لندن - إبراهيم حميدي

laquo;وضعوا رأساً مقطوعاً في وسط الغرفة، وطلبوا من كل واحد منا حمله من أذنيه وتقدير وزنهraquo;. أما laquo;السياف المصريraquo;، فوضع سيفه على رقبة السجين الأرمني، وقال إنها laquo;طرية ولن تعذبني كثيراًraquo;.

هذا بعض ما شاهده الناشط الإعلامي laquo;سيف الإدلبيraquo; من أهوال خلال 38 يوماً أمضاها في سجن laquo;الدولة الإسلامية في العراق والشامraquo; (داعش) قرب الدانا، معقل التنظيم في شمال غربي البلاد، الذي تقهقر فيه أمس. ولجأ التنظيم الى السيارات المفخخة لوقف تراجعه امام جماعات اخرى.

laquo;سيف الإدلبيraquo;، الذي فضل عدم استخدام اسمه الحقيقي، روى لـ laquo;الحياةraquo; في اتصال هاتفي ورسائل عبر laquo;سكايبraquo; مراحل اعتقاله وتنقله في سجون laquo;داعشraquo; قبل خروجه مع 15 آخرين بعد اندلاع المواجهات بين التنظيم وكتائب إسلامية مقاتلة و laquo;الجيش الحرraquo;. وأسفرت المواجهات عن إطلاق 300 سجين من مستشفى العيون مقر التنظيم في حلب بعدما اعدم laquo;داعشraquo; نحو 70 آخرين. وأطلق عشرات من مقره في الرقة في شمال شرقي البلاد.

يقول laquo;سيف الإدلبيraquo;، وهو طالب في جامعة حلب: laquo;شاركت في تظاهرة ضد النظام (السوري) أمام مسجد آمنة في حي سيف الدولة في حلب. وتم اعتقالي في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 أمام مسجد أويس القرني في صلاح الدين. وبعد خروجي من المعتقل بعد شهر، بدأت في الحراك السلمي. وخططت مع شباب لتحريك التظاهرات في الجامعة. بداية، تظاهرنا أمام كلية العلوم ثم كنا ننظم تظاهرات يومية في جميع الكلياتraquo;. ويضيف: laquo;لأنني من جبل الزاوية (في إدلب)، بقيت مطلوباً على حواجز النظام وطردت من الجامعة. كما أن والدي، وهو مهندس يعمل في معمل أسمنت، انشق عن النظام. وواصلت نشاطي الإعلامي في حلب وتنقلت مع والدي على الجبهاتraquo;، وكان يعمل مع laquo;أحفاد الرسولraquo; المنضوي تحت مظلة laquo;الجيش الحرraquo;.

وفي 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، طوق مقاتلون من laquo;داعشraquo; 16 شخصاً في مصنع قرب أطمة على حدود تركيا و laquo;أطلقوا النار علينا. قُتل اثنان وجرح أربعة كنت واحداً منهم، اذ أصبت بشظية في رأسي. ونقلت إلى مستشفى أورينت، وأخرج الطبيب الشظية تحت بنادقهم المصوبة إلى رأسه وأنا مكبل الأيديraquo;.

بعدها نُقل laquo;سيف الإدلبيraquo; إلى أطمة laquo;حيث وضع أحد التونسيين السكين على رقبتي وناداني بالذبح، ثم أُدخلت السجن. كنت أُعرض فيها على القاضي، وكان مرة يقول إنه سيخرجني ومرة يقول: أنت كافر وستذبحraquo;. بعد ذلك، أُخذ إلى أطراف بلدة الدانا، حيث حوَّل laquo;داعشraquo; مقر حزب البعث سجناً، وبقي هناك حتى أفرج عنه الأحد الماضي.

السجن عبارة عن غرفتين للاعتقال ضم سجانين وحراساً، ضم 13 كردياً وشخصين أرمنيين و laquo;سيف الإدلبيraquo;. ويروي الأخير أهوال ما شاهده خلال نحو شهر من الاعتقال، حيث كان التونسي laquo;أبو البراءraquo; القاضي، في حين كان laquo;أبو الولاءraquo; و laquo;أبو يعقوب الحلبيraquo; مسؤولَيْن عن laquo;البازارraquo; في التفاوض حول قيمة الفدية للمخطوفين. ويوضح: laquo;طلبا مئة ألف دولار فديةً لكل شخص أرمني أو الذبح. أما السجان laquo;خطاب العراقيraquo;، فكان يأكل الكباب ويرمي علينا بقايا البقدونس والبصل ويقول لنا: أنتم أوسخ من الأميركيين الذين دخلواraquo; العراق.

ومن مشاهداته التي يتذكرها laquo;سيف الإدلبيraquo; أنهم أحضروا ذات يوم رأساً مقطوعاً لرجل في أواخر الثلاثينات من العمر وطلبوا من كل سجين أن يزنه، و laquo;عندما قلنا إننا لا نستطيع حمل الرأس الذي كان ملطخاً بالدم، طلبوا منا أن نحمله من أذنيه ونزنه. الأرمني قال إن وزنه نحو ستة كيلوغرامات. وأنا قلت نحو خمسة، فكان عناصر داعش وهم ملثمون، يضحكون ويصححون الوزن، ثم قال أحدهم لي: سيأتي غداً شخص آخر ويزن رأسكraquo;.

وتحدث أيضاً عن laquo;جولة سياحيةraquo; كما يسمونها، رتبوها لنا إلى laquo;مسلخ الأجسادraquo;، اذ اخرجوهم معصوبي الأعين إلى اطراف البلدة. وraquo;شاهدنا أجساداً معلقة من دون رؤوس وأخرى مقطعةraquo;. ونقل عن أحد الأرمن قوله بعد هذه laquo;الجولةraquo; إن laquo;السيافraquo; اخرج السيف من صدره ووضعه على رأسه (الأرمني) وقال له: laquo;رقبتك طرية لن تعذبني كثيراًraquo;.

وبعد المواجهات الاخيرة، بقي laquo;سيف الإدلبيraquo; وزملاؤه من دون طعام ولا ماء ولا حراس منذ الخميس الماضي، بحسب قوله. ويضيف: laquo;شاهد بعضهم علم داعش على البناء وسمعوا نداءاتنا، فجاؤوا وحررونا. ثم نقلنا إلى تركياraquo;.