الحبيب الأسود

إذا استمرت النخبة السياسية التونسية في خطابها المتشنّج والإقصائي فستقود البلاد إلى التهلكة، وطالما أن البعض يرى مصلحته الشخصية ومصلحة الأسرة والعشيرة والجماعة والحزب فوق المصلحة الوطنية فأبشروا بالخراب، وإذا واصل البعض استبلاه الشعب والحديث عن تمثيليته للجماهير والشارع فإنه سيستفيق على فوضى عارمة لن يستطيع بعدها فرض الهدوء ولا إعادة النظام.

ولا أرى نصيحة أجدى للفرقاء كنصحهم بأن يستعيدوا الوعي ويعملوا العقل، ويدركوا أن ما حدث في تونس كان بعيداً عما يريدون الترويج له، والثورة رفعت مطالب اجتماعية بالأساس، وقادتها مناطق داخلية بشباب أغلبهم يحملون بطاقات عضوية الحزب الحاكم سابقاً.

ومن بينهم البوعزيزي الذي لم يعد من يذكره، والهدف كان إصلاحياً لا غير، وليس هدم الدولة وإعادة بنائها بما يرتضي الحالمون بوضع اليد على الغنيمة، ولما اتسعت دائرة الاحتجاج على نظام بن علي تلقفتها القوى الخارجية عبر أدواتها الداخلية، لتجعل من البلاد باكورة ما سمي بالربيع العربي ولتدشين مشروع الشرق الأوسط الجديد قبل أن تتعطّل ماكينته في التراب السوري.

لا أحد من الساسة يمكنه القول إنه قاد الثورة، ولا أن يفرض على الشعب صفة الثورية، أو أنه ممثل الجماهير، فثقافة الثورة ليست من مضامين تراث الوطن.