سكينة فؤاد

&

&في خير استهلال للعام الجديد وفي يومه الأول وفي احتفال الازهر بميلاد الرسول صلوات الله عليه وسلامه وفي خطاب عنوانه العريض «مدرسة الرسول هل تعلمنا فيها؟» خطاب يقود به الرئيس السيسي ثورة جديدة لاستعادة الوجه المشرق والنوراني لصحيح الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين، بينما حوله جهلاء ومتطرفون إلي أداة لترويع المجتمع الإنساني وتدمير الأمة العربية، وفي القلب منها مصر.


نص الخطاب يتحدث بمرارة عن أحوال أمة لايمكن أن يكون أبناؤها تربوا تربية صحيحة وتعلموا في مدرسة القيم والأخلاق النبوية... مرتان ترك الرئيس النص المكتوب ليسترسل في مأساة تراكم فكر منحرف لم يجد من يتصدون له بعلم صحيح، ويمنع تحوله من ركيزة من أهم ركائز بناء الانسان وقوة الأمة إلي سلاح من أخطر أسلحة نسفها وتقسيم أبنائها واحترابهم وصراعهم ـ ليس غريبا أن أغلب جماعات التطرف والتكفير كانت بذورها الأولي صناعة إستعمارية!

< أتفق مع السؤال الذي طرحه الرئيس ـ هل كان يمكن أن يصل الإرهاب وجماعاته التكفيرية إلي ماوصلوا اليه من توحش ودموية إذا تمت مواجهات مبكرة لكل فكر انحرف وللجماعات الفاشية التي تدير مخططاتها تحت عباءة الاسلام ويعبثون بقيمه ومبادئه ويصنعون تضليلا وانحرافات تستغل نسب الفقر والأمية والجهل ليلحقوها وينسبوها لصحيح الإسلام!! استدعي حجم الأخطار التي تتهدد الأمة والمؤامرات التي تنفذ فيها رافعة شعاراته نداءات من الرئيس وصلت إلي إشهاد الله أو المحاججة أمامه مع علماء الدين اذا لم يقودوا ثورة للتجديد ولإيقاف تمادي الجهالة والتطرف وليقوموا بتنقية تراث صنعه بشر وإستغله عملاء ووكلاء وجهلاء لصناعة الحرائق التي تكاد تحرق الأمة كلها وتدمر أخطر وأعز ماتمتلك وهو شبابها. الأمة تتمزق الأمة تدمر ـ الأمة تضيع وضياعها بأيدينا ـ هل هناك وصف أدق للأحوال الكارثية للامة؟! بينما الصمام الأول للأمن والأمان النفسي والعقلي والقوة الروحية لأبنائها يتحول الي حجج فاسدة لتدميرها.

< دعوات تجديد الخطاب الديني وانقاذ الأجيال من كثير مما يمتليء به كثير من كتب التراث من فكر خارج عن صحيح الدين وتضليل للعقول وتأليه لفكر بشري ـ وقد حفل الاعلام في الايام الأخيرة بكشوف تدعو للأسي والأسف عما تمتليء به هذه الكتب ويتم حشو العقول بها ـ وفي المقدمة منها الحملة الموثقة بالشرائط والوسائط الالكترونية للكاتب الكبير إبراهيم عيسي والتي حاول البعض أن يحولها إلي حملة لتدمير الازهر.... بينما القراءة الأمينة لهذه الحملات أنها دعوة الي قوة الأزهر وقيمته أهمية دوره المسئول في هذه اللحظات الفاصلة في تاريخ مصر والأمة العربية والانسانية بأجمعها ـ وهو نفس توجه دعوة الرئيس لثورة لتحديد الخطاب الديني ومن أجل قوة إنقاذ الأمة وبناء مجتمعات مبرأة من التشويه والتضليل الذي صنع بعقولها وأرواحها وتوجهاتها... سباقات التقدم العلمي وإبداعات العقول والابتكارات والتنمية والحلول لاعقد مشكلات الإنسان والاكتشافات الطبية لاتتوقف ونحن مشغولون ببناء دولة الخلافة الوهمية فوق بحور دماء وجماجم المسلمين والمسيحيين... لا أظن ان ألد أعداء الإسلام ان كان هناك من يمكن أن يعاديه إذا سار في دروب رحمته وصحيح قيمه ومبادئه ـ ألد اعداء الاسلام ممكن ان يفعلوا به أبشع ولا أقسي مما يفعله بشر مارق يدعي الانتماء إليه وينصب نفسه ليتحدث باسمه أو يعتلي المنابر لينشر تخاريف وافتراءات، بينما كبري قلاعه ـ وكل آمال الملايين يخفت أو يغيب صوته!! ومن عجب أن يغضب البعض من الحديث عن إختراق جماعة الاخوان وغيرها من جماعات التطرف والتكفير للأزهر... ألم تخترق مصر كلها بهذا الفكر وهذه الفاشية الدينية والجماعات والجمعيات التي تعادي الهوية الايمانية والحضارية والثقافية للمصريين ـ وهذه المجموعات من الشباب من الجنسين التي دمرت وحرقت جامعاتها ومدنها الجامعية وأطالت الأيدي والألسنة علي اساتذتهم، هل ينتمون لتربية دينية وسطيه سليمة؟! وهل يمكن إنكار ما تعرض له الازهر من محاولات تهميش وتبعية وسيطرة علي أيدي استبداد النظام الأسبق ومحاولات الاستيلاء والسيطرة من الجماعة وما كشفت عنه القصة الشهيرة التي أطلق عليها ميليشيات الازهر والاستعراضات القتالية لشباب الجماعة، في ساحة جامعته ومؤامرة الجماعة لاقالة شيخه الجليل د. أحمد الطيب.. ولكن فور اسقاط المصريين لحكم الجماعة كان المنتظر أن تكون هناك بدايات تصحيح عاجلة لمواجهة ما ترتب علي سنوات التجريف تصحيح العقيدة ونضوب تجديد الفكر ومواجهة ما انحرف وضل وضلل عن جهالة وسبق اصرار وتعمد أيضا ولمواجهة أزمة أمة ـ في القلب منها والمستهدف الأول من تفتيتها واسقاطها مصر، وأزمة أجيال تستغل أسوأ استغلال ـ وإعلان خطط عاجلة وآجلة لتصحيح وتنقية ما تراكم من فكر تحول إلي قنابل تنفجر في الأمة خاصة بعد أن تكررت نداءات الرئيس السيسي علي ضرورة تجديد الخطاب الديني... ولا أظن أن هذا التجديد لا يمكن أن يقوم به إلا أساتذة وعلماء أفاضل لم يقبلوا أن يقفوا يوما علي المنابر ليروجوا لإستبداد وسيطرة الجماعة والرئيس السابق.. شجاعة الاعتراف بالحق هل من لايملكها يملك قيادة تصحيح وثورة تجديد واسقاط تلال فكر انحرف ووضع أسس سليمة لبناء المجتمعات والبشر ويجعلون بحق خلقنا وممارساتنا القرآن وقدوتنا الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه في ظل اعلان والتزام واضح وصريح من الرئيس بإزالة جميع العقبات وتيسير جميع السبل ليؤدي الأزهر وعلماؤه الأجلاء والمستنيرون والقادرون علي الثورة والتجديد وتنقية التراث واسقاط ماتراكم من فكر مضلل ويوقفون ما يرتكب باسم الاسلام من جرائم وخطايا بأيدي وكلاء القوي الاستعمارية الذين أعلنوا منذ إسقاط الاتحاد السوفيتي أن عدوهم القادم هو الإسلام.

> فاتني الاشارة الي الدعوة الثانية التي ترك فيها الرئيس السيسي النص المكتوب في إحتفالية مولد الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه، وانطلق في مكاشفات تمتلئ بالمرارة والألم وكانت الأولي عن ضرورات الحياة والإنقاذ التي يمثلها تجديد الخطاب الديني ومسئوليات الأزهر بالغة الأهمية في هذه المرحلة المصرية والمأزومة من تاريخ الانسانية كلها والأمة العربية ومصر أما الدعوة الثانية فكانت لإنهاء التناقض الصارخ بين قيم الاسلام ومبادئه وفى المقدمة منها فضيلة وفريضة الإتقان وبين ما تضرب حياتنا من بالغ الاهمال واللامبالاة والتهاون والروح غير المسئولة الذي تؤدي بها أغلب أمور حياتنا وكأن العمل والإتقان والإبداع وحسن قضاء حوائج الناس ليست فرائض إيمانية وأن إعادة بناء المجتمع والانسان ليس مسئولية الازهر وحده ولكن جميع مؤسسات الدولة وأن ثورة التجديد يجب أن تشمل جميع القائمين عليه
&