محمد خروب
&
سواء صدّقنا حيدر العبادي ام تجاوبنا مع الناطقة باسم قوات التحالف «الدولي» التي قالت إن تكريت لم تُحرّر بالكامل وما يزال داعش يسيطر على أحياء منها ويحتاج الأمر إلى وقت لطردهم، فإن الحقيقة الميدانية تقول إنه تم كسر شوكة هذا التنظيم الاجرامي في تلك المدينة «الاستراتيجية» التي تتحكم في شريان طرق رئيسة أهمها انها تقطع الطريق على داعش للابقاء على التواصل بين مركز محافظة نينوى (الموصل) ومحافظة الانبار، فضلا عمّا يُقال من أنها (تكريت) تشكّل معقلاً «بعثياً» وجلّ هؤلاء من أنصار الرئيس الراحل صدام حسين والذين بدورهم يتعاطفون مع داعش، أو يشكّلون حلفاً معها (على ما يقول خصومهم في الأوساط الحكومية العراقية أو اؤلئك الذين يشكلون القوة الرئيسية في قوات الحشد الشعبي).
&
هل قلنا قوات الحشد الشعبي؟
&
نعم، فالجدل العنيف المحمول على اتهامات عديدة تَغْرِفُ كلها من معين الشحن الطائفي والمذهبي الذي يفتك بالعراق (وغير العراق كما نلحظه الآن جيداً في المنطقة العربية )، دار حول طبيعة الدور الذي تلعبه هذه القوات المؤلفة في معظمها من تيارات وحركات وأحزاب شيعية، فيما يشكّل متطوعو العشائر العراقية السُنيّة (أو قلّ أبناء تلك المنطقة) نسبة ضئيلة فيها، ما يثير (وفق أقوال المُشكّكين أو الشامتين أو المُهوّلِين الذين لا رهان لهم سوى اندلاع مواجهات مذهبية تغذيها بالطبع آلة إعلامية ضخمة تتحدث عن مجازر وتجاوزات وحملات انتقام تقارفها الميليشيات الشيعية «كما يصفونها» ضد أهالي تكريت وقضائها الذين هم في معظمهم سُنييّ المذهب).
&
هنا.. وبعد أن وصلت الأمور (أو كادت) إلى نقطة اللاعودة، وبدأ الأمر وكأنه اجتياح شيعي لمناطق السُنّة (الواقعة فعلاً تحت سطوة داعش) دخل التحالف الدولي، الذي اسهم بدوره في اشعال المخاوف المذهبية وضخّم من بعض التجاوزات أو الجرائم التي ارتكبها بعض أفراد هذه القوات التي تقاتل إلى جانب الجيش العراقي وقوات الشرطة، نقول: دخل التحالف الدولي على خط «تكريت» واعلن انه «سيُلبي» نداء الحكومة العراقية وسيُشارك في قصف داعش داخل تكريت وطرق امدادها, ما دفع المتطرفين في قوات الحشد الشعبي الى الانسحاب من «معركة التحرير» لانهم لا يريدون أن يكونوا شركاء مع التحالف في هذه المعركة بل هناك من قال منهم (هادي العامري زعيم قوات بدر) ان التحالف يريد سرقة «الانتصار» الذي حققته قوات الحشد الشعبي بالمشاركة مع الجيش والشرطة العراقيين.
&
ما علينا..
&
تكريت خرجت او في طريقها الى الخروج من دائرة المناطق الجغرافية الواسعة التي سيطر عليها داعش قبل نحو من تسعة اشهر (10حزيران 2014) بعد ان نجح في اجتياح الموصل ومعظم محافظة نينوى قبل ان يواصل «مهمته» نحو بغداد (جنوباً) واربيل عاصمة اقليم كردستان (شمالا) وفي الطريق سيطر على محافظة صلاح الدين وتكريت عاصمتها بالطبع, لكن هزيمة داعش النهائية لم تتم بعد, فالموصل هي الجائزة الكبرى وما يحتاجه العراق من عديد وعدة ودعم لوجستي واستخباري وميداني في معركة تحرير الموصل, سيكون اكبر وبأضعاف عديدة مما احتاجته مدينة صغيرة نسبياً مثل تكريت, فضلاً عما تشكله عملية استعادة الموصل من رمزية سياسية ونفسية وخصوصاً عسكرية, ناهيك عن الانجاز الكبير الذي سيتمثل في السيطرة على الحدود العراقية السورية «السائبة» الان والتي يتمتع داعش فيها بحرية كبيرة لنقل امداداته وعناصره او للمناورة والاختفاء في محافظة الرقة المجاورة (مقر الخليفة ودولته المزعومة)..
&
فهل يمكن لمثل هذه الاهداف أن تتحقق في وقت يصل فيه الصراع الاقليمي ذروته وهزيمة داعش او اجبارها على الانسحاب من الموصل ستكون ربحاً صافياً للمعسكر «الايراني» كون قوات القدس والحرس الثوري الايرانية مشاركان فاعلان في معركة تحرير تكريت، اضافة الى ان تحرير الموصل سيمكّن طهران من فتح خط «إمداد» برّي مضمون نحو سوريا.. ناهيك عن ردود الفعل الغاضبة بل الرافضة لاسهام قوات التحالف الدولي في معركة «فاصلة» كهذه, قبل أن تنضج معادلة التحالفات والاصطفافات الاقليمية الجديدة، التي يتوقع كثيرون ان تتبلور قريباً بعد انتهاء «عاصفة الحزم» ضد اليمن, بهذا الشكل.. أو ذاك!
&
اين من هنا؟
&
سيبقى سؤال «الموصل» قائماً دون جواب, في المديين القريب والمتوسط لأن.. العراق يستطيع الانتظار, لكن عواصم اقليمية تبدو في عجلة من أمرها ولكن ليس في اتجاه الموصل.
التعليقات