هشام ملحم
&
يصرّ الرئيس باراك أوباما على عدم تغيير موقفه الرافض لنشر قوات برية ضد تنظيم "داعش" وخصوصاً في سوريا ويشدد على ان استراتيجيته المحدودة التي تعتمد على الغارات الجوية والتنسيق مع قوات كردية وعربية محلية سوف تنجح في المدى البعيد. وتبين مواقف اوباما الدفاعية واستخفافه بطروحات منتقديه الذين يدعون الى اعتماد استراتيجية شاملة وبعيدة المدى لمواجهة "داعش"، انه لا يرى ان التغيير الواضح في استراتيجية "داعش" الذي ابرزته هجمات التنظيم الارهابية في بيروت وباريس، وتفجير الطائرة الروسية فوق سيناء، يتطلب تغييراً جذرياً في الاستراتيجية الأميركية.
&
ومنذ بروز "داعش" كتنظيم ارهابي يختلف نوعيا عن التنظيمات الارهابية التي سبقته، بما فيها تنظيم "القاعدة"، والرئيس أوباما يسيء تقدير خطره، كأنه يعيش في حال نكران للواقع. ففي بداية 2014 وصف "داعش" بأنه تنظيم ثانوي لا يمثل خطراً على الولايات المتحدة. والخميس الماضي، ادعى أوباما ان التنظيم "لا يزداد قوة، وقد احتويناه". في اليوم التالي شن "داعش" أكبر هجمات ارهابية تعرضت لها باريس منذ نصف قرن.
&
وفي مؤتمره الصحافي في انطاليا بدا أوباما مستاء من اسئلة مراسلي البيت الابيض المباشرة والقوية أكثر من استيائه من عنف "داعش" في باريس. وانسجمت اجوبته مع اسلوبه المعهود في التعامل مع أي اسئلة محرجة تطرح عليه عن الحرب في سوريا. وكما فعل في السابق حين كان يدعي ان خياراته في سوريا هي إما ألا يفعل شيئاً، وإما أن يغزو سوريا (وهو أمر لم يقترحه أي سياسي او محلّل جدي) فعل الشيء ذاته حين قال: "دعونا نفترض اننا نشرنا خمسين الف جندي في سوريا. ما الذي سيحصل عندما يجري عمل ارهابي مصدره اليمن؟ هل يجب ان نرسل المزيد من الجنود الى هناك؟ أو الى ليبيا؟". أوباما يتحدث وكأن "عاصمة داعش ليست في الرقة، او ان وجودها في سوريا ليس محوريا لنجاحها الاولي في احتلال الموصل.
&
استمرار غياب استراتيجية اميركية تشمل مواجهة "داعش" في سوريا والعراق، ومساعدة المعارضة السورية من خلال اقامة مناطق آمنة قرب الحدود التركية والاردنية وبالتنسيق مع هذين البلدين، ونشر قوات قتالية تحرر الرقة وتسلمها الى المعارضة السورية، سوف يفتح المجال أكثر أمام روسيا لتلعب دوراً أكبر في سوريا – ربما بالتنسيق مع فرنسا هذه المرة - على حساب واشنطن. وهناك مسؤولون أميركيون يتحدثون بصراحة الان عن ان استمرار انهيار الوضع في سوريا سيؤدي في 2016 الى انفجار الوضع في لبنان. المنطقة لن تتحمل تلكؤ أوباما لسنة اضافية.