عبدالله العوضي

قرابة أربعة عقود من قيام «الثورة» الإيرانية وكل أدبيات النظام مليئة بكلمتين مختصرتين، تختصران كل إنجازات إيران طوال تلك الفترة التي أكلت من عمر الشعب أفضل ما فيه، هما شعار «الموت لأميركا».

وبعد ذلك اللهاث وراء سياسة الموت ودعم الإرهاب بشتى صوره تيقن النظام الإيراني بأن أميركا لازالت حية وفاعلة في الحالة الإيرانية ولو دخلت أي سفارة في كل مكان لوجدت أن الفرد الإيراني هو الغالب في الاصطفاف أمام الطوابير الممتدة لتحقيق حلم الإيرانيين الضائع في الداخل والمتواصل هناك عند «الموت لأميركا».

&


أرأيتم ماذا فعلت سياسة «الشيطان الأكبر» و«الموت لأميركا» بإيران؟ يكفي أنها أوقفت هذه الدولة عند نقطة رحيل النظام الشاهنشاهي السابق ولم تتزحزح عنه قيد أنملة، بل نستطيع القول بأنها زادت على عهد الشاه عندما مارست أفعالها السياسية النكرة على أرض الواقع من خارج الحدود بعد أن سحلت الداخل بما هو أكثر من المنجل والمطرقة.

رئيس دولة بحجم إيران يعلن على الملأ بلا استحياء أن «شعار "الموت لأميركا" الذي يردده الإيرانيون باستمرار ما هو إلا ردة فعل على سياسة الولايات المتحدة ضد إيران.. هذا الشعار ليس موجهاً ضد الشعب الأميركي، شعبنا يحترم الشعب الأميركي، والشعب الإيراني لا يسعى إلى شن الحرب ضد أي بلد».

في أي سوق للنخاسة السياسية يباع هذا الكلام ويشترى، ترى ماذا حصد النظام الإيراني من ثمرات الاتفاق النووي حتى يطرح مبررات ذلك الشعار البائد من جديد.. لقد أهدى العالم الغربي بسبب الصفقة النووية لإيران على طبق بارد حق تصدير أول دفعة من النفط بثلاثين مليون برميل وبقيمة إجمالية تقارب حسب آخر أسعار النفط في السوق العالمية 14,4 مليار دولار، إضافة إلى إعادة 100 مليار دولار مجمدة على وجه السرعة، فضلاً عن عودة الشركات الأميركية والأوروبية بالمليارات إلى السوق الإيرانية، والأخطر من كل ذلك قاطبة لمن يفقهون حديثاً هو إطلاق يد إيران النافذة بشكل طبيعي في الدول، علماً بأن الذي يملك كل مقدرات الشعب الإيراني هو «الحرس الثوري» الذي يقارب تعداده قرابة 300 ألف فرد يملكون فقط 40% من الصناعات الأساسية في البلاد، ويعيش بقية الشعب الذي يبلغ تعداده قرابة 100 مليون نسمة على الفتات منذ قيام «الثورة» إلى الآن.

إيران لأول مرة في تاريخها «النووي» لأنه ليس لديها تاريخ آخر تفاخر به الأمم المتحضرة وإن كانت يوماً حضارة باهرة، تشعر بالهزيمة النكراء في اليمن وهو ما علق عليه د. أنور قرقاش عندما أشار إلى أن «تصريحات إيران لأنها مهزومة في اليمن».

فالتحالف العربي هناك هو الدرس الأول الذي يجب على الجزء «العاقل» من إيران أن يعتبر به قبل أن يتلقى الدرس الآخر في مكان آخر من حيث لا تشعر، فهادي العائد منتصراً على إيران أولاً وعلى الحوثيين مع صالح الذي خان شعبه يعتبر «الحوثيين خنجراً إيرانياً يطعن في الجزيرة والخليج»، نعم لمن يعتبر فعلاً بالتاريخ الماضي فهو ذات الخنجر الذي صنعه أبو لؤلؤة المجوسي لعمر بن الخطاب رضي الله عنه من أجل أن يطعنه غيلة وغدراً، رغم قبول الخلافة العربية والإسلامية آنذاك لوجود هذا الرجل وتوفير حسن الضيافة والمكانة اللائقة لهذا الفارسي الذي قال عنه عمر أثناء لقائه به «أخشى أن نؤتى من قبل هذا» فصدقت نبوءته في ذلك الزمان وإلى الآن.
&