فواز العلمي
يتوجب علينا اختيار فريق إعلامي سعودي من 100 خبير في تخصصات العلوم السياسية والعسكرية والقانون الدولي والاقتصاد والتاريخ وحقوق الإنسان، يتقنون اللغات الأجنبية ويجيدون فن الحوار وتوضيح الحقائق
&
لكل من يعتقد أن المملكة محصنة ضد الحروب الإعلامية، وأننا نمتلك القدرات التحاورية الداعمة لمواقفنا السياسية الرسمية، عليه قراءة الصحف العالمية التي فاق عددها 24 مليون صحيفة ورقية ومئات الملايين من الصحف الإلكترونية، ليجدها خاليةً من الرؤية العربية والمقالات المتزنة التي تحاكي العقول الغربية وتوضح مواقفنا الحقيقية. بل عليه متابعة القنوات الإعلامية العالمية التي فاق عددها 7650 فضائية، أو القنوات العربية التي تخطت عتبة 1320 فضائية منها 702 قناة حكومية، أو القنوات الشيعية الفارسية التي تبث سمومها الطائفية عبر 22 قناة رسمية و7 قنوات مرتزقة، ليقتنع بأن أبواق الحقد وفلول الضلال تصب حِممها على عاصفة الحزم نهارا جهارا دون هوادة.
فمع بداية موسم "الربيع العربي" أواخر عام 2011، وارتفاع وتيرة النزاعات الطائفية والصراعات المذهبية، الذي أضرم فتيلها ولاية الفقيه وملالي إيران منذ أكثر من 3 عقود، بدأت في منطقتنا العربية مرحلة جديدة من المتغيرات الإعلامية والتحديات المعلوماتية.
اليوم أصبحت منطقتنا أكثر مناطق العالم استثمارا في القنوات الفضائية الدينية التي فاقت قيمتها 6 مليارات دولار أميركي وتشكل 28% من عدد الفضائيات العربية المحكومة بأجندات استخباراتية للدول الداعمة لها، أو ذات أجندات دينية تخدم من يقف خلفها. واليوم غدت شعوبنا العربية أكثر شعوب الأرض عرضة لبرامج الرأي والرأي الآخر، لتزيد من حيرتهم وتضرم حدة شقاقهم وتفاقم وتيرة مهاترتهم.
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية اتفقت دول العالم على تفويض الإعلام لخوض حروبها الضارية، فأوكلت إلى القنوات الفضائيات مهمة محاورة خصومها وتعضيد مواقفها، ومنحت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي حقوق توثيق قضاياها ونشر مشاريعها ومقاومة مناهضيها. وأصبحنا اليوم نعيش حروبا إعلامية فضائية مبتكرة، ونواجه أقلاما صحفية إنشائية خلاقة، ممزوجة بالأكاذيب والتحايل والتلاعب والتضليل، لتزيد من قلة حيلتنا وتقلق مضاجعنا وثير امتعاضنا واعتراضنا.
لذا يتوجب علينا التصدي لهذا الزحف الإعلامي وخوض معركته للدفاع عن قضايانا وتحصين مبادئنا وتوضيح مواقفنا، خاصة أننا نمتلك صحة دعوانا وكامل حقوقنا في الذود عن أوطاننا، مستندين في ذلك على القوانين الدولية والمعاهدات الإقليمية.
من هذا المنطلق، علينا تقع مسؤولية دخول ميدان الإعلام من أوسع أبوابه وعدم تجاهله، حتى لا تنفرد ساحته بجحافل الأعداء والمرتزقة والانتهازيين، وحتى لا يصبح مضماره مرتعا للهواة و"الغلابة" وقليلي الحيلة وضعاف الحجة، الذين أساؤوا إلى مواقفنا وخسروا معاركنا وأثلجوا صدور أعدائنا، وهذا يتطلب منا التصدي للحرب الإعلامية بحزم وقوة، وبكامل قدراتنا من خلال تنفيذ الخطوات العملية التالية:
أولا: اختيار فريق إعلامي سعودي مكون من 100 خبير في التخصصات الدقيقة للعلوم السياسية والعسكرية والأمنية والقانون الدولي والاقتصاد والتاريخ وحقوق الإنسان، على أن يكونوا ممن يتقنون اللغات الأجنبية بطلاقة، ويجيدون فن الحوار ولباقة الخطابة وتوضيح الحقائق. وتقوم وزارتا الخارجية والإعلام بالتعاون مع الجهات الأخرى بتدريبهم على كيفية الدفاع عن المواقف، وتفنيد المزاعم وفضح النوايا وكشف الحقائق عبر الوسائل الإعلامية المختلفة.
ثانيا: صياغة أوراق المواقف السعودية لكل موضوع على حدة، لتكون مدعمة بالحجج الدامغة والأرقام الموثقة، وتزويد الفريق السعودي من الخبراء بصورة منها لتنسيق مواقفنا الواضحة. ويتم ترجمة هذه الأوراق إلى اللغات: الإنجليزية والفرنسية والروسية والصينية والهندية والفارسية، تمهيدا لتوزيعها على وكالات الأنباء العالمية والفضائيات والصحف الدولية.
هذه المواقف يجب أن تكشف تلاعب وفضائح الأعداء وتورطهم في القضايا المصيرية للشعوب العربية عامة والشعب الخليجي خاصة.
ثالثا: دعوة الخبراء والمحللين الأجانب المشهورين في القنوات الفضائية والصحف العالمية العريقة إلى زيارة المملكة، ولقاء فريق الخبراء السعودي لمحاكاتهم باللغة التي يفهمونها، وإثراء معلوماتهم وتعديل آرائهم وتوجيه أنظارهم إلى الحقائق الدامغة التي لا تختلف عليها شعوب الأرض. ويتم خلال هذه اللقاءات توزيع نسخ من أوراق المواقف السعودية، ودعوتهم إلى نشرها والاقتداء بها في الحوارات التلفزيونية والصحف العالمية. كما يقوم الفريق السعودي بإجراء مناظرات وحوارات مع نظرائهم من أقطاب الفضائيات والصحف العالمية، لنقل الصورة الواضحة من خلال توجيه الإعلام لأحقية قضايانا وصحة مواقفنا.
رابعا: متابعة أعدائنا والمرتزقة المأجورين في القنوات الفضائية والصحف الورقية والإلكترونية للتعرف على مواقفهم المغلوطة، وتدوين معلوماتهم المضللة كحجة دامغة لدى مقارعتهم وفضح مواقفهم السياسية واعتقاداتهم الملتوية. فمثلا لا بد من الاستشهاد بمجلة "تايم" الأميركية، التي أقرت قبل 35 سنة بأن الثورة الإسلامية الإيرانية تمت بدعم مباشر من المخابرات الإسرائيلية، لزرع دولة شيعية في المنطقة ذات الأغلبية السنية، فنجحت في إثارة النزاعات الطائفية، ليستحق الخميني لقب رجل العام ويتصدر بصورته غلاف المجلة الأميركية عام 1980.
ولا بد أيضا من تفنيد مزاعم معاداة إيران لإسرائيل التي أطلقها الملالي لتضليل الشعب العربي وتوريط المذهب السني في دعم الإرهاب.
ففي الوقت الذي لم تطلق إيران، منذ ثورتها، رصاصةً واحدة تجاه إسرائيل منذ استباحت الميليشيات الإيرانية بإرهابها الطائفي كلا من العراق وسورية ولبنان واليمن. كما لا بد من فضح حقائق تورط إسرائيل في استثماراتها داخل الأراضي الإيرانية، التي فاقت 30 مليار دولار، والتي كشفتها صحيفة "يدعوت أحرنوت" الإسرائيلية.
ولا ننسى وثيقة "هآرتس" الإسرائيلية التي أكدت وجود 200 ألف جندي إيراني يهودي في إسرائيل، يتلقون تعليماتهم من مرجعهم في إيران الحاخام الأكبر "يديديا شوفط" المقرب من ملالي إيران.
لا تتجاهلوا قوة الإعلام في كسب قضايانا، وعلينا مواجهة الحملة الإعلامية بحزم العاصفة وعزم الصاعقة.
&
التعليقات