عائشة عبد الغفار
&
إن جميع الأحداث التى شهدها العالم فى الأسابيع الأخيرة، سواء كانت العمليات الإرهابية التى قلبت عاصمة النور باريس أو التفجيرات فى لبنان، وفى مالى
وفى تونس، تؤكد رسالة مهمة، وهى أن هناك متغيرا خاص بكثافة النشاط الإرهابى، وبالتحديد تنظيم داعش، مما يقتضى من المجتمع الدولى أن يعيد تقييم الاستراتيجية الحالية لمقاومة الارهاب. وترى مصر إن تلك الاستراتيجية لا تتسم بالاتساق لانها تميز بين تنظيم وآخر، وما بين داعش فى سوريا والعراق وداعش فى ليبيا.
والحقيقة أنه لابد من مواجهة كل التنظيمات الإرهابية من نفس المنظور، حيث تنتمى لروافد فكرية واحدة.. ولاشك أن هناك أيضا قدرا كبيرا من عدم الاتساق ازاء التعامل مع الدول الراعية للإرهاب من قبل المجتمع الدولى الذى ينبغى عليه معالجة وتجفيف منابع التمويل ومحاصرة التنظيمات وارساء معايير واجراءات لمراقبة وضبط الحدود. ومن المدهش للأمر أن نفاجأ بالسكرتير العام للأمم المتحدة يعرب عن قلقه إزاء مقتل أفارقة متسللين عبر الحدود، فكيف نتحدث عن منع انتقال الهجرة غير الشرعية وتجارة الاسلحة، وينتقد بان كى مون الدول التى تمارس مسئولية حماية حدودها الدولية؟ وهذا امر يحتاج إلى مراجعة, الأمر الثانى هو مكافحة الفكر المتطرف لانه يفرخ الإرهاب. ولذلك فإن إحدى الأدوات الفعالة لردع هذا الفكر هو أمن المعلومات والمتابعة لنشاط التنظيمات على شبكة المعلومات الدولية ورصد الأفكار ومنابعها التى تنشر الإرهاب فى أرجاء المعمورة، وعلى رأسها كراهية الآخر وغلق المواقع الالكترونية المشبوهة ونشر الإسلام الوسطى والفتاوى التى تحرم الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ولقد طرح حادث الطائرة الروسية أهمية التعاون فى هذا المجال، ولذلك هناك تنسيق قائم بين روسيا ومصر من خلال زيارة النائب العام الروسى للقاهرة.
ولاشك أن وزارة الخارجية تقوم بدور مهم من خلال نشر على مدونتها ستمائة فتوى باللغات الأجنبية، والقضايا الفقهية ومقالات تتعلق بالإرهاب، ولا ننسى أن المقاتلين الأجانب فى تنظيم داعش بالآلاف يتحدثون باللغات الأجنبية والدبلوماسية المصرية تسعى لدحض ومقاومة حجج الإرهابيين بالنسبة لعمليات التجنيد وفكرة الاستشهاد والالتحاق بالجنة.. إلخ.
ويجب أن نشير إلى أنه كلما أهتز الوضع السياسى فى دولة توافرت بيئة حاضنة للإرهاب، فداعش فى سوريا تسيطر على مناطق إنتاج النفط، وتنتج ما لا يقل عن مائة ألف برميل فى اليوم والسؤال من الذى يشترى النفط، ومن يأتى بالسلاح وبالسيارات اللاندكروز الممتدة على ثلاثة كيلو مترات؟! ولو لم يتفق المجتمع الدولى على استراتيجية واحدة لن نسلم من تصاعد الإرهاب، ولن يكون أحد فى مأمن من مخالبه... كما لابد من تعزيز آلتنا الإعلامية وأدوات الاتصال الخاصة بالتحالف لمواجهة الإعلام الداعشى الذى يستخدم شبكاته العنكبوتية لبث سمومه.
وأعتقد أن مصر عندما ستبدأ فى ممارسة عضويتها داخل مجلس الأمن فى يناير المقبل سوف يكون لها دور مهم فى مراجعة تنفيذ القرارات التى سوف تضرب بيد من حديد على الإرهاب، وعلى رأسها قرار 1337 وطرح مشروعات قرارات جديدة تركز على الأبعاد التى ذكرناها، ولا ننسى دور لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، والتى ترصد التنظيمات الإرهابية والعناصر الإرهابية فى كل مكان... فلقد دق ناقوس الخطر فى كل شبر من الكرة الأرضية، وسوف تنتهى ازدواجية معايير القوى العظمى خشية أن تحترق بنيرانها!.
&
التعليقات