راجح الخوري

تتلاحق فصول quot;مسرحية الكيميائيquot; الاميركية - الروسية، وليس من الواضح كيف ستنتهي وإن كانت قد فتحت نفقاً من الشروط والعراقيل، وهو ما يدفع الى القول انه اذا كانت المفاوضات بين جون كيري وسيرغي لافروف في جنيف، للاتفاق على تسليم الترسانة الكيميائية السورية ستستغرق ثلاثة ايام، فان تدميرها قد يستغرق ثلاثين سنة!
لن اكتب اليوم في السياسة، تعالوا نتصور كيف ستتم عملية ضبط الترسانة وتجميعها وإتلافها، فقياساً بتجربة المراقبين العرب ثم الدوليين، الذين ذهبوا الى سوريا وتاهوا في الأنفاق والدهاليز والشروط والتفاصيل التي يبرع فيها النظام، لن يكون من السهل التحقق من تسليم الف طن من المواد المخزنة في براميل وصفائح وحاويات، موزّعة على المخازن والاقبية والمزارع، في بلد بحجم فرنسا يغرق في الحرب والكمائن، وليس من الواضح ما اذا كان النظام سيسمح للمفتشين بزيارة كل هذه المواقع.
قبل البدء بالتحقق ستواجه العملية سلسلة طويلة من quot;الشروط السياديةquot; التي سيضعها النظام سلفاً، لمعرفة هوية المراقبين ومن اي بلد يأتون، وما لون عيونهم، وما هي فئات دمهم، وهل لهم حرية الذهاب منفردين للقيام بمهماتهم ام بمرافقة رسمية، ثم هل يكون لهم الحق بضبط هذه المواد ونقلها، ام ان النظام سيتولى النقل، وكيف، والى اين، وبمواكبة من، وتحت اي حراسة ستوضع، حراسة من الروس مثلاً، وفي طرطوس، ام في الداخل السوري، وما دور الامم المتحدة في العملية؟
بعد التحقق والتجميع تبدأ المرحلة الاكثر تعقيداً، فكيف سيتم تدمير الترسانة؟ هذه العملية تستلزم جهداً كبيراً ووقتاً كثيراً وتكلفة بالمليارات فمن الضروري تأمين مراكز آمنة للتخزين، ثم بناء محارق خاصة، يجب ان تخضع لمعايير علمية وقواعد بيئية صارمة تمنع التلوث، وسيشرف على الحرق خبراء يتم اختيارهم وفق دفاتر الشروط السورية المعقدة، التي واجهها المراقبون من قبل، وسيكون عليهم الاقامة الدائمة في سوريا ولمدة يقول الخبراء انها قد تستمر 15 الى 20 عاماً، فحرق الف طن من هذه المواد عملية دقيقة تتطلب كل هذا الوقت... وبعد كل هذا من سيدفع المليارات؟
quot;مسرحية الكيميائيquot; لم تكن طارئة، quot;الواشنطن بوستquot; تؤكد انها كانت مدار بحث بين واشنطن وموسكو منذ اشهر وقبل مذبحة الغوطتين، وكانت محور النقاش بين اوباما وبوتين في سان بطرسبرج، لهذا من الفظاظة المضحكة ان يعلن البيت الابيض quot;ان روسيا تضع هيبتها على المحك في الكيميائيquot;، في وقت تبدو سمعته في الحضيض!
من المؤكد ان البحث بين كيري ولافروف في جنيف لن يقتصر على عملية الكيميائي، بل سيتم حكماً ربطها بالتسوية السياسية التي لا يمكن ان تنتظر زمناً، لهذا تم استحضار ديكور الأخضر الابرهيمي.