علي سعد الموسى

يصعب جدا جدا أن أكتب هذه الأرقام وهذه الحقائق عن عوائد اقتصاديات الحج على حكومة وطني وبلدي لسبب بسيط: لأنني لم أسمع من قبل جملة واحدة من فم والدنا خادم الحرمين الشريفين عن حجم الصرف على الحج ومشاريع المشاعر. لكنني سأكتب عن (ما وراء الخبر) حين تتحدث قناة عربية شهيرة عن (سبعة مليارات ريال من دخل الحج السنوي على الحكومة السعودية). رقم لا يمثل سوى كذبة مفبركة وتضليل لعموم العالم الإسلامي، فما هو هذا الرقم التافه وهو يدخل إلى ميزانية دولة تحصد في العام المالي الواحد أكثر من تريليون ريال مكتمل؟ ماذا سيمثل رقم التضخيم الكاذب عن دخل المملكة من الحجيج في ناتج إجمالي وطني يصل لأكثر من تريليون ريال في العام الواحد؟
تقول الأرقام المؤكدة إن 3000 مهندس يعملون اليوم في مشاريع توسعة الحرمين الشريفين، وإن خمس المصلين الذين تشاهدونهم على شاشة التلفزيون خلف الإمام مع كل صلاة، هم من العمال الذين سيصلون بالتوسعة المقترحة إلى أربعين ضعفا عما كانت عليه المساحة قبل مئة سنة. تقول الأرقام أيضا إن حجم الكادر الصحي الذي يباشر العناية بصحة الحجاج يصل إلى 22 ألف طبيب وممرض وفني، وهذا يعني بالأرقام نفسها موارد تشغيل بشرية تكفي لتفريغ أكبر عشرة مستشفيات في المملكة لخدمة ضيوف

الأرقام تقول إن حجم استيراد المملكة من الأدوية والأجهزة الصحية مع كل موسم حج تصل لملياري ريال، بينما تتحدث أخبار التضليل والفبركة عن عوائد اقتصاد الحج. تقول الأرقام المؤكدة إن 74 ألف رجل أمن يسهرون على راحة الحجيج اليوم وهو رقم يفوق ثلاثة أضعاف حجم قوات حرس الحدود في أميركا والاتحاد الأوروبي مجتمعين في يوم واحد. تقول الأرقام أيضا إن تكلفة مشروع قطار الحرمين الشريفين يصل إلى 64 مليار ريال، وإن هذا المشروع لن يفي بعائد رأسماله قبل 40 سنة مكتملة، فمن هو الذي يجرؤ على كذبة التضليل لـ(ما وراء الخبر) أن هذا البلد قيادة وشعبا تكسب من اقتصاديات الحج؟


تقول الأرقام إن حكومة (المملكة العربية السعودية) توفر بالمجان مئة مليون عبوة ماء احتياطية مجانية في اليوم الواحد من أيام الحج الأربعة، وإنها توفر في اليوم الواحد مليوني وجبة متكاملة لأي طارئ غذائي. تقول الأرقام إن مبنى الجمرات هو أكبر كتلة خرسانية متصلة على وجه الأرض، وإن توسعة بيت الله الحرام أكثر مشاريع الكون تكلفة على مر التاريخ. فكيف يفهم كل من وراء الخبر الكاذب كل هذه الحقائق عن اقتصاديات الحج؟