حسن بن سالم

في أقل من 100 يوم على توليه الحكم، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قرارات، وأجرى وأحدث تغييرات لم يكن أحد يتوقع أن تتم في سنوات أو أعوام، الـ100 يوم كانت كافية للتأكيد على أن المملكة العربية السعودية في عهد سلمان بن عبدالعزيز لم تعد فقط على أعتاب عهد مغاير وجديد، وإنما شهدت ولادة الدولة السعودية الرابعة.

&

قرارات وتغييرات عدة جرت في وقت قصير، توجت بالقرارات الأخيرة التي خالفت العرف السائد والمعمول به خلال العقود الماضية، والتي كانت تأخذ في الاعتبار الترتيب العمري في التعيينات، ولاسيما في تعيينات أهل الحكم؛ بوضع «الجيلين الثاني والثالث» من الأسرة الحاكمة على الطريق في قيادة المملكة، وتسلم مقاليد السلطة مباشرة وأن يعملا في الواجهة، بعد تدرج في مختلف المناصب القيادية والإدارية، بصورة قطعت الطريق على كل المتاجرين بوجود خلاف داخل الأسرة المالكة، في ما يتعلق بانتقال السلطة من جيل الأبناء إلى جيل الأحفاد، وإذا كان السعوديون قد أفاقوا قبل أسابيع على قرار «عاصفة الحزم» فهم قد أفاقوا منذ أيام على عاصفة بناء الوطن.

&

ففي سابقة هي الأولى من نوعها، اتخذ الملك سلمان قراره بتعيين الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، ليكون أول حفيد يتولى هذا المنصب الرفيع الذي بموجبه يدخل نظام الحكم في المملكة مرحلة جديدة مختلفة، فرضتها ظروف الحاضر وتحديات المستقبل والآمال العريضة التي ينشدها الشعب من ملكٍ شغلُه الشاغلُ خدمةُ شعبه، ووضعه على طريق التقدم والرقي والرخاء، فمحمد بن نايف شخصية قيادية كان لها الدور الأبرز والأكبر في مكافحة الإرهاب على مدى العقدين الماضيين، وحفظ الأمن والاستقرار، كما اتخذ الملك قراره بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد، بعد تأييد الغالبية العظمى من أعضاء هيئة البيعة لاختياره لهذا المنصب، إضافة إلى مهامه الأخرى، إذ ثبت لدى غالبية أعضائها امتلاكه لكفاءة وقدرات عالية، آخرها قيادته وإدارته لـ«عاصفة الحزم»، وكلها كانت كافية لأن يكون أهلاً لهذا المنصب، وقد بدَّد الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد السابق، والذي أُعفي بناءً على طلبه، كل الشكوك والأكاذيب حول وجود أي خلافات أو انقسامات داخل الأسرة الحاكمة، بتقدمه المبايعين لولي العهد الجديد، الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.

&

جملة القرارات الأخيرة، وما سبقها من قرارات وتعيينات كانت سمتها البارزة «الأكفأ هو الأنسب»؛ إذ رسَّخ الملك سلمان من خلالها مبدأ الأصلح والأكفأ لتولي المسؤوليات الكبرى، حتى إنه لم يجد غضاضة في تبديل وزراء لم تمضِ أسابيع معدودة على تسلمهم مناصبهم؛ لوجود تقصير في أدائهم، فالحزم لن ينجو منه كل مسؤول مقصر؛ لأن المواطن هو على رأس الأولويات.

&

هذه القرارات أسهمت في إعادة ترتيب البيت الداخلي في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، وتعكس بشكل واضح حجم الاستقرار السياسي الذي تشهده المملكة وتكريس هيبة الدولة، فمن جهة تستعر حرب في سورية والعراق اتخذت منحى طائفياً مع نشوء تنظيم داعش، وفي الجنوب انفجر الوضع في اليمن بين الأطراف السياسية، قادت المملكة على إثرها حملة عسكرية ضد المسلحين الحوثيين؛ لاستعادة الشرعية، إضافة إلى ما يهدد الداخل من إرهاب تنظيم داعش الذي يستهدف ضرب الأمن والاستقرار في المملكة، وهو ما جعل المملكة تتسلم زمام المبادرة، وأن تكون هي صاحبة الكلمة الأولى في التغيير بالمنطقة، وأن يكون نهجها هو إعادة الأمن والاستقرار.
&