عبدالعزيز السويد

الحقيقة أننا تأخرنا كثيراً في السعي للإمساك بزمام المبادرة في ما يتعلق بالحرب على الإرهاب، لقد مكثنا فترة طويلة في الدفاع عن أنفسنا وعن المسلمين ومع الدفاع انكفاء، وحين أعلنت السعودية مبادرة إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب مقره الرياض لم تجد هذه المبادرة الدعم والمساندة المنتظرة من القوى الكبرى الصديقة، مما لا شك فيه أن هذه القوى وخصوصاً واشنطن تقوم بتوظيف مكافحة الإرهاب أو الحرب على الإرهاب لمصالحها، على رغم رائحة الإرهاب العفنة إلا أن الزعم بالحرب عليه دجاجة تبيض ذهباً للغرب بالدرجة الأولى، بل يمكن القول إن واشنطن تعمل على ألا يتم اجتثاث هذا «الشبح» نهائياً لتحقيق أكبر استفادة سياسية واقتصادية منه. مسؤولون سابقون في الإدارة الأميركية اعترفوا أخيراً بالصوت والصورة بما وصفوه «أخطاءهم» في قرار غزو وتدمير الدولة العراقية. هذا الاعتراف ليس إلا من قبيل الضحك على الذقون، تهيئة لخطط جديدة.

&

إن واشنطن التي سلمت العراق لإيران وزرعت المحاصصة الطائفية في بلاد الرافدين تعلم العلم اليقين بالمنتوج و«الغلة» المتوقعة لهذه الزراعة، واستعادة فترة حكم «بريمر» للعراق بتفاصيلها وما بعدها لا تسمح للمراقب إلا بسوء الظن في كل الخطط والرؤى و«النصائح» الأميركية.

&

والتحالف الإسلامي لا شك يمكنه تحقيق الكثير في الدفاع والهجوم ضد الإرهاب وأيضاً للحد من استغلال «الحرب» على الإرهاب من الغرب وحتى روسيا، كسوط مسلط على الدول العربية والإسلامية والمسلمين في كل أصقاع العالم، إنما في جانبه المعلوماتي والاستخباراتي والدبلوماسي السياسي والفكري والإعلامي، إن الصوت الإعلامي الإسلامي ضد الإرهاب ككل ضعيف فهذا العالم يستقبل ما يبث إليه قانعاً بردود فعل آنية متلاشية الأثر.

&

أما احتمال التدخل العسكري في سورية كما ألمح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير فهو محفوف بالمخاطر، الصراع في سورية ليس بين طرفين بل أطراف مختلفة متباينة، وروسيا وإيران حاضرتان، في حين أن الناتو يقف على الحدود السورية منذ بداية الأزمة ولم يحرك ساكناً حتى بعد التدخل الروسي؟ والأتراك سحبوا قواتهم أو بعضها من شمال العراق بعد أيام قليلة من دخولها! المعنى أن سياسة الولايات المتحدة معروفة بالتوريط ونصب الفخاخ، التحالف الإسلامي ضد الإرهاب سيحقق مساهمة كبيرة في تحجيم الحركات الإرهابية مثل «داعش» وغيره بحصره بصيغته التنسيقية الاستخباراتية والسياسة الإعلامية، وهو كاف في هذه المرحلة. إن من الواجب علينا الانتباه والحذر من مسايرة حليف سابق يفتح صفحة جديدة مع خصم إقليمي شرس، وحامي حمى عدو هو أساس كل الكوارث في المنطقة العربية، فمن ينسى السفيرة في بغداد «أبريل غلاسبي»، ومن ينسى «محور الشر»، الذي تبخر مع تحول «الشيطان الأكبر» إلى ملاك!
&