أيمـن الـحـمـاد


قصة القوات العراقية والهروب، أو كما يفضلون أن يطلقوا عليه "إعادة الانتشار"، مثيرة للاستغراب والتعجب. لقد بدا المشهد -الذي التقطته كاميرا أحد الهواة ومركبات الجيش تلوذ بالفرار أمام "داعش" في الرمادي- محبطاً ومقلقاً لأي عراقي، ويعيد للذاكرة يوم سقوط الموصل ثاني أكبر المدن العراقية، والأشد سوءاً وغرابة حالة الاستنجاد بما يُعرف بالحشد الشعبي.

قبل حوالي أربعة أسابيع فرّ الكثير من سكان الأنبار من بربرية "داعش"، لتصدهم أبواب بغداد ويمنعوا من الدخول، شريطة وجود كفيل، ما تسبب بحالة من الامتعاظ والاستياء داخلياً وإقليمياً، وكان بعض المسؤولين العراقيين قد وجهوا اللوم إلى بعض الشخصيات الأنبارية النافذة التي أفزعت أهالي الأنبار وروّعتهم وطالبتهم بالخروج؛ لأن "داعش" على الأبواب.. والحقيقة أن هذا التنظيم قد سيطر على أجزاء كبيرة من هذه المحافظة ماعدا منطقتي الحبانية التي تتواجد فيها القاعدة العسكرية، ومنطقة الملعب.. والأخيرة تمت السيطرة عليها فيما بعد من قبل "التنظيم".

استيلاء "داعش" بسهولة على المناطق السنية في العراق يضع علامات استفهام كبيرة حول ضعف وتراخي الأداء الأمني، خصوصاً أن الهجوم على الرمادي كان متوقعاً ويأتي بعد معارك تمت في تكريت وديالى.. إن الإهمال الذي يطال تلك المناطق بتسليمها لهذا التنظيم الوحشي وترك سكان الأنبار ليواجهوا مصيرهم ثم إغاثتهم بالحشد الشعبي سيئ السمعة، أمرٌ يستوجب محاسبة تقصير الحكومة العراقية، التي يجب ألا تنسى أن من أوقف "القاعدة" وقلّص تواجدها في العراق هم أبناء وعشائر وصحوات الأنبار التي قضى عليها نوري المالكي بعد أن أنجزت مهمتها الوطنية.

إن الرفض والسخط الذي تبديه حكومة العبادي من الحديث حول تسليح سنة وأكراد العراق غير مبرر في ظل عجز حكومته دفع خطر "داعش" عن أهم المدن العراقية، كما أن موافقة مجلس محافظة الأنبار دخول الحشد الشعبي لتحرير الرمادي هي موافقة "المستجير من الرمضاء بالنار"، وأن على الحكومة العراقية وواشنطن تحمّل مسؤوليات تهوّر هذه الميليشيات، المدعوم جزء كبير منها من طهران، وأن عودتها إلى ممارستها الطائشة والوحشية والطائفية من شأنه اتساع رقعة الصراع وتحوّله إلى حرب أهلية يوقد فتنة لا قدرة لأحد على احتوائها.
&