أوهام الشاشات.. سياسة ترحيل المشكلة والبحث في السؤال الخطأ

&يوسف الديني

على وقع الصخب الكبير المرافق لهجمات باريس الإرهابية وما تلاه من ردود فعل حول العالم غير مسبوقة، يولد السؤال: هل ثمة تحيّزات في التناول الإعلامي لموضوع الإرهاب، بحيث تختلف ردود الفعل بتغير أطراف المعادلة سواء الجماعة الإرهابية أو البلد المستهدف؟

سؤال لا يبدو اعتباطيًا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن ملف «الإرهاب» من أكثر الملفات السياسية تعقيدًا بسبب ضبابية المفهوم وسرعة إيقاع تطور العقل الإرهابي الذي يتقدم بخطوات عن الجهود في مكافحته والتي لا تتعدى الإدانة والشجب والوعيد بالرد إلى أن تدور عجلة الزمن من جديد ويعود الإرهاب مجددًا ليضرب عواصم العالم بحسب استراتيجيته في قراءة أهدافه ومدى تأثيرها بشكل كبير.

الإرهاب الآن ينتصر عبر الزخم الإعلامي الذي بات أقرب إلى الدعاية المضادة بسبب الرسائل الخاطئة التي يمنحها كل مرة، فبدلاً من قراءة الحدث ومحاولة تحليله على المستوى السياسي، تتسابق القنوات الإعلامية إلى خطف لحظة السبق باتهاماتها قبل حتى استكمال التحقيقات، وساهمت وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «تويتر» في دفع الإعلام نحو سيل من ردود الفعل المضطربة باتت مشكلة مصاحبة لأزمة الإرهاب الذي بات إعلامه يتقدمه، بل بات الملف بضاعة رائجة لمن يريد استغلاله لمصالحه السياسية.

أحد أكبر إشكالات التحيّز الإعلامي في ملف الإرهاب هو تبسيط تناوله، العالم الداخلي لجماعات العنف المسلح كـ«داعش» وقبلها «القاعدة» متشابك ومعقد وكثيف الظلال عكس ما يبدو أنه بسيط ومباشر (أشخاص ناقمون يسعون للتغيير بالقوة)، وبسبب هذا التبسيط في فهم هذه الظاهرة، ينحاز الخطاب الإعلامي عبر تهميش مكون أساسي في المشهد السياسي العالمي وهو «جماعات العنف المسلح»، والتي تختلف عن جماعات الإسلام السياسي وإن كانت منبثقة عنها في الرؤية والتكوين الفكري والقضايا العامة، إلا أنها تختلف عنها باعتبارها جماعات فوضوية ذات منزع عقائدي وليست جماعة سياسية تهدف إلى السيطرة على مفاصل المجتمع عبر شعارات دينية. &