رائد برقاوي

حملت الموازنة السعودية التي تعد أهم موازنات الإقليم كونها الأكبر رسالتين مهمتين، الأولى ضخامتها لناحية الإنفاق 860 مليار ريال، والثانية تقدير إيراداتها ب 715 مليار ريال أي أنها حددت سعر النفط عند 75 دولاراً للبرميل .


فيما يتعلق بالرسالة الأولى فموازنة المملكة تعني إنفاقاً قياسياً، أي أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ خططها التنموية والتوسعية رغم إدراكها أن النمو العالمي يمر بفترات صعبة، وهو إنفاق من شأنه أن يساعد إلى جانب الارتقاء بالإنسان السعودي على تجنب وقوع اقتصاد البلاد في مرحلة تباطؤ وحث القطاع الأهلي إلى الاستمرار بخططه التوسعية ويساعد الاقتصاد الكلي على الوصول بالنمو إلى معدلات مرضية .


وعلى عكس ما توقعه الخبراء وهذا ما حملته الرسالة الثانية فإن الإدارة السعودية قدرت البرميل ب 75 دولاراً في موازنة عام 2015 . أي أن الرياض مدركة ومؤمنة بأن انخفاض النفط مؤقت، وأن الأسعار لا بد لها أن ترتفع العام المقبل .


معلوم أن 89% من عائدات موازنة المملكة مصدرها النفط وهي نسبة كبيرة وخطرة، لأنها تجعل الرياض رهينة بتذبذبات النفط، وإذا لم تتوافق التقديرات مع الواقع، فهذا يعني أن العجز المقدر ب 145 مليار ريال للعام المقبل قد يتضخم إلى أرقام أعلى بكثير ما يؤثر في الخطط ويدفع الحكومة مجدداً إلى جدولة المشاريع والتمديد .


لكن في ظل حال التفاؤل ومع الإقرار بانخفاض مستوى الدين العام إلى 5 .2% من الناتج ومع احتياطات خارجية ب 8 .2 تريليون ريال، فإن المملكة لا تواجه معضلة لأنها ستتجه إلى الاستفادة من هذه الاحتياطات، أو قد تضطر إلى الاقتراض من البنوك حيث الفائدة المنخفضة تشجع على ذلك .


أكبر اقتصاد عربي أكد من خلال موازنته أنه قادر على تحمل انخفاض النفط ، وأظهر في تفاصيلها أنه متفائل بتحسن الأسعار وحدد 75 دولاراً للبرميل، والنتيجة أن ما حملته تحليلات الخبراء ومن ورائهم حول النفط وتأثيراته في اقتصادات المنطقة وأسواقها المالية كان مبالغاً فيه لدرجة "الذعر والهلع" .


ما هو متبع في السعودية من خطط توسعية تطبقها الإمارات ثاني أكبر اقتصاد عربي بل وأكثر من ذلك كون النفط أقل تأثيراً في اقتصادها المتنوع، وموازنة السعودية ومشاريعها تعود بالفائدة على الإمارات والعكس صحيح، كونهما أكبر شريكين في المنطقة .


إعادة الثقة إلى الأسواق أهم محفزات النمو، وموازنة السعودية وتطمينات الإمارات رسالتان واضحتان للمستثمرين مفادهما . . لا تقلقوا .