&رقم رهيب يجلل نظام الحكم بالفساد… ومقدمو الفضائيات يتلصصون ويتجسسون على حياة المواطنين الخاصة

&

حسنين كروم

&جسدت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 28 ديسمبر/كانون الأول استمرار عزوف الأغلبية الشعبية شبه التام عن الأحداث والتطورات السياسية، رغم أهميتها وتأثيراتها على مصالحها ومستقبلها. فالصحف وكل وسائل الإعلام الأخرى من المواقع الإلكترونية والفضائيات تصرخ محذرة مما سيحدث في ذكرى ثورة يناير/كانون الثاني. كذلك فالأغلبية لم تلتفت لمحادثات سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم، رغم أهميتها وتعلق الأمر بحياة البشر والزراعة والصناعة.

وكل المعارك العنيفة التي حدثت حول الإعلام والصحافة ومجلس النواب، ولا تزال لها ذيول انصرف الناس عنها، وكذلك المناوشات حول حركة المحافظين الجديدة، وما يقال عن حوارات اختفاء قريب يلقى التجاهل نفسه، لأن الداخلية عادت وتحدت كل من يتهمها، أن يقدم الأسماء. وقالت إن أقسام الشرطة والسجون مفتوحة لمن يريد من المنظمات، وإن المحتجزين تم احتجازهم بأحكام قضائية أو بقرارات من النيابة العامة.

والملاحظ أن اهتمامات الأغلبية تنحصر في أزمة مجلس إدارة النادي الأهلي واحتفالات رأس السنة الميلادية، وإجازة نصف السنة للمدارس والجامعات، وعروض شركات السياحة المخفضة في فنادق شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان. أما اهتمامات رجال الأعمال والمستثمرين والحكومة فانحصرت في حل مشاكل المستثمرين والمشروعات التي ستقيمها السعودية في السنوات الثلاث المقبلة، باستثمارات تقدر بثلاثين مليار ريال سعودي. واستعدادات بدء توزيع أراضي مشروع المليون ونصف المليون فدان، بعد ساعات، وبدء العمل في أول مصنع لـ«شركة سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار»، وهو جزء من سلسلة مصانع للرخام والملح مشاركة بين الجيش وقبائل سيناء، التي تساهم بمبلغ ثلاثة مليارات جنيه لإقامة مشاريع مختلفة، وقد افتتحه الرئيس فعلا. وإلى بعض مما عندنا..

مصر أكبر كثيرا من مسؤوليها

ونبدأ بالمعارك والردود المتنوعة، التي يبدأها من يوم الأحد زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة «المقال» بقوله عن كل من رئيس الوزراء ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات: « هشام جنينة غريبة جدا فقدان نخوة حكومة شريف إسماعيل. ضربها المستشار هشام جنينة بمقتل في شرفها، حين قال إنها فاسدة. نعم فاسدة فحسب ما يقول رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، إن حجم فساد الدولة في العام الذي يلملم أيامه بلغ ستمئة مليار جنيه، فماذا يعني ذلك إلا أنها فاسدة أو بالحد الأدنى، إذا لم تصنع الفساد فهي تسكت عليه، لكن السيد شريف إسماعيل لم ينطق في مواجهة هذا التصريح الجنيني، لا طلع بتصريح ولا نزل بموقف، ولا هاج ولا ماج ضد الاتهامات، ولا نفاها ولا أعتذر عنها، لا شيء إطلاقا. ما الذي يمكن أن نطلقه على حكومة تصمت على اتهام ثقيل وهائل من رأس الجهاز الرقابي في مصر؟ هل يعتقد شريف إسماعيل الذي يتكلم بصعوبة أو بالتعليمات أو بالاستئذان أن الصمت حل جيد لقتل الاتهام؟ البعض طبعا يشن حملات على المستشار هشام جنينة متهما إياه بالتعاطف مع الإخوان، وافرض مالنا أحنا دلوقت بإخوانيته المزعومة أو المعروفة. أمامنا جمل وأمامنا جمّال. أما الجمل فهو تلك التهمة المذهلة عن فساد الحكومة، وأما الجمال فهو رئيس الحكومة نفسها المتهمة.

يطلع جنينة إخوانيا نكتشف أنه ليبرالي أو يساري عتيق ليس موضوعنا الآن، لكن الصمت الأكثر إدهاشا هو صمت السيد جنينة نفسه، فالرجل بعدما أطلق هذا الإعلان المرعب، طالبه الكثيرون بأن يملك شجاعة أن يعلن التفاصيل، أن يسمي هذه الجهات وتلك المؤسسات وهؤلاء الأشخاص المتورطين في الفساد بملياراته الستمئة، أن يكشف للشعب المصري أن كلامه ليس بالونات في الهواء تأخذها الريح للمرح، وليس مبالغة للطعن المجاني في الحكومة أو النفخ في دوره كرقيب على مال الدولة، لكن هشام جنينة لم ينطق لعله لا يملك الشجاعة أن يتكلم ويشرح ويفسر ويفصل ويشير للمتهمين بأصابع تخزق العيون، بالضبط كما أن حكومة شريف إسماعيل لا تملك أن تغضب أو تنفي أو ترد. مصر فعلا أكبر كثيرا من مسؤوليها».

كلام مسؤولي الدولة يجب

أن يكون بحساب وبميزان سياسي

وما أن انتهى عيسى من كلامه حتى بادر بالتعليق على القضية نفسها زميلنا في «اليوم السابع» عادل السنهوري بقوله: «من الواجب عليه كرجل قانون ورجل شرطة سابق أن يرهن كلامه بحقائق دافعة وأرقام محددة يعلنها للرأي العام، حتى لا يصطدم الناس في حجم الفساد في مصر، ومن دون تحديد المدة الزمنية التي تراكم فيها هذا الفساد، حتى لا يفتح الباب ويعطي الفرصة للمتربصين بإلصاق هذا الرقم بفترة حكم الرئيس السيسي، التي لم تجاوز عاما ونصف العام حتى الآن، وتصدير رسائل سلبية في توقيت حرج وقبل ذكرى 25 يناير/كانون الثاني. وبصفة شخصية أربأ بمسؤول كبير في الدولة وبرجل قضاء وشرطة أن يضع نفسه في دوائر الشك والريبة بتصريحات حول الفساد… لا أشكك في النوايا والأغراض ولا أبحث وأفتش في الضمائر، لكن كلام أي مسؤول في الدولة يجب أن يكون بحساب وبميزان سياسي منضبط، فما بالنا برئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، عندما يتحدث عن الفساد والمخالفات من دون وقائع أو معلومات يعرضها على الرأي العام حتى يعرف الناس الحقيقة في ما يتحدث عنه».

مليارات هشام جنينة!

ومثل عادل فعل في يوم الأحد نفسه زميلنا وصديقنا حمدي رزق في عموده اليومي في «المصري اليوم» (فصل الخطاب) إذ قال: «…إذا بلغ الرئاسة هذا الرقم وصمتت عليه تبقى مصيبة، وإذا لم يصلها هذا التقرير وعلمت به من «اليوم السابع» تبقى مصيبة، وإن صمت «جنينة» عن إبلاغ الرئاسة بالرقم تبقى مصيبتان. 600 مليار في عام واحد هذا فوق طاقتنا العقلية على الاستيعاب، هل هناك تقارير فعلا تقول بهذا الرقم الرهيب؟ وأين ذهبت هذه التقارير، لماذا لا يعلنها جنينة على الرأي العام أو يسلمها إلى النائب العام.. بلاش الرئاسة يا سيدي؟ جنينة عارف بيعمل إيه، وبيعلن إيه، وفي أي توقيت، معلوم العام 2015 هو العام الأول من حكم الرئيس السيسي، رقم مثل هذا يصمه بالفساد، عام من الفساد، هل هذا ما يقصده جنينة.. أليست هذه هي الرسالة الواضحة التي مرت إلى الرأي العام، الرسالة وصلت يا سيادة المستشار.. سعيكم مشكور.

لا يصمت على الفساد إلا فاسد، وعين الفساد السكوت على هذا التقرير، وسؤال بسؤال، وماذا عن كلفة الفساد فى الأعوام القريبة السابقة؟… إن صمتت رئاسة الجمهورية عن هذا الرقم في عامها الأول، تدان، وإذا لم يثبت جنينة صحة هذا الرقم يدان، وكلاهما أمام الرأي العام مطالبان بالإفصاح، حتماً ولابد أن يكشف جنينة أوراقه التي بنى عليها أرقامه، ويدلل بالمستندات، 600 مليار كلفة الفساد في عام السيسي الأول، فليستدع الرئيس جنينة ويفحص هذه الأرقام، يتطهر من هذا الرجس، رقم رهيب يجلل نظام الحكم بالفساد! توقيت إطلاق الرقم قبل اكتمال العام، وعلى بُعد أيام من 25 يناير/كانون الثاني، يثير علامات الاستفهام.. رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عندما يطلق رقماً رهيباً مثل هذا، لابد أن يمتّنه بالمستندات، لا أعرف التصريف المحاسبي لجملة جنينة: «يمكننا أن نقول إن تلك التكلفة تجاوزت خلال عام 2015 الـ600 مليار جنيه».. ممكن البرلمان يترجم هذه المقولة إلى استجواب، يستجوب «جنينة»، وكذا رئيس الوزراء، والمدان يذهب من فوره إلى النائب العام. إطلاق هذا الرقم على الرأي العام من دون تمحيص أو تدقيق «يمكننا أن نقول «فضيحة محاسبية، أرقام جهاز المحاسبات لا تطلق هكذا في الفضاء الإلكتروني، هناك سبل متبعة وفق قواعد الجهاز للإبلاغ عن قضايا الفساد ليس من بينها أبداً المواقع الإلكترونية».

هشام جنينة:

الفساد يأتي من الكبار

وفي اليوم التالي الاثنين، أي أمس، رد هشام جنينة على قول حمدي له سعيكم مشكور، بأن قال، ذنبكم مغفور، فقد نشرت له جريدة «روز اليوسف» اليومية الحكومية حديثا على كامل صفحتها الخامسة أجرته معه زميلتنا الجميلة ناهد سعد أكد فيه على ما قاله لموقع «اليوم السابع» ومكررا اتهاماته: «سيتم الكشف قريبًا عن قضايا فساد كبرى ردا على الأقاويل التي أثيرت مؤخرا حول تحجيم عمل الجهاز. حقيقة يصعب حصر حجم تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية، لأن هناك بعض الجهات في الدولة لا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، لكن من خلال التقارير الرقابية التي أعدها الجهاز وقدمها للمسؤولين في الدولة، بخصوص الفساد، تجاوز الفساد ستمئة مليار جنيه بكثير، في حين لا يوجد حصر دقيق لثروات مصر المنهوبة نتيجة عدم وجود آلية دقيقة توضح حجم هذه الثروات، التي لا تكون مالية فقط، بل ثروات طبيعية أيضا، حيث أن سوء استغلال الموارد الطبيعية وإهدارها لصالح جهات أو أشخاص يعتبر نوعا من النهب، ناهيك عن أن هناك ثروة عينية تتمثل في أراض أو مقومات أساسية في الدولة. والغريب هنا أن هناك بعض الجهات تتعمد إخفاء بعض المستندات التي نحتاجها في تقييم أدائها، الأمر الذي يجبر مفتشي الجهاز على تدوين «التقارير صدرت وفقا لما أتيح لنا من معلومات». رئاسة الجمهورية طوال العامين الماضيين لم تشرف على تقارير الجهاز ولم يتم تعاون بيننا، نظرا إلى أن الجهاز سبق أن طلب من الرئاسة الإشراف على الأمور المالية داخلها، لكن نتيجة تأخر التصاريح والموافقات الأمنية اللازمة للقيام بالاطلاع على المستندات، لم نتمكن من الإشراف على الرئاسة خلال العامين الماضيين، خاصة أنها مؤسسة حساسة. وكان آخر تقرير تم منذ أن كان مرسي في سدة الحكم، وبعد انتهاء حكم الإخوان كانت هناك «سنتان ماليتان» نتيجة تأخر الحصول على التصاريح الأمنية، لكن مؤخراً، ومنذ أيام، منحت رئاسة الجمهورية تصاريح للجهاز بالرقابة، ومن المقرر أن يبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة الموظفون في فحص الملفات المالية لمؤسسة الرئاسة.

كما سئل هشام عن علاقته بمؤسسة الرئاسة بعد قرار خضوع رؤساء الأجهزة المستقلة للعزل، وهل هناك غضاضة بينكم؟ فقال: كل التقدير والاحترام لشخص الرئيس، وهو يمارس عمله وفقاً للقانون فالجهاز بأعضائه كان لهم تحفظ على هذا القانون، أبدوه في غاية من الاحترام والتقدير ورفعوا توصياتهم للرئيس معلنين تحفظهم عليه، ويجب أن تكون محل اعتبار لدى المسؤولين في الدولة، لأن تلك التحفظات الهدف منها الحفاظ على دور الجهاز في ممارسة صلاحياته بحرية، بهدف حماية المال العام، لكن فكرة تقليص أو ترهيب القائمين على كشف الفساد أو ملاحقتهم واستهدافهم بأي آلية تقلص من كفاءتهم وقدرتهم على العمل في كشف الفساد، خاصة أن الفساد الأكبر لا يأتي من صغار موظفي الدولة بل من الكبار، ولابد أن تكون هناك حماية لأعضاء الجهاز الذين يكشفون الفساد».

حمدي رزق: أخشى أن يسقط

البرلمان من حالق في غيبة ربان ماهر

ومن معركة هشام جنينة إلى معركة سامح سيف اليزل عضو مجلس النواب ومنسق ائتلاف «دعم الدولة المصرية»، وما يحدث من معارك دارت بين الكتل والأحزاب والمستقلين، وما يقال عن اختيار رئيس للمجلس. ومرة أخرى مع زميلنا وصديقنا حمدي رزق الذي حذر يوم الخميس في «المصري اليوم» من فرض شخصية معينة رئيسا للمجلس بقوله: «أحذر من الآن من محاولات فرض شخصية بعينها على الأعضاء كرئيس للبرلمان فقط لخلفيته القانونية. نجح فقط ضمن قائمة «في حب مصر» حساب خاطئ سيكلفنا كثيرا، أخشى أن هذه الشخصية لن تتحمل الزوابع والأعاصير السياسية المتوقع هبوبها على البرلمان، شراسة نفر من أعضاء البرلمان فضائيا تؤذن بما لا يحمد عقباه، أخشى أن يسقط البرلمان من حالق في غيبة ربان ماهر. يقينا التجربة تحتمل الخطأ والصواب، والتوفيق والفشل، ولكن في حالة هذا البرلمان الذي أتى شيعاً وأحزاباً تفضل شخصية جامعة للأفكار مانعة للتفلتات رافضة للمزايدات، شخصية توافقية تتمتع أولا باحترام أعضاء البرلمان. نحتمل رفاهية أن يأتي رئيس برلمان لأن هناك من يصر على فرضه فقط ليتمكن من قيادة البرلمان من خلف ستار. أخشى رئيس البرلمان المرشح لا يحتمل «شخطة» من أحدهم وبين أعضاء البرلمان من يشخطون وينطرون وبالسوابق».

انشقاقات داخل

الإئتلاف الوليد

وفي يوم الخميس نفسه شن زميلنا شريف رياض في «الأخبار» الحكومية هجوما على ما يحدث من مناورات وألاعيب بأن قال: «الآن وبعد 5 سنوات من سقوط مبارك بسبب ممارسات أحمد عز والحزب الوطني، نجد هذه الممارسات تطل علينا من جديد من خلال محاولة اللواء سامح سيف اليزل – القادم من خلفية عسكرية، ولم يمارس السياسة من قبل- تشكيل ائتلاف سياسي داخل البرلمان، يضمن أغلبية الثلثين بأي شكل، مستخدما في ذلك أسلوبا عفّى عليه الزمن، وأسقطته ثورة 25 يناير/كانون الثاني بالضغط على النواب وتخويفهم والتلويح بأنهم إذا لم ينضموا للائتلاف فإن مجلس النواب سيكون مهددا بالحل! إيه الحكاية يا سيادة اللواء؟ حتى المقربون منك وأولهم مصطفى بكري اعترف بأن الانشقاقات التي شهدها الائتلاف الوليد سببها طريقة إدارتك للأمور وانفرادك بالقرارات.. هذا الائتلاف – كما قلت الأسبوع الماضي- لا مبرر له في ضوء ما أسفرت عنه الانتخابات، وهو أن كل الأحزاب الممثلة في البرلمان و99٪ من النواب المستقلين يدعمون النظام والرئيس السيسي، لا تضغط عليهم فلن تصبح كمال الشاذلي آخر ولا أرضى لك أن تصبح أحمد عز جديد».

في مصر الأمن والسياسة لا يفترقان

وإذا كان هذا يحدث في صحيفة حكومية، فمن الطبيعي أن يقول في اليوم ذاته في صحيفة خاصة وهي «الشروق» زميلنا فهمي هويدي: «ليس عندي ما أقوله عن شخصية الرجل الذي يتسم أداؤه بالرصانة والاعتدال، فيما هو ظاهر على الأقل. لكن الذي لم أفهمه وأستغربه هو لماذا تتدخل الأجهزة الأمنية في اختيار المرشحين وتشكل الائتلافات والتحالفات. ثم يدفع بشخصية أمنية مثل اللواء سيف اليزل ليشكل تحالفا يهيمن على البرلمان ويقود الأغلبية فيه؟ ولماذا يتم ذلك على الدوام بصورة معلنة. أدري أننا بلد لا يستطيع الأمن فيه أن يبقى بعيدا عن السياسة، ولكنني أستغرب العلانية في إدارة المشهد السياسي، والمدى الذي ذهبت إليه تلك الأجهزة في إثبات حضورها في مختلف مراحله. المدهش في الأمر أن الأجهزة الأمنية لم تكن مضطرة إلى كل ذلك، لأن الأغلبية الساحقة من المرشحين إما أنهم من مؤيدي الرئيس السيسي أو أن مصالحهم مرتبطة بذلك التأييد. لم يعد الحديث عن وجود معارضة داخل المجلس واردا لأسباب لا تخفى على اللبيب، لذلك فإننا أصبحنا نتكلم عن مجلس نيابي تمارس فيه الموافقة بذكاء وحنكة وليس بفجاجة محرجة وفاضحة».

رقم قومي للحمير

ولم يكد زميلنا الرسام في مجلة «روز اليوسف» الحكومية سمير يسمع كلمة الأغلبية الساحقة حتى قال إنه شاهد في أحد الشوارع بعد قرار اقتراح وضع رقم قومي لكل حمار حمارين سأل أحدهما: – أحنا كتير

فرد الثاني: الأغلبية.

عبد القادر محمد علي:

ليتني لم أغضب من أجل خالد يوسف

وسنظل في دائرة المعارك الخاصة بأعضاء مجلس النواب وما أثارته معركة عضو المجلس والمخرج السينمائي الكبير خالد يوسف والإعلام عموما وانتهت بالصلح. وقال عنها زميلنا في «الأخبار» عبد القادر محمد علي في بروزاه اليومي «صباح النعناع»: «غضبت من أجل النائب خالد يوسف، عندما أهانه أحمد موسى وطعنه بقسوة في أخلاقه وشوه سمعته عامداً متعمداً، ثم اكتشفت أنني ساذج وعبيط، وكان ينبغي أن أتريث قبل التعاطف معه، خاصة أنه تنازل عن حقه وخذل كل الذين اعتقدوا أنه ينبغي وضع حد لتفشي الإعلام الكريه الذي أنجب أمثال موسى. آسف لأنني لم أدرك أنه في السياسة أي شيء يمكن قبوله أو التنازل عنه بكل بساطة حتى الكرامة !.

تبديل المواقف حسب المصالح

وفي «الأخبار» أيضا قال زميلنا وصديقنا عبد القادر شهيب رئيس تحرير مجلة «المصور» الأسبق في مقاله الأسبوعي في الجريدة: «عجبت لمن انحاز ضد المخرج والنائب خالد يوسف بعد بلاغ سيدة وزوجها تتهمه فيه بالتحرش بها، وانطلق يهدد المخرج بفضحه أكثر ولا يبالي بأنه يتدخل في أمر معروض أمام النيابة.. وفجأة يعتذر له ويبشر المخرج بأنه سوف يسانده ويدعمه! وعجبت لمن انشغل خلال شهور طويلة مضت بالهجوم على رجل أعمال شهير متهما إياه بكل النقائص والمثالب، وجعل منه هدفا مختاراً يسعى للنيل والتشهير به.. وفجأة يتوقف عن ذلك ويعلن أنه يمد يده لرجل الأعمال للتصدي لما سماه محاولات السيطرة على البرلمان! وعجبت لمن خرج ليهاجم إعلاميا متهما إياه بأنه خان زميلا له عندما تم حبسه في قضية خاصة وتخلى عنه، وفجأة يتصالح الجميع، الإعلاميان والذي كان يدافع عن أحدهما ويهاجم الآخر. ليس مقبولا أن يحاول أصحاب تبديل المواقف إقناعنا أنهم يفعلون ذلك انطلاقا من مبادئ معينة أو لإيمانهم بمبادئ محددة، فالأمر هنا لا علاقة له بأي نوع من المبادئ وإنما له علاقة فقط بالمصالح وتحديداً المصالح».

أين تقف حرية الإعلام؟

أيضا قال زميلنا في «الأخبار» محمود عطية: «على طريقة «عيب كده» خرج علينا بيان غرفة صناعة الإعلام، بعدما بث أحد مقدمي البرامج الفضائية صورا للحياة الخاصة لمخرج شهير، أتعجب لماذا لم تتنحرر غرفة صناعة الإعلام قبل ذلك حين تم التمثيل بجثة ثورة يناير/كانون الثاني، عبر إذاعة العديد من التسجيلات المسيئة لشباب الثورة على فضائية ثانية، ولم نعرف مصدر تلك التسجيلات ومدى مشروعيتها. هل كانت غرفة صناعة الإعلام تخشى شيئا؟ أم على رأسها بطحة حين سكتت عن ذلك؟ الغريب أن مقدم الصور المخلة فجأة ظهر معتذرا عما بثه لنا من صور، وتعلو وجهه حكمة العفو عند المقدرة، وكأن مجرد اعتذاره يضع حدا للجريمة الأخلاقية، ويا دار ما دخلك شر… ولا أفهم بالضبط ما نوع الاستفادة التي تعود علينا كمشاهدين حين نشارك مقدمي الفضائيات تلصصهم وتجسسهم على حياة المواطنين الخاصة؟ أيريدون إيهامنا بأن ما يبث من فضائح، حرص على الشرف والأخلاق؟ أم من باب حرية الإعلام، وبالتالي إخافة المسؤولين حتى يعيقوا التصديق على القوانين التي تؤيد حرية الإعلام المستقاة من الدستور؟

أبسط مبادئ حرية الإعلام هي الإحساس بالمسؤولية المجتمعية والحفاظ على تماسك المجتمع وتحرره من الخوف والرهبة وتأكيد سيادة القانون وضمان الحياة الخاصة وحقها في عدم الخوض في ما يعنيها. بالتأكيد ما تم بثه وإذاعته هي الفوضى بكل ما تحمل من معنى ولا تمت لحرية الإعلام في شيء.. وعيب كده..».

ومن المعروف أن غرفة صناعة الإعلام تضم أصحاب القنوات الفضائية والصحف الخاصة.

«هيصة البحث عن لايكات»

ويوم الخميس قال زميلنا وصديقنا ورئيس التحرير التنفيذي لجريدة «اليوم السابع» أكرم القصاص: «حتى الإعلاميون والكتاب بعضهم أصبح يكتب بحثا عن «اللايكات»، وعن معجبين ينتظرونه على ناصية «فيسبوك أو تويتر» ويتصور أنهم الجمهور، والأمر كله مجرد نميمة، والنتيجة أن التأييد أصبح هيصة وتطبيلا ونفاقا، والمعارضة أصبحت شتائم وهجوما. يختفي الشخص الطبيعي الذي يمكن أن يرى الصح والخطأ، أو يتعامل بلا تهوين أو تهويل. والنتيجة أن كتابا كانوا مبشرين غرقوا في آبار البحث عن «لايكات» وفقدوا تأثيرهم وسط حالة من «الفحيح». لا أحد يتوقف يؤيد ما يستحق ويرفض ما يثير أو يقدم وجهة نظر وليس مجرد «تطبيل أو لطم»، والنتيجة أن السيادة لـ«الأكثر تهجيصا» وتطبيلا ولطما، وإذا كان النواب والسياسيون لهم سوابق في «التهجيص» فقد غرق كتاب وإعلاميون يزعمون الجدية في «هيصة البحث عن لايكات» معارضة أو تطبيلا».

«تسميم» الحياة بالفضائح والثأرات

وبسبب هذا التهجيص والتطبيل الذي أكتشفه أكرم وأخبر به زميلنا في «الأهرام» محمد حسين قال حسين يوم الأحد الأول من أمس: «كان الأجدر بهم أن يلتزموا الصمت وأن يغلقوا أفواههم الواسعة الشرهة تماما عن القذف والسب والتهديد والتحقير والتقزيم للآخرين والمختلفين والأعداء المحتملين. كان عليهم أن يتحلوا بقدر من الذكاء يسمح لهم بأن يدركوا حقيقة وطبيعة مرحلة سياسية، أذنت لهم بالبقاء والعمل وتصدر المشهد كان يجب على بعض السياسيين والإعلاميين، الذين يتصدرون الآن المشهد العام ويثيرون حالة صخب تفقد المجتمع تركيزه وتصرف الاهتمام عن القضايا الضرورية بالإضافة إلى «تسميم» الحياة بالفضائح والثأرات والدناءات. كان يجب على هؤلاء أن يحمدوا الله كثيرا على أنهم مازالوا يحتفظون برؤوسهم فوق أكتافهم، ومازالوا يجلسون فوق ثرواتهم ويمارسون حقوقهم كاملة، كما كان يجب عليهم أيضا أن يمتنوا لهذا الشعب «الطيب» الذي سمح لهم بالعودة مرة أخرى، من دون حساب حقيقي باعتبارهم من «مخلفات» مشروع الفساد الذي كاد يدمر مصر. هؤلاء جديرون بنوع خاص من الصمت مثل صمت «محجوب عبد الدايم» في فيلم «القاهرة 30» رائعة المخرج الراحل صلاح أبو سيف عن رواية نجيب محفوظ «القاهرة الجديدة» ومن المفارقة أننا اليوم نحتاج أن نستبدل قاهرة جديدة بقاهرة الفضائح الرخيصة والوجوه القبيحة».

تجديد الخطاب الديني والنفخ في قربة مقطوعة

وإلى معركة مختلفة فيها مسحة من التدين والإيمان، فقد عاد أستاذ الطب والكاتب الدكتور خالد منتصر في عموده اليومي في جريدة «الوطن» (خارج النص) إلى مهاجمة شيخ الأزهر بقوله عنه يوم الثلاثاء الماضي: «نشرت جريدة «الوطن» خبراً عنوانه «الطيب يراجع مؤلفات الشيعة لكشف الخرافات والرد عليها». وأكد الخبر على أن الشيخ الطيب يشرف بنفسه على تلك المراجعة وقد بدأها بعشرين كتاباً ومرجعاً شيعياً. ونحن ندعو الله أن يوفقه في تلك المهمة المقدسة، وأهمس في أذن فضيلته أن هناك مهمة أخرى أرجو ألا ينساها في غمار اهتمامه وانشغاله بمراجعة كتب الشيعة، وهي مهمة مراجعة كتب الأزهر نفسها! وأطلب من الإمام الأكبر طلباً متواضعاً نحتاجه جميعاً في ظل تجييش الجيوش الأزهرية لوقف المد الشيعي الرهيب الذي يتكاثر في مصر بمعدل نصف فرد كل قرن. أطلب منه وعلى استحياء وقف المد الداعشي أولاً. يقول الخبر إن الشيخ الطيب صرّح بأن تلك الكتب الشيعية تهدف «إلى إثارة أهل السنة ليقوموا بأفعال غير مسؤولة»! أذكّر سيادته وأكيد الإمام الأكبر لا يحتاج مني أن أذكّره بأن هذا الشباب المثار الذي يقوم بأفعال غير مسؤولة ويقتل فينا وفي قضاتنا وشرطتنا لم يقرأ كتاب «الكافي» الشيعي، بل هم جميعاً قرؤوا ابن تيمية السني والقرضاوي السني وسيد قطب السني، وخريج الأزهر د. عمر عبد الرحمن السني، وعقيدة الولاء والبراء في المراجع السنية والتفسيرات والأحاديث التي تعتمد عليها للأسف «داعش» في الذبح والقتل. وأنتقل من فضيلة الإمام إلى فخامة الرئيس أرجوك يا رئيس مصر بالنسبة لما أطلقت عليه تجديد الخطاب الديني ما دمت تطالب الأزهر بذلك فأنت تنفخ في قربة مقطوعة».

إمكانات الأزهر وآلياته في الطرح والمواجهة ضعيفة

لا.. لا الرئيس لا ينفخ في قربة مقطوعة والأزهر بخير وله جنود يدافعون عنه ومنهم الدكتور حسام عقل، الذي قال يوم الأحد أيضا في مقال له في جريدة «المصريون» الخاصة مهاجما الرئيس بطريقة غير مباشرة: «لم يكن خطاب السيسي في الجمع الأزهري الأحدث على هامش الاحتفال بالمولد النبوي بعيدا عن هذه الإيحاءات والظلال. ففي حشد يضم مئتين وخمسين عمامة (مئة من دعاة القاهرة، ومئة من دعاة الجيزة، و خمسين من دعاة القليوبية) وهم بكامل الزي الأزهري، واصلت السلطة لعبة التفاصح وممارسة الأستاذية الزائدة وصب دش اللوم والتوبيخ على الأزهر، لأنه لم يقم بدوره في ما سماه الخطاب الرئاسي: «تصويب الخطاب الديني». لا أنكر أن شريحة من رجال الأزهر وقياداته لعبوا دورا جذريا في الوصول بالأزهر إلى أن يصبح بمثابة (الكلأ المباح) أو منطقة الاستباحة المطلقة التي يتبارى جميع المغامرين من يستحق ومن لا يستحق في شراء البطولات الموهومة على حسابها، أو بالخصم من رصيد كرامتها، فقد كان يتعين في المراحل التاريخية الحاسمة أن تكون مواقف الأزهر الذي نحبه منذ نعومة أظفارنا أشد جسارة ووضوحا، وأكثر تأهيلا من الوجهة الشرعية، لكن لعبة الاستباحة في تقديري كانت أضخم بكثير من إمكانات الأزهر وآلياته في الطرح والمواجهة، بدءا من خطاب درامي وسينمائي مضى في طريق التحقير المنظم للشخصية الأزهرية والسخرية المرة من عمامتها منذ فيلم «ليلى» للممثلة عزيزة أمير عام 1927 حتى الآن، ومرورا بالنكات القديمة المصنعة في غرف النخب اللادينية المتطرفة لإقصاء هذه المؤسسة تماما عن المشهد وعشرات المواقع والمؤسسات الإعلامية والصحافية، التي لن تكون آخرها صحيفة «المقال» لإبراهيم عيسى، وهي الصحيفة التي جعلت من الأزهر تقريبا العدو الأوحد للمصريين، في مسلسل استباحة يومي لا يتوقف!».

الظرفاء

وأخيرا إلى الظرفاء وزميلنا وصديقنا فؤاد معوض وقوله في بابه في جريدة «الفجر» الأسبوعية الخاصة التي تصدر كل خميس:

«- هيئة التنقيب عن الآثار عثرت الأسبوع الماضي على متفرج مدفون تحت كراسي سينما مترو في شارع طلعت حرب، كان قد نام أثناء عرض فيلم تامر حسني وغادة عادل «أهواك»، ويبدو أنه ظل نائما في مكانه لأكثر من أربعة أسابيع حتى تم فيها رفع الفيلم واستبداله بفيلم جديد، كانت قد استطالت فيها لحيته ونسج حوله العنكبوت ثوبا كثيفا بل باض وأنجب الكثير من صغار العناكب.

- تأخرت نجلاء بدر عن حضورها حفل افتتاح فيلمها الجديد «قدرات غير عادية» فأرسلت بدلا منها من ينوب عنها وهو «المايوه البكيني» الذي ظهرت به في الفيلم، والذي راحت توصيه أي المايوه، قائلة له، «ما تتأخرش بالليل وأنت راجع».كلمات مفتاحية :


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف

أضف تعليقك

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.