قصة «الحوار الخشن» بين الملك وأوباما.. و3 أولويات يقترحها الأردن: صدارة دينية «للأزهر» وسياسية «لمصر السيسي» والتحدث مع «بشار»


بسام البدارين

&أعضاء نادي الرؤساء السابقين في الأردن واحدهم يسأل عن حضور مؤسسة الجامعة العربية في لقاء مغلق عقده معهم مؤخرا العاهل الملك عبدالله الثاني بأن الفرصة لم تعد متاحة للاحتفال بأي دور محوري لهذه الجامعة.
التقييم الملكي صدرت عنه مداخلة تعبرعن الإحباط الشديد من الدور المتقلص والكلاسيكي لمؤسسة الجامعة.


لكن الأهم برز عند التركيز ملكيا على «ريادة وقيادة» مؤسسة الأزهر ورغبة الأردن بدعم وإسناد الأزهر حتى يتحدث دينيا بعد الأن بإسم المسلمين والنظام السني العربي ردا على «التطرف والإرهاب».
لقاءات مغلقة وحوارية عدة عادت لتظهر التفاعل بين الأردنيين وقيادتهم بظرف صعب ومعقد إقليميا مؤخرا بعد تعيين شخصية ديناميكية لا تؤمن بالأضواء ولا بالتحالفات «الشللية» من طراز الدكتور جعفر حسان مديرا لمكتب الملك.
حقبة حسان الذي لا يكثر من الكلام وبدأت قبل أسابيع فقط شهدت عودة وإحياء لتلك اللقاءات الحيوية التي كان يتواصل فيها القصر الملكي مع نخب المجتمع وقواعده بدون تحفظ بعد انقطاع هذه السياسة لعامين تقريبا قبل التغيير الأخير في الطاقم الملكي.
تحت الباب الأخير نظمت لقاءات عدة بما فيها لقاء مباشر وصريح و «هادف» مع أهالي البادية الجنوبية بعد أسر الطيار الأردني وابن الجنوب معاذ الكساسبة ولقاءات أخرى مع رؤساء وزارات سابقين ومع نخب في البرلمان وفي مجال الإعلام العصري الحديث.
الأهم أن هذه اللقاءات أعادت تسمية وترسيم خارطة المواقف الأردنية وكشفت عن تفصيلات مهمة في إطار الموقف الإقليمي فقد تبين أن التركيز الملكي الأردني على مؤسسة الأزهر الشريف كتعبير عن النظام السني العربي له ما يبرره أردنيا على أمل عدم الاستسلام لثنائية «التطرف والإخوان المسلمين».


في الوقت نفسه كانت عمان قد تحدثت علنا وعدة مرات عن تحالف إسلامي عربي يقود ويبادر ميدانيا في مواجهة التطرف والإرهاب بدلا من الاعتماد على قيادة الأمريكيين فقط للمواجهة وهي وجهة نظر عبر عنها شخصيا الملك عبدالله الثاني مرات عدة يتم تعزيزها بالحديث أردنيا عن ريادة وقيادة الأزهر دينيا وفي خطوة موازية إسناد قيادة مصر للتحالف باسم النظام العربي السني.
السعودية تبدو في حالة إقرار للمقترحات الأردنية الملكية لكن مشكلة هذا الخطاب برأي رئيس وزراء سابق تحدث للقدس العربي تكمن في انه لا يجيب على التساؤلات المتعلقة باستنساخ وتفريخ الدول الغربية وأجهزة المخابرات الأمريكية للمتطرفين…رغم ذلك يبدو الملك مقتنعا بأن النظام العربي ينبغي ان يكون «صاحب المبادرة».


في تلك اللقاءات المغلقة كشفت معطيات فالأردن يرغب في «تدريب وتسليح وتأهيل» عشائر الأنبار العراقية في مواجهة النظام الجديد لـ «داعش».
لكن الإصرار الأمريكي خلف الكواليس على مواصلة برامج «نقل السلاح النوعي» للمعارضة السورية إنطلاقا من الأردن إنتهى بـ «اعتذار» أردني عن القيام بهذه المهمة وإخفاق المرحلة الثانية من برنامج تدريب لمعارضين سوريين معتدلين.
الاعتذار الأردني المشار إليه دفع اللقاء الأخير بين العاهل والرئيس الأمريكي باراك أوباما لبعض «التشنج» والخشونة في الحوار فقد عبر الأخير عن الامتعاظ عندما طلبت منه عمان بالبحث عن «غيرها» للقيام بأي مهام في الميدان السوري وبقي الأمر في دائرة الخلاف مع دائرة الرئيس أوباما حتى الزيارة الأخيرة التي قام بها العاهل الأردني لواشنطن والتي لم تتضمن لقاء رسميا مع أوباما لكن الوفد الأردني فوجئ بترتيب لقاء مع الرئاسة الأمريكية وتخفيف حدة التعبير عن انزعاج أوباما بصورة أقرب حتى للاعتذار.
التسريبات التي تصدر عن اللقاءات المغلقة في شروحات الملفات الأساسية في الأردن تشير لإستراتيجية عمان القائمة ليس فقط على إعلاء شأن مؤسسة الأزهر وقيادة مصر لتحالف عربي إسلامي يتولى دعم العشائر والمواجهة في العراق وسوريا فقط بل تعدى نحو التعبير العلني عن تمكن عمان مؤخرا من إقناع واشنطن بضرورة التخلي أولا عن شعار «إسقاط بشار الأسد» وثانيا التحدث معه في شأن مواجهة الإرهاب وثالثا وهو الأهم التقارب مع روسيا وإشراكها بالعمل على معالجة تغادر المستنقع السوري الحالي وفقا لأولويات التحالف.
ملك الأردن يبدو مرتاحا وبلاده تقف وسط عمق المعالجات المنطقية للأحداث خصوصا بعدما تبين للعالم بأن ما كان يقوله الأردن بكل القضايا المحورية هو «الأدق والمنطقي» أكثر كما فهمت القدس العربي مباشرة من وزير الاتصال الناطق الرسمي الدكتور محمد المومني.
بدوره لا يتجاوب الرئيس بشار مع الاعتدال الأردني أو الانعطافة الإستراتيجية في التفكير التي انتهت بتبادل معلومات بين الأمريكيين ودمشق لكن حتى انتقادات وملاحظات بشار للأردن تقرأ بود وهدوء في عمان على أساس أنها جرعة عتاب أكثر من كونها تهديدا.

&
&