تركي الدخيل

& لم تكن تركيا بمنأى عن المساءلة في مجال تسهيل تحرك أعضاء تنظيم "داعش" بين الدول الأوروبية وسوريا. بعد حادثة "شارلي إيبدو" طالبت ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية تعاون تركيا، ورفع مستوى الجدية لديها في محاربة التنظيم الكارثي. بالطبع تركيا ترد بالثقة المطلقة كما هو رد "أوغلو" الذي قال إن بلاده تقوم بكل جهدها لمحاربة الإرهاب، بينما الأسئلة تفتح أمام النظام التركي: كيف تمكّنت "حياة بومدين" زوجة منفذ الهجوم على متجر في باريس من الدخول إلى سوريا عبر تركيا؟ وكيف تمكّن أعضاء تنظيم داعش من التصوير في حافلات تقل المدنيين الأتراك وسط تركيا؟!

&

&
الغريب أن رد وزير الخارجية داود أوغلو جاء كالآتي: "إن العالم ليس حازماً في حربه على الإرهاب"، مشيراً إلى عدم وجود تعريف متفق عليه للإرهاب عالمياً حتى الآن!

ليست مشكلة التعريف هي ما يُعجز تركيا عن صد الإرهاب ومنافذه، لكن قد يعيقها إما العجز الميداني والإداري في تنظيم خروج ودخول الأشخاص القادمين من سوريا، أو أنه التواطؤ والصمت من أجل الإمساك بورقة إقليمية مهمة ممثلةً بتنظيم "داعش"، وليس سراً أن تركيا تكاسلت في دخول التحالف الدولي. وعليه فإن المقدمة التي بدأت بها هذه المقالة مفادها أن الساحة التركية سائبة، وليست مضبوطةً في الحالة الأمنية المتصلة بمحاربة تنظيمات العنف في سوريا، من "النصرة" إلى تنظيم "داعش"، وسواها من فصائل العنف والإرهاب.

من هنا فإن المطالبة بمنع الشباب العربي والإسلامي من السفر إلى تركيا بات ضرورة، ذلك أن الأمن القومي يحتم علينا هذا الأمر، كما منع الشباب لفترة من الذهاب إلى باكستان-مع أنها دولة صديقة لدول الخليج والسعودية- من هنا يمكن البدء بتنظيم السفر إلى تركيا تمهيداً لمنعه، إلى أن تتم الإمكانيات الإدارية والمادية والاستخباراتية هناك للحد من الدخول السهل المريح من وإلى سوريا، مع أنها بلد مضطرب يعيش أشرس حرب أهلية في التاريخ المعاصر، وهذا لن يكون قراراً عدوانياً أو استفزازياً، فالذي حدث في باريس وعرعر وشرورة ويخطط له في دول الخليج ليس سهلاً، وإذا كان الذهاب إلى سوريا بهذه السهولة الكبرى والسلاسة الاستثنائية، فما الذي يمنع دول الخليج كلها ومعها من أراد من الشباب الإسلامي والعربي من منع السفر إلى تركيا؟!

أظن أنها مطالبة يحتمها الواقع، وتحتمها الظروف، إلى أن تتماسك تركيا التي تستضيف أكثر من مليوني لاجئ سوري، وسواء كان التقصير التركي إداري النزعة، أو سياسي الهوى، فإننا أولى بحماية أراضينا من مجاملة الدول حتى الدول الصديقة، ولنا في المثل العربي: "انج سعد فقد هلك سعيد" خير مثال، فلنسد الثغرات الإرهابية قبل وقوع الفأس بالرأس!

&