كفى عسيري

ذات مساء عكاظي استبقنا -نحن الغاوين- لحضور أمسية شعرية على هامش فعاليات سوق عكاظ، تقام في مكان سكنانا. نلتف من مشرق الوطن العربي إلى مغربه، نصغي إلى نصوص الشعراء.
حين يأتي دور شعرائنا التونسيين فإنهم يتلون قصائدهم بهدوء وسكينة وإحساس، وبعد الانتهاء من قراءة النص، وعندما يمتدح نص أحدهم يرد بقوله: "يعيشك" مع ابتسامة عرفنا منها ومعها وبها ماذا يميز أبناء هذا البلد الأخضر.


من خلال الملتقيات الأدبية، قيض لنا معرفة عدة أسماء كبيرة من تونس، ربما يكون كل واحد منهم من مدينة ليس منها اﻵخر، لكن كلهم يجمعون على أناقة الحديث والتواضع والابتسامة.
هذه من بعض دلائل وبراهين تساق لتبرهن على استحقاقهم جائزة السلام.


تونس عبرت على جسور عظيمة عملاقة من الجهاد والحب والتفاني لتبقى خضراء قائمة، رغم التحولات والفوضى التي أرهقت وطننا العربي، إلا أنها تصر على أن تقول: أنا هنا. حصدت حب العرب، وجائزة السلام، وبقيت خضراء أسر من يلوي علي الأمل.


لذلك أعلنت لجنةُ نوبل النرويجية، منح جائزة نوبل للسلام لعام 2015 للمنظمات الأربع التي قامت بالوساطة في الحوار الوطني في تونس، تقديرا "لمساهمتها الحاسمة في بناء ديموقراطية متعددة بعد ثورة الياسمين عام 2011"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.


وتشكلت الوساطة الرباعية من المنظمات الأربع: الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان؛ صيف 2013، بينما كانت عملية الانتقال إلى الديموقراطية تواجه مخاطر نتيجة اغتيالات سياسية، واضطرابات اجتماعية على نطاق واسع.


عندما يتقدم أحد بلداننا العربية خطوة إلى اﻷمام، فإننا نقفز بهذه الخطوات عشرات المرات إلى اﻷعلى بكل شموخ وأنفة. نضيف إلى أمجادنا مجدا جديدا، ونسطر لتاريخنا العربي عملا تليدا يليق بنا.
ما فعلته تونس مجد يليق بالإنسانية، ويعود بنا إلى البناء الحقيقي للإنسان المسلم السوي الذي جُبل على الحب والجنوح إلى السلم والألفة والمحبة.


إضافة إلى الرباعي التونسي، هناك العشرات والعشرات من أحفاد أبي القاسم الشابي نشؤوا بعقيدة راسخة، ومفهوم لا يتغير، يقاومون به قبح العالم، ويوقفون به بشاعة الحروب، وسيل الدماء الذي شق وحدة العرب، وجعلهم فرقا وطوائف يتناحرون ويتباغضون.


أصبح أحدهم لا يدحر الظلم عن أخيه، فقط لأنه من مذهب مختلف وطائفة مغايرة.


تونس فاتنة، كتلك النساء اللاتي وهبهن نزار قباني عشقه قصائد لا تليق إلا بتونس عندما قال عنها:
يا تونس الخضراء جئتك عاشقا
وعلى جبيني وردة وكتاب
إني الدمشقي الذي احترف الهوى
فاخضوضرت بغنائه الأعشاب
أحرقت من خلفي جميع مراكبي
إن الهوى ألا يكون إياب
وهذه قطرة حب إلى أهلنا في الخضراء: فصلنا الوحيد الذي جاء ربيعا هو تونس.. فاصمدوا للحب والحرية.