الشيخة مي بنت محمد آل خليفة
حين نقرأ التاريخ الحديث، نكتشف حقائق وأمورا تغيب عن الذاكرة، لقلة البحث في الجانب التاريخي.
وحين طُلب مني أن أكتب عن المرأة في الخليج، وهو الموضوع الذي أرفض دائما الحديث عنه، حيث إن المرأة هي مواطن لا يحق وضعه في خانة خاصة، فعلت ذلك تلبية لرغبة الجريدة التي أكتب لها عن بعض ما أعرفه من تاريخ المرأة في الخليج، أو البحرين بشكل خاص.
ولو عدنا للتاريخ، لاكتشفنا أن التعليم الحديث في البحرين قد بدأ بصف للبنات قبل البنين عام 1899، مع مدرسة المبشرين، وكذلك بدأ التعليم الرسمي للبنات بعد 9 سنوات من افتتاح مدرسة الهداية الخليفية عام 1919، حيث جاءت مدرسة خديجة الكبرى لتكون أول مدرسة حكومية للبنات عام 1928.
هذه البدايات المبكرة كانت موازية لتاريخ البحرين الاقتصادي، الذي اعتُمد فيه على مهنة الغوص بحثا عن اللؤلؤ، والذي كان عماد الحياة الاقتصادية قبل ظهور النفط، هذه الصناعة كانت تمارسها شريحة كبيرة من المجتمع، وفيها يغيب الرجل عن منزله لفترة تقارب الشهور الـ4، وفيها تدير المرأة الشأن العائلي والاقتصادي، الأمر الذي أعطاها ثقة كبيرة بالنفس ومرونة أكثر للقيام بدورها الطبيعي، بعيدا عن التعقيدات التي ربما تأثرت بها مجتمعات أخرى، ومثلما نقول دائما إن أهل الجزر أكثر انفتاحا ومرونة في التعامل، مقارنة بأهل الباطن، وهذا ما انعكس على مشاركتها في كثير من الأمور، مثل الانتخابات البلدية في الثلاثينات والأنشطة المسرحية في بداية الخمسينات، إلى جانب حقيقة مهمة، لا بد أن تُحتسب للبحرين، وهي أن الرواتب في المؤسسات الحكومية والأهلية متساوية للجنسين (وهو أمر تعاني منه حتى بعض الدول المتقدمة).
لن أطيل في هذا الموضوع، فالمرأة في مجتمعنا لها حقوق ومكتسبات جاءت بالتطور الطبيعي، ولم تكن هناك ثغرات أو حرق لمراحل، وهذا الوضع الذي كنا نراه عاديا ومألوفا يراه البعض بشكل آخر.
وهنا أتذكر ما قالته لي صديقة من فلسطين حول ما لاحظته في هذا الشأن: laquo;إن المرأة في الخليج مدللةraquo;، وربما هذه الحظوة التي تنالها المرأة في بيتها ومجتمعها جعلت مهامها أكثر سهولة في مجتمع عربي ذكوري بطبيعة التشريعات المتعارف عليها.
وأختم بمقولة للمفكر التونسي الدكتور محمد الحداد، الذي يقول: laquo;إذا كانت هناك نهضة للأمة العربية، فلن تكون إلا على أيدي النساءraquo;!
*وزيرة الثقافةفي مملكة البحرين
التعليقات