أيمـن الـحـمـاد

ثلاث عشرة مرة وردت كلمة "العرب" وتصريفاتها في الحديث المقتضب لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز لضيوفه أعضاء المعارضة السورية، يعكس ذلك بشكل واضح هاجس الملك العربي من اختطاف سورية، وتوجهات النظام السوري بمساعدة طهران صوب مشروعات لتفريسها، وتغيير ملامحها العروبية عبر إحلال عناصر من شأنها الاستعاضة عن الشعب السوري الذي شُرد بفعل قوات النظام والمليشيات الايرانية، والتي تدور في فلكهما شعوب أخرى تم جلبها من كل حدب وصوب، لذا تعرض الملك لهذا الأمر وذكّر الوفد المعارض بمسؤوليته التاريخية ومهمته في الحفاظ على عروبة سورية وإعادتها إلى الحضن العربي.

جاء اجتماع أطياف المعارضة السورية في الرياض كاختراق مهم في مسار الأزمة السورية التي أصبح لملمة تداعياتها على رأس أجندة قادة الدول الغربية، لاسيما وأنها أفرزت أكثر الظواهر خطورة على الأمن الدولي وهو الإرهاب، الذي أطل برأسه في عواصم أوروبا مع مخاوف من أن يطال أميركا ودولاً أخرى هي فعلياً مناطق ساخنة، وقابلة للتوتر في جنوب آسيا على سبيل المثال، وهو ما يُلقي بحمله على المؤسسات الأمنية التي تستنفر اليوم على كل المستويات، فها نحن بصدد قوات أوروبية تتدخل بشكل صريح في الحرب على "داعش" بعد أن ظلت طويلاً في حالة تردد من المشاركة من عدمها، ذلك التردد الذي أضر بالأزمة، وأوصلها إلى مآلاتها التي نعيشها هذه اللحظة.

الاجتماع الذي اختتم في الرياض أسهم في ترتيب بيت المعارضة السورية التي كان يؤخذ عليها تشتت قرارها وتشظّي وحدتها، ما أضر كثيراً بالقضية السورية، وأضعف مواقفها أمام المجتمع الدولي، وأسدى ذلك خدمة للنظام الذي ظهر بشكل أكثر تماسكاً لاسيما على المستوى السياسي،.

واليوم وبعد هذا الاجتماع فإن المعارضة معنية بتقديم نفسها كبديل قادر على تحمل مسؤولية تبعات هذه الأزمة التي هي اليوم محط أنظار الجميع.

إن الكوادر الوطنية السورية التي اجتمعت في الرياض، والتي وضعت خلافاتها جانباً، وآثرت الجماعة على الفرد، والوطن على الحزب، قادرة على بلوغ هدفها النهائي بإزالة هذا النظام بعد أن فقد شرعيته تاركاً في كل بيت سوري ثأراً يطلبه منه، ولعل توصل الفرقاء السوريين إلى توافق من أجل إطلاق مفاوضات سياسية مع النظام سيحرج الأسد ويضعه أمام واقعٍ جديد.

وحري بالولايات المتحدة وروسيا اللتين كانتا تراقبان ما ستتمخض عنه هذه الاجتماعات في الرياض، أن تدركا أن احتواء الأزمة السورية وإن جاء متأخراً، إلا أن بالإمكان المضي في خطوات قد تقلص من حجم تبعات ومآلات الأزمة وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الاقليمي والدولي، وأن ترك النظام السوري ليعبث وينفذ مشروعه الدموي أمرٌ لن يستمر، وأن استمراره سيفقد المعارضة السورية الثقة بالمجتمع الدولي ويدفعها لتبني خيارات المواجهة لا التفاوض.
&