&صنعاء&
&&
في تطور دراماتيكي استكملت جماعة الحوثيين أمس انقلابها على المسار الانتقالي في اليمن، عبر «إعلان دستوري» جاء بعد ساعات على انهيار المفاوضات مع القوى السياسية، متضمناً حل البرلمان وتشكيل مجلس وطني بديل من 551 عضواً، ينتخب مجلساً للرئاسة من خمسة أعضاء لإدارة البلاد تحت رقابة «اللجنة الثورية» الحوثية لمدة عامين انتقاليين، تنفّذ خلالهما مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية.
وقضى إعلان الحوثيين بأن يتولى مجلس الرئاسة تكليف حكومة جديدة، كما منح «اللجنة الثورية» التابعة للجماعة صلاحية مطلقة للموافقة على اختيار أعضاء المجلسين الوطني والرئاسي والرقابة المباشرة على أداء الحكومة، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد كل التهديدات.
ونص الإعلان على صدور «إعلان دستوري مكمل» من قبل «اللجنة الثورية» الحوثية يحدد مهمات واختصاصات المجلسين. كما أكد حماية الحقوق والحريات، وحسن الجوار بين اليمن والدول الأخرى في ما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وفي أول رد على «الإعلان الحوثي»، أكد محافظ عدن عبدالعزيز بن حبتور رفضه، معتبراً إياه «انقلاباً كاملاً» غير ملزم لبقية المحافظات، فيما عقدت قيادات «في الحراك الجنوبي» اجتماعاً لرفض الإعلان، وخرجت تظاهرة حاشدة ضده في مدينة تعز. كما أصدر «شباب ثورة فبراير» (2011) بياناً اعتبر «صنعاء عاصمة محتلة من مليشيات مسلحة طائفية اغتصبت السلطة وقوّضت الدولة اليمنية».
وفي مأرب الغنية بالنفط أعلنت سلطاتها رفض التصعيد الحوثي، وأكدت قبائل المحافظة استعدادها لمواجهة كل الاحتمالات، كما أعلن حزب «المؤتمر الشعبي» (حزب علي صالح) أنه يعقد اجتماعاً للجنته العامة (المجلس السياسي) لدرس التطورات وإعلان موقف من الإعلان «الدستوري» الحوثي.
وفيما دعا ناشطون إلى التظاهر في كل مدن اليمن اليوم رفضاً لإعلان الحوثيين، كشفت مصادر حوثية أمس، عن أن وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة اللواء محمود الصبيحي سيعقد اجتماعاً للجنة الأمنية اليمنية العليا برئاسته من أجل حفظ الأمن والاستقرار.
وأفيد بأن واشنطن أكدت رفضها خطوات الحوثيين أمس، وبثت «قناة العربية» بأن جماعتهم أطلقت الرصاص على تظاهرة في جامعة صنعاء.
ودعت الجماعة أنصارها إلى الاحتفال وإطلاق الألعاب النارية في صنعاء والمدن الأخرى لمناسبة صدور «الإعلان الدستوري»، الذي حضر مراسمه إلى جانب وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة المستقيلة، رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات) اللواء حمود الصوفي.
وكانت المفاوضات التي رعاها المبعوث الأممي جمال بنعمر بين الحوثيين والأطراف السياسية اليمنية انهارت فجأة في وقت متقدّم ليل الخميس، بعدما توصلت إلى توافق مبدئي على تشكيل مجلس رئاسي من خمسة أعضاء، ترأسه شخصية جنوبية ويتولى إدارة البلاد لمدة سنة.
وقالت مصادر حزبية مطلعة لـ «الحياة» ان سبب انهيار المفاوضات جاء بعد اشتراط حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) ترتيب الوضع الأمني للعاصمة صنعاء قبل أي اتفاق، وانسحاب مسلحي الحوثيين الذين يسيطرون على كل مفاصل الدولة، وهو ما رفضه الحوثيون، وأدى إلى انسحاب ممثل التنظيم الشعبي الناصري، ورفع جلسة المفاوضات إلى السبت».
وأعلنت مصادر حوثية بعد انتهاء المشاورات، أن التوافق على حل للخروج من أزمة الفراغ الرئاسي والحكومي، وصل إلى طريق مسدود، وأن الجماعة ماضية في التحضير لـ «إعلان دستوري» بالتزامن مع مغادرة جمال بنعمر اليمن.
وأغلقت الجماعة الشوارع الرئيسة في صنعاء وطوّقت وسط المدينة، فيما أُجرِيت مراسم «الإعلان الدستوري الحوثي» عبر بث تلفزيوني مباشر من القصر الجمهوري، في حضور قادة عسكريين وحزبيين من أنصار الجماعة ومن الموالين لحزب «المؤتمر الشعبي» الذي يتزعمه الرئيس السابق علي صالح.
وشوهد ضمن الحضور اللواء محمود الصبيحي، وقائد القوات الجوية اللواء راشد الجند وقائد المنطقة العسكرية الأولى عبدالرحمن الحليلي.
وألقى القيادي في «الحراك الجنوبي» حسن زيد بن يحي الموالي للجماعة كلمة باسم الحراك، أكد فيها رفض أي تدخل خارجي في شؤون الجنوب، قبل أن يتولى أحد المذيعين في التلفزيون الحكومي قراءة «الإعلان الدستوري الحوثي» الذي جاء موقعاً باسم قائد «اللجنة الثورية»، محمد علي الحوثي، الشخصية التي فضّل زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي أن يوكل إليها مهمة استكمال الانقلاب.
ونص إعلان الحوثيين على استمرار العمل بأحكام الدستور النافذ ما لم تتعارض أحكامه مع إعلانهم، مؤكداً أن «اللجنة الثورية العليا» هي المعبّر عن الثورة وتتفرع عنها لجان ثورية في المحافظات والمديريات». وأضاف: «يُشكل بقرار من اللجنة الثورية مجلس وطني انتقالي عدد أعضائه 550 يحل محل مجلس النواب». وسيتولى رئاسة الجمهورية مجلس رئاسة من خمسة أعضاء ينتخبهم المجلس الوطني وتصادق على انتخابهم «اللجنة الثورية»، فيما يكلف مجلس الرئاسة من يراه لتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات الوطنية. كما نص على تفويض «اللجنة الثورية» كل «الإجراءات والتدابير لضمان سيادة الوطن وأمنه واستقراره، وضمان حرية المواطنين وحقوقهم».
وحدد الإعلان سلطات الدولة الانتقالية بمدة أقصاها عامان «لإنجاز مهمات المرحلة الانتقالية وفق مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة، ومنها مراجعة مسودة الدستور وسن القوانين تمهيداً لانتقال البلاد إلى الوضع الطبيعي».
ويُتوقع أن تواجه سيطرة الحوثيين على السلطة معارضة شديدة في الأوساط السياسية والحزبية والمكونات القبلية، بخاصة في المناطق الجنوبية التي تتصاعد فيها مطالب الانفصال عن شمال اليمن.
&
التعليقات