سلمان الدوسري
28 يومًا احتاجتها عاصفة الحزم لتحقيق أهدافها المعلنة في 26 مارس (آذار) الماضي عند انطلاقها. قالتها دول التحالف في اليوم الأول وكررتها طوال أيام المعركة، وأكدتها أمس مع نهاية العاصفة: الحرب في اليمن ليست غاية، بل وسيلة لحماية الشرعية، وردع ميليشيا الحوثيين، ومنع تهديدهم للدول المجاورة، بل إن دول التحالف لم تنهِ عملياتها العسكرية بمجرد تحقيق الأهداف التي ذكرتها فحسب، فهي أيضا أثبتت حرصها على الشعب اليمني، بمواصلة دعمها عبر مشروع اقتصادي وإنساني يمر من بوابة عملية إعادة الأمل التي أعلنتها قوات التحالف أمس. الحقيقة لا أحد يحب الحروب أو يرغب فيها أو يؤيدها، لكن دلّوني على تحالف يشنّ حربًا، ثم يردع بيد ويبني باليد الأخرى؟!
كان واضحًا طوال فترة عاصفة الحزم أن دول مجلس التعاون الخليجي، تعمل وفق استراتيجية دبلوماسية تتزامن في مسار واحد مع الضربات العسكرية، حتى إذا حققت الأهداف المرسومة من الضربات الجوية تكون الظروف مواتية لأن تعود القوى اليمنية للحوار، وهو ما تم خلال الجهود الجبارة التي قامت بها لاستصدار قرار مجلس الأمن 2216 على الرغم من العقبات الجمّة التي كادت تعرقل القرار أكثر من مرة. بالطبع هذه المرة لن يكون الحوار على وقع انقلاب الحوثيين الذي أصبح من الماضي، بل وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، بعد أن رسخ قرار مجلس الأمن الأرضية المناسبة للحوار بين الفرقاء اليمنيين، وأقر أنهما وحدهما من سيتحاور بناء عليهما اليمنيون.
الكرة الآن رُميت في ملعب القوى اليمنية المختلفة التي تركت الساحة بأكملها لميليشيا الحوثي تسيطر سياسيًا وعسكريًا على اليمن، نفس القوى اليمنية التي أسقطت الرئيس المخلوع بعد 33 عامًا قضاها متشبثًا بالسلطة في بلاده، ظلّت تتفرّج والحوثيون يقضمون اليمن قطعة تلو الأخرى، للأسف الغالبية منهم كانوا بانتظار إلى من تميل الكفة فيميلون معها، غير عابئين بالنفق المظلم الذي سيدخله اليمن، إذا ما تمكّن منه الحوثيون، وليت القوى والأحزاب السياسية اليمنية تكون قد استوعبت الكارثة التي تسبب بها المتمردون الحوثيون، عندما لم يقف غير القلة من المخلصين من أبناء اليمن أمام انقلابهم وتمردهم.
ميدانيًا وفي أعقاب إيقاف عمليات عاصفة الحزم العسكرية، ستواصل قوات التحالف فرض سيطرتها الجوية والبحرية خلال الفترة القادمة، لضمان تمكن الشرعية اليمنية من العودة لممارسة سلطاتها، بعد أن انقلبت عليها الميليشيات التابعة للحوثيين وللرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، حتى هذه اللحظة وعلى الرغم من تمرد الحوثيين وانقلابهم وتسببهم بدخول بلادهم لحرب، فإنه لم يتم استبعادهم من العملية السياسية كمكوّن من المكونات اليمنية التي لها حضور على الأرض، بيد أنه إذا واصل الحوثيون تمردهم وإصرارهم على استخدام القوة ضد باقي القوى السياسية وضد المدنيين من الشعب اليمني، فلا يكفي لعاصفة الحزم القيام بردعهم فقط،، وإنما لا بد أن يعوا أن الفرصة ليست قائمة إلى ما لا نهاية، إما عودتهم عن الاستقواء بالخارج واستخدام القوة العسكرية، أو يتم استبعادهم من العملية السياسية، ويعاملون كجماعة محظورة خارجة على القانون، خصوصا أن وضعهم السياسي والعسكري لم يعد كما كان قبل عاصفة الحزم، التي نجحت في تدمير ترسانتهم العسكرية وقطع روابطهم الخارجية مع إيران.
إيران لن تكف أذاها عن اليمنيين ولو قامت 100 عاصفة حزم أخرى، النظام الإيراني لن يرتدع ويوقف تدخلاته في الشأن اليمني، إلا بقطع إمداداته وإيقاف تدخلاته.
التعليقات