان أقوى بعشرة أضعاف من هجوم مشابه تعرضت له إسرائيل خلال عملية quot;عمود السحابquot; العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة في نوفمبر الماضي. وتابع أن quot;أقل من 100 موقع إلكتروني صغير وحوالي 15 موقعا إلكترونيا لمنظمات كبيرة تضررت لفترات تراوحت ما بين دقائق معدودة وعدة ساعات، وبينها موقعان أو ثلاثة تضررت لفترات طويلةquot;.
وتشير تقديرات شركات إسرائيلية لحماية المعلومات، وبينها شركتا quot;أفناتquot; وquot;كومسكquot;، إلى أن عدد مواقع المصالح التجارية الصغيرة في إسرائيل التي اخترقها الهاكرز يصل إلى مئات وربما إلى أكثر من ذلك. وقال مدير دائرة الهجوم والسايبر في شركة quot;أفناتquot;، روني باخر، لصحيفة quot;يديعوت أحرونوتquot;، إن quot;منظمات وشركات عديدة في إسرائيل بذلت جهودا من أجل لجم الهجوم أو على الأقل تقليص أضراره. ونعلم أنه تم إصدار تعليمات جارفة للمستخدمين بتغيير كلمات السر في بريدهم الإلكتروني، كما أن منظمات كثيرة أجرت تدريبات على هجمات قد تتعرض لها منظوماتها الإلكترونية، وليس مواقع الإنترنت فقط، بهدف التعرف على نقاط الضعفquot;.


هجوم يومي


وأضافت الصحيفة أن شركة الكهرباء الإسرائيلية تتعرض يوميا لآلاف هجمات السايبر، ولذلك توجد لدى الشركة منظومات متنوعة لمواقع خارجية وداخلية، وكوسيلة دفاعية إضافية يوجد فصل كامل بين منظومات إنتاج الكهرباء وتفعيل أدوات الإنتاج، من أجل تقليص احتمالات اختراق هذه المنظومات.


ونشر الهاكرز الذي نفذ هجوم السايبر قوائم شملت عشرات المواقع وحسابات على شبكة التواصل الاجتماعي quot;فيسبوكquot; وآلاف المعطيات حول بطاقات ائتمان، شملت تفاصيل كاملة حول حامليها، لكن تبين، بحسب التقارير الإسرائيلية، أن قسما كبيرا منها ليس لمواطنين إسرائيليين، ولذلك فإنه لا يمكن في هذه المرحلة تحديد عدد البطاقات الصالحة للاستعمال من بينها. ووفقا لشركة quot;كومسكquot; فإنه على الرغم من نشر عدة وثائق تدل على ما يبدو على تسرب معلومات حول تفاصيل شخصية من مواقع إلكترونية حكومية وأرقام بطاقات ائتمان quot;إلا أنه تبين حتى الآن أن هذه المعلومات ليست صحيحة بغالبيتها العظمى، وتبدو كإعادة إنتاج لمواد قديمة نشرها الهاكرز في الماضيquot;. وجرت أغلبية هجمات السايبر بين الساعة الثانية بعد منتصف الليل والسادسة صباحا، إلا أن هذه الهجمات تواصلت طوال نهار الأحد، وتم خلالها وقف عمل موقعي وزارة الدفاع والناطق العسكري الإلكترونيين لمدة ساعتين.
شركات حماية
وأشارت صحيفة quot;ذي ماركرquot; الاقتصادية إلى أن quot;هجمات السايبر ضد المواقع الإلكترونية التي بادرت إليها منظمة أنونيموس من شأنها أن تعزز الاقتصاد الإسرائيليquot;. وقالت الصحيفة إن مجال حماية المعلومات ازدهر كثيرا من خلال شركات الصناعات الإلكترونية الرفيعة (هاي- تك). وفي عام 2012 الفائت تمت إقامة 45 شركة حماية معلومات في إسرائيل، إضافة إلى الاستثمار في شركات من خارج إسرائيل وانتقالها للعمل من داخل إسرائيل.
وبرز من خلال التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية أن إسرائيل تحاول التقليل من أهمية وحجم وتأثير هجمات السايبر خلال الأيام الماضية، رغم أن هذا الموضوع احتل عناوين رئيسة. وعبر عن ذلك محلل الشؤون الإلكترونية في موقع quot;واللاquot; الإلكتروني، دنيس فيتشيفسكي، الذي اعتبر أن هجوم السايبر الأخير ضد الشبكة العنكبوتية الإسرائيلية هو quot;نكتةquot;، لأن المواقع التي تم اختراقها هي مواقع علنية ومتاحة لمن يريد الاطلاع على مضامينها. واعتبر أن الجزء الإشكالي في الموضوع هو الحصول على تفاصيل بطاقات ائتمان، رغم أنها غير قابلة للاستخدام.


جهل العدو


ورأى فيتشيفسكي أن quot;المشكلة في هذه الرواية كلها تتمثل في انعدام فهم مطلق للعدو، وأن quot;أنونيموسquot; لم تكن أبدا منظمة، لأن quot;أيا كان بإمكانه في أية لحظة الإعلان أن ما يفعله إنما يفعله باسم أنونيموسquot;. وخفف الكاتب من أهمية هذا الهجوم بادعاء أن quot;ما يحدث لا يتعدى تسريب تفاصيل بضع عشرات من بطاقات الائتمان، واقتحام مواقع إلكترونية لا يعرفها الجمهور الواسع، وقسم آخر من هذه المواقع الإلكترونية تم إسقاطه لعدة دقائق... وهناك أدوات في الإنترنت، ولا تحتاج إلى التنزيل، تمكن أي مستخدم من البدء في مهاجمة موقع إلكتروني ومحاولة إحداث زحمة في تصفحه وبذلك يتم إسقاطهquot;. ولوّح الكاتب بأن الأمر الجدي هو الفيروسات، مثل quot;فليمquot; وquot;غاوسquot;، التي طورتها الولايات المتحدة وإسرائيل، من أجل إلحاق أضرار ببنى تحتية إلكترونية لدول معـادية والتجسـس على منظمات.
وقال المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)quot;خلاصة القول في هذا الموضوع أنه لا ينبغي المبالغة في الضرر الذي لحق بإسرائيـل جراء هجمات السايبر في الأيام الأخيرة، لكن في المقابل فإنه لا ينبغـي، وبلا مبالغة، التقليـل من شأن هجمات كهذه. فعلى مدار أيام تركز قسم كبير من الاهتمام في إسرائيل، في إعلامها وبين مواطنيها، على استشراف هذه الهجمات الإلكترونية والتكهن بنتائجها وحشـد جيش من الخبراء والتقنيين لمواجهتها، وبذلك حقق المبادرون إلى الهجوم انتصارا معنوياquot;.


وأضاف quot;أما من الناحية المادية، فإنه ربما لم تكن هناك أضرار مالية مباشرة، لكن مجـرد حشد هذا الجيـش من الخبـراء والتقنيين، وإقامة وحدات السايبر في الجيش الإسرائيـلي، فإن هذا يعني أن موارد اقتصـادية تم رصدهـا للدفاع أمام هذا النوع الجديد من الهجمات. والأنكى من ذلك هو توقع هجمات أشد من تلك الأخيرة مما يجعل إسرائيل في حالة تأهب دائم حيال مثل هذه الهجماتquot;. وتابع quot;غير أن إسرائيل، الدولة العظمى إلكترونيـا، قادرة على إلحاق أضرار بالغة في حال قررت شن هجمات سايبر ضد جهة ما. أي أنه بات هنـاك نوع جديـد من القتال، هو القتال في الميـدان الافتراضي، الذي يعتبر أحد ميـادين الحروب المعاصرةquot;.