راجح الخوري


بعيداً عن سياسة المحاور الرائجة في المنطقة، يمثل الاعلان السعودي - التركي عن السعي لتطوير التعاون والقفز بالميزان التبادلي بين البلدين الى 20 مليار دولار، نموذجاً عما يجب ان تكون عليه العلاقات بين الدول. وعلى هذا الاساس اكتسبت زيارة ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز الى انقرة اهمية كبيرة، تتجاوز في النهاية الاقتصاد الى السياسة، وخصوصاً في زمن التدخلات الايرانية المتزايدة في الشؤون الخليجية والعربية.
من المنظور الاقتصادي تمتلك السعودية 25% من الناتج القومي للدول العربية، ولأنها عضو في quot;مجموعة العشرينquot; تعتبر اكبر اقتصادات العالم في المنطقة، في المقابل باتت تركيا اول دولة في النمو الاقتصادي في المنطقة بناتج تجاوز 750 مليار دولار في السنة، وعليه فان تطوير التبادل بين البلدين سيخلق كتلة اقتصادية كبرى، لكن هذا يشكل ركيزة لدور سياسي فاعل ومحوري اقليمياً. وفي هذا السياق عندما يقول الامير سلمان ان هناك تطابقاً في وجهات نظر البلدين حيال كل الملفات الساخنة في المنطقة، فذلك يعني ان التنسيق بينهما يتجاوز بالطبع الازمة السورية حيث تسعى الرياض وانقرة لوقف نزف الدم والحفاظ على استقلال سوريا ووحدة اراضيها، ليشمل التطورات والاحداث في الاقليم الذي يتعرض لمزيد من التدخلات الايرانية، من البحرين الى لبنان مروراً بدول الخليج وبالعراق الذي تدفعه سياسات نوري المالكي الى حافة العداء مع تركيا والسعودية.
وعندما يقول الامير سلمان quot;لمست من الاشقاء الاتراك تفهماً كبيراً لمعظم قضايا الشرق الاوسط واتفقنا على تسخير جهودنا لخدمة الأمتين العربية والاسلاميةquot; فان ذلك بالطبع يتجاوز اتفاق البلدين حول quot;جنيف - 2quot; الى ضرورة العمل على تغيير موازين القوى على الارض من خلال تسليح quot;الجيش السوري الحرquot;، الذي لم يعد يواجه آلة التدمير والقتل التي يديرها النظام بل التدخل الميداني الايراني المدعوم من quot;حزب اللهquot; ومن العناصر العراقية!
وعندما يقول الامير سعود الفيصل الذي رافق الامير سلمان، ان الزيارة اكدت تصميم البلدين على التعاون الايجابي من اجل ايجاد ارضية صالحة لحل قضايا الامتين العربية والاسلامية، فان ذلك يفتح ثلاث نوافذ مهمة، الاولى تتصل بالتعاون والسعي لإرساء حركة التغيير في quot;الربيع العربيquot; بعيداً عن الغلو والتطرف وعن الميل الانغلاقي الاستئثاري الذي يبديه quot;الاخوان المسلمونquot; في مصر وغيرها مثلاً، والثانية تتصل بضرورة التعاون لارساء قاعدة فهم وتفاهم بين الاسلام والعالم، الذي ينظر بصورة نمطية الى المسلمين فيعتبرهم ارهابيين، والمطلوب ان يسعى البلدان لتغيير هذا الواقع وردم تلك الهوة المتزايدة التي تعمّقها اسرائيل. اما النافذة الثالثة فتتصل بمواجهة التدخلات الاقليمية وآخرها التورط الايراني في سوريا وفي خلايا التجسس في المملكة ودول الخليج!